« إكرام الميت دفنه « مقولة رائعة لبلاغتها وفصاحتها وعمق معانيها إلا أن صداها لم يجد له أي أثر لدى المسؤولين بمكناس، وخير دليل على ذلك هو الجثث التي تجاوزت كل التوقعات دون أن تدفن، إذ ترقد بمستشفى محمد الخامس بمكناس أكثر من 50 جثة متخلى عنها، وأخرى مجهولة الهوية منذ ما يزيد عن سنتين بمستودع الأموات، دون أن تجد حلا لدفنها. وحسب معطيات خاصة بالجريدة فإن إدارة المستشفى وجهت العديد من المراسلات للنيابة العامة في شأن هذا الوضع الشاذ بمستودع الأموات، وبدورها أمرت النيابة العامة مصالح الأمن المختصة بفحص الحمض النووي للجثث من أجل دفنها والتي يعود أغلبها لمستضعفين من المتخلى عنهم، أولمجهولي الهوية لعل وعسى تظهر مؤشرات العثور على عائلاتهم، إلا أن الحالة بقيت على ما هي عليه دون استجابة.. ومع ارتفاع درجات الحرارة وكثرة الحوادث ومحدودية الطاقة الاستيعابية لمستودع الأموات، فإن الوضع سيزيد استفحالا، إذا لم يبادر المسؤولون ويضعون حدا لهذه المماطلة غير المبررة. يشار إلى أن الوالي السابق وعامل عمالة مكناس محمد قادري كان قد وضع الحجر الأساس لبناء مستودع الأموات و بناء مقر المكتب البلدي الصحي بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بمكناس وذلك بمناسبة تخليد الذكرى 16 لعيد العرش سنة 2015. وبعد مرور سنة يتفاجأ الرأي العام بإدراج مجلس جماعة مكناس نقطة في جدول أعمال دورته العادية لشهر فبراير 2016، تتعلق بالموافقة على نزع ملكية القطعة الأرضية المستخرجة من مطلب التحفيظ عدد: 20845/05 الكائنة ببرج مولاي عمر، واللازمة لإحداث المستودع الجماعي للأموات والمكتب الجماعي لحفظ الصحة قرب مستشفى محمد الخامس. هذا ولحد الساعة لم تظهر أي مؤشرات على إعطاء انطلاق البناء التي أشرف عليها الوالي السابق لجهة مكناس تافيلالت وعامل عمالة مكناس، كما يجهل مصير مجلس جماعة مكناس الذي صادق عليه في فبراير 2016. إن الميت وإن فارق الحياة، يبقى مقامه موضع إجلال، وفي انتظار تحقيق ذلك يناشد أحياء ساكنة عمالة مكناس وحتى الموتى المتخلى عنهم والمجهولي الهوية إكرامهم والعمل على دفنهم كحق من حقوق البشرية. إلى ذلك ما زالت رائحة الموتى هي الطاغية ومازالت الجثث مكدسة بمستودع الموتى بمستشفى محمد الخامس بمكناس. وجدير بالذكر أن أحد المحسنين هو من بادر وأصلح المستودع وجعله تكريمًا للإنسان الذي كرمه الله على سائر مخلوقاته واحتراما لجثث المسلمين والمسلمات، وجهزه بما يليق بالمقام.