شهدت مقاطعة مرس السلطان التابعة للنفوذ الترابي لعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بالدارالبيضاء، قبل أسابيع، مباشرة عملية لإعادة تبليط أرصفة مجموعة من أزقتها وأحيائها، وضمنها شارع لاجيروند، العملية التي لقيت استحسانا من جهة من أجل إعادة تأثيث رونق هذه المحاور الطرقية، ومنحها حلّة جديدة، خلّفت بالمقابل استياء عريضا بعدما تم «التطاول» على الأشجار المنتصبة التي ظلت شامخة في مكانها لسنوات، مساهمة في منح بعض الدينامية الطبيعية في مواجهة كل أشكال التلوث بالمنطقة، خاصة وأن منطقة لاجيروند هي محرومة من المساحات الخضراء، هذه الأشجار التي بعد أن امتدت جذورها في باطن الأرض تم اقتلاعها وتعويضها فيما بعد بشجيرات حديثة النشأة، التي يتعين انتظار مدة ليست بالهينة قبل أن يشتد عودها وتزهر لتعمل على تحقيق الهدف المنشود منها! سخط تفاقمت حدته، خاصة بعد الإقدام على استهداف عدد من هذه الشجيرات بالتخريب من طرف بعض منعدمي الضمير من المتهورين، الذين يعتبرون كل ملك عام هو سهل التطاول، والذين لايعيرون اهتماما لكل ما هو مشترك مواطناتيا، عن طيش أو تصريف للأحقاد، الأمر الذي يعرض الأشجار المعنية لمزيد من الإتلاف، وهو ماكان من الممكن تجنّبه لو تم الاحتفاظ بالأشجار التي تم إعدامها، والتي تجهل الوجهة التي اتخذتها؟ الفقر البيئي لايقف عند حدود شارع لاجيروند فحسب، إذ أنه حتى على مستوى محج محمد السادس، وغير بعيد عن محيط القصر الملكي، وبعد انتهاء أشغال توسعة رصيف الشارع، تم إعدام كل أثر للتشجير، بما في ذلك إغلاق المربعات الخاصة بالأشجار بالأسمنت، الأمر الذي يؤكد على أن الثقافة البيئية هي آخر اهتمامات المسؤولين ومدبري الشأن المحلي بالمنطقة! وضعية شائنة، تأتي في سياق ما تعانيه الدارالبيضاء ككل من خصاص مهول في المجال الأخضر مقابل استمرار تفشي الزحف العمراني واستئساد الإسمنت، الذي انتقل من استغلال 350 هكتارا سنة 2008 إلى الاستحواذ على 410 هكتارات في 2014، دون احتساب المعدلات الجديدة التي شهدتها السنوات الثلاث الأخيرة، علما بأن شجرة واحدة يمكنها أن تقضي على حوالي 12 كيلوغراما من ثاني أوكسيد الكاربون من الجو سنويا، أي ما يعادل 17 ألفا و700 كيلومتر من الغازات المنبعثة من السيارات ومختلف وسائل النقل، والحال أن كل بيضاوي لايتجاوز نصيبه من المساحات الخضراء 35 سنتمترا مربعا، وهو ما يعتبر نسبة تقلّ عن المعايير العالمية المعمول بها ب 41 مرة، والتي تؤكد على أنه يتعين أن يتوفر كل شخص على 15 مترا مربعا من المساحة الخضراء ؟