قال مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، أول أمس الخميس بالرباط، إن قرار المحكمة الجنوب إفريقية بشأن سفينة الفوسفاط المغربية قرار سياسي غلف بصيغ قانونية وقضائية. وأوضح الخلفي خلال لقاء صحفي عقب انعقاد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، أن هذا القرار المخالف للقانون الدولي «تشويش على مسار أممي يعمل على تسوية هذا النزاع، وانتهاك صريح للمقتضيات الخاصة بحرية الملاحة التجارية». وأضاف أنه «شكل تطورا خطيرا وغير مسبوق ذا بعد سياسي»، مؤكدا أن المغرب كان متأكدا من قوة وسلامة ملفه القانوني باعتبار أن الاستثمارات المسجلة على مستوى الأقاليم الجنوبية في ما يتعلق بالفوسفاط تتم في إطار القانون الدولي ومقتضيات السيادة الوطنية. وأشار إلى أن المكتب الشريف للفوسفاط قام بسلسلة من الإجراءات في هذا الشأن، حيث أصدر بلاغا باعتباره شركة مستقلة قائمة الذات لها حساباتها وسبق أن خضعت للتدقيق، «وأبرز، ليس فقط للمتعاملين معنا، بل أيضا للعالم حجم الاستثمارات التي تتم على مستوى الأقاليم الصحراوية الجنوبية وأثرها الإيجابي على الساكنة». وتابع بالقول إن هذه الاستثمارات جزء من استثمارات عمومية تتم وفق منظومة استشارية للساكنة على مستوى البرلمان، مشيرا إلى أن المنطقة ممثلة بأزيد من 50 برلمانيا نائبا ومستشارا، فضلا عن نسيج كبير من الجماعات الترابية، ومنظومة جهوية لها اختصاصات اقتصادية وتنموية وثقافية مباشرة. وأكد أن المغرب لا يمكن أن يقبل بأي مزايدات في هذا الموضوع، حيث سيتم اعتماد ودعم كافة الخطوات التي سيتم اتخاذها، «لأننا لم نكن أمام مجرد قضية سيبت فيها انطلاقا مما هو قضائي، بل إزاء قرار سياسي ظالم تجاه بلادنا». ولم يفت الوزير المنتدب التنويه بالقرار الذي اتخذ على مستوى بنما، والذي كان حاسما واحترم المقتضيات والقواعد المؤطرة لهذا الجانب. و في هذا الإطار أكدت مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط أن قرار محكمة جنوب إفريقيا القاضي بالبت في مضمون قضية حجز شحنة فوسفاط «فوسبوكراع»، يعد قرارا سياسيا محضا وتدخلا سياسيا سافرا في مسار مسلسل دولي يرعاه مجلس الأمن. وأوضحت المجموعة في بلاغ توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منه أول أمس الخميس، أن هذه المحكمة «خولت لنفسها حق الاختصاص في قضية دولية في تعارض صارخ مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي»، مبرزة أن «هذا القرار يعد تدخلا سياسيا سافرا في مسار مسلسل دولي يرعاه مجلس الأمن، ويشكل تجاوزا لمفهوم السلطة القضائية». لذلك، يضيف البلاغ، فإن المجمع الشريف للفوسفاط يطعن في شرعية وأهلية هذه المحكمة للخوض في موضوع يتجاوز اختصاصاتها، وينبه المجتمع الدولي إلى التهديد الذي يشكله هذا التجاوز على حرية وأمن التجارة الدولية. وللتعبير عن استنكاره لهذه المحاكمة واصطفاف المحكمة، تحت غطاء القانون، وراء أطروحات الكيان الوهمي، وضع المجمع الخميس رسالة شجب في الموضوع بسجل المحكمة. وشدد البلاغ على أن المجمع الشريف للفوسفاط سيظل متشبثا بالدفاع عن حقوقه، وعلى ملكيته الشرعية للشحنة بما يتماشى مع القانون والمواثيق الدولية، وذلك دون الخوض في متاهات سياسية مفتعلة، ترمي إلى تقويض مسار مفاوضات دولية. وذكر البلاغ أنه في فاتح ماي 2017، وبناء على طلب مرفوع من طرف «البوليساريو»، أصدر قاض من جنوب إفريقيا أمرا بالحجز التحفظي على شحنة من الفوسفاط قادمة من فوسبوكراع نتج عنه تجميد السفينة بميناء «بور إليزابيت». وارتكز هذا القرار التمهيدي على مزاعم سياسية محضة. وفي 15يونيو 2017، أقرت المحكمة بالإحالة على البت في الموضوع رغم اعترافها الصريح بالطابع الدولي للقضية، مخولة بذلك لنفسها حق الاختصاص القضائي في تعارض صارخ مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي. إن هذا القرار التمهيدي، يوضح البلاغ، يشكل تدخلا خطيرا في المسلسل السياسي الجاري برعاية مجلس الأمن الدولي، علما أن محكمة من دولة بنما أقرت بضعة أيام من قبل (بتاريخ 5 يونيو) ردا على شكاية مماثلة في نفس الموضوع من طرف «البوليساريو» بعدم الاختصاص للحكم في الموضوع، مع التأكيد على الطابع السياسي للشكاية من جهة، وعدم قدرة المشتكي على إثبات ملكيته لشحنة الباخرة من جهة أخرى. وسجل البلاغ أن محكمة جنوب إفريقيا بتكييفها المنحاز والمنافي للقانون، وتجاوزها للقرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي الداعية لكل أطراف الخلاف للتفاوض اللامشروط، تكون قد اصطفت وراء الكيان المزعوم، وأثبتت عداءها للوحدة الترابية للمغرب، مؤكدا أن قرار المحكمة يعد ضربا لمبدأ الحصانة القضائية للدول، الذي يكرسه القانون الدولي اعتبارا للمساواة بين الدول، ويحول دون خضوع دولة للمنظومة القضائية لدولة أخرى، علما أن شركة فوسبوكراع تنتج وتسوق الفوسفاط من منجم بوكراع وفقا للقانون المغربي وطبقا للقانون الدولي. وأبرز المصدر ذاته أن المجمع الشريف للفوسفاط «لواثق من شرعية قضيته ويرفض رفضا باتا أن يتم التداول في قضية الوحدة الترابية أمام محاكم أجنبية». وبناء على هذه الاعتبارات، يقول البلاغ، «فإن المجمع الشريف للفوسفاط يستنكر قرار المحكمة السياسي ويطعن في شرعية محكمة جنوب إفريقيا للبت في مضمون قضية يتداول بشأنها في إطار الأممالمتحدة، كما يعتبر حجز شحنة الفوسفاط بمثابة قرصنة سياسية تحت غطاء قضائي مفتعل. وخلص البلاغ أنه «للتعبير عن رفضه القاطع لهذه المحاكمة السياسية، فإن المجمع الشريف للفوسفاط وضع رسالة في الموضوع بسجل المحكمة المعنية».