لايمكن الحديث عن صحة متكاملة بدون أعطاب في ظل بيئة ملوثة تعاني من الاختلالات على صعيد عدة مستويات، والأشجار التي يتم وأدها مقابل تشجيع الزحف الإسمنتي، أو يتم إهمالها إلى أن تشيخ وتموت، أو التي عوض الاعتناء بها يتم الكتابة عليها، وإتلاف أغصانها، هي تمتص الهواء المسموم وتمنحنا بالمقابل هواء نقيا، أوكسجينا قابلا للاستنشاق، وهي تطهر رئة كل مواطن منا. إنها واحدة من مجموع خلاصات لمداخلات عديدة، ضمنها مداخلة صباح الشرايبي الرئيسة الوطنية لجمعية نقطة الإنطلاقة «إسبود»، صباح الثلاثاء الفارط 9 فبراير 2016، وهي تتحدث إلى جمع من شباب المدينة القديمة، والفاعلين والمانحين، وذلك في إطار برنامج تم تسطيره للإعلان عن فتح باب نقاش وطني بأهمية الاعتناء بالبيئة، والاستعداد المشترك للمساهمة في إنجاح الحدث الدولي حول التغييرات المناخية، الذي ستستقبله مراكش شهر نونبر من السنة الجارية 2016، حول المناخ ويتعلق الأمر ب «cop 22». صباح الشرايبي أكدت أن قمة المغرب هي لحظة عالمية لتقديم الحلول بعد أن تم تشخيص الإشكاليات في القمة الفارطة بباريس، مستعرضة الخطوات التي تم قطعها لاستضافة المغرب لهذا الحدث، والآمال المعقودة عليه، مشددة على خطوات المغرب في إطار التأهيل البيئية والاعتماد على الطاقة النظيفة كما هو الشأن بالنسبة لمحطة نور، متوقفة عند جملة من الخطوات التوعوية ذات النفس البيئي من أجل صحة سليمة التي ظلت توجهها الجمعية على مستوى المدينة القديمة للأمهات وجموع النساء اللواتي يرتدن مقر الجمعية، الذي تم تشييده على أنقاض «مطرح» للنفايات. هذا النفس البيئي الذي عاين الجميع بعضا من تفاصيله في سطح البناية التي تحولت غلى فضاء أخضر، وانتقلت آثاره الإيجابية إلى بعض أسطح البنايات المجاورة، التي تخلت عن تكديس مخلفات وبقايا مواد منزلية وغيرها، إلى ترتيبها حت تكون بمثابة فسحة بعنوان الأمل، وأضافت الشرايبي في سياق مداخلتها دائما، بأن العناية والاهتمام بالبيئة ليست بموضة أو مجرد ترف، مؤكدة أن هذه الخطوة هي تنطلق من محيط الأسرة الصغير بالبيت وتتوسع لتشمل الشارع، من أجل حياة متكاملة الأركان حاضنة للقيم البيئية والصحية،. وجدير بالذكر أن الدارالبيضاء أضحت تعاني من خصاص مهول في المجال الأخضر مقابل استمرار تفشي الزحف العمراني واستئساد الإسمنت، الذي انتقل من استغلال 350 هكتارا سنة 2008 إلى الاستحواذ على 410 هكتارات في 2014، علما بأن شجرة واحدة يمكنها أن تقضي على حوالي 12 كيلوغراما من ثاني أوكسيد الكاربون من الجو سنويا، أي ما يعادل 17 ألفا و700 كيلومتر من الغازات المنبعثة من السيارات ومختلف وسائل النقل، والحال أن كل بيضاوي لايتجاوز نصيبه من المساحات الخضراء 35 سنتمترا مربعا، وهو ما يعتبر نسبة تقلّ عن المعايير العالمية المعمول بها ب 41 مرة، والتي تؤكد على أنه يتعين أن يتوفر كل شخص على 15 مترا مربعا من المساحة الخضراء، كما أن واقع الأرقام يوضح كيف أن الدارالبيضاء لاتتوفر إلا على قرابة 47 ألف شجرة، والتي لاتسلم من تداعيات متعددة؟