احتضن فضاء السجن المحلي بوجدة، مؤخرا، أمسية رمضانية احتفاء بالنزلاء والنزيلات الفائزين في المسابقة الدينية التي نظمتها المديرية الجهوية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بجهة الشرق، بتنسيق مع المجلس العلمي المحلي ومندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بوجدة. وشارك في هذه المسابقة نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية التابعة للمديرية الجهوية بجهة الشرق، والتي تسعى إلى تفعيل الاستراتيجية الجديدة التي تعتمدها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج من خلال «الحفاظ على الأمن والانضباط من جهة وواجب صون كرامة السجناء وحماية حقوقهم وتأهيلهم لإعادة الإدماج من جهة أخرى» حسب الدكتورة نعيمة البوزكاوي رئيس مصلحة الشؤون الاجتماعية بالمديرية الجهوية. وقد تمكن 11 نزيلا ونزيلة من الظفر بالمراتب الأولى في الإقصائيات الجهوية للمسابقة الدينية التي همت حفظ القرآن الكريم، التفسير وشرح القرآن الكريم، التفسير وشرح الحديث، الإنشاد والمديح… تم تتويجهم في الأمسية الرمضانية التي احتضنها فضاء السجن المحلي بوجدة بحضور مجموعة من المسؤولين ، من بينهم والي جهة الشرق وممثلو المصالح الخارجية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام… وقدمت خلالها مجموعة المديح والسماع لنادي «كن إيجابيا»، وصلات إنشادية في مدح النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. وافتتحت الأمسية، والتي انطلقت بعد إفطار جماعي ومأدبة عشاء نظمت على شرف النزلاء المشاركين والفائزين في المسابقة الدينية، بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها النزيل الفائز بالرتبة الأولى في مسابقة حفظ وتجويد القرآن الكريم، قدم بعدها المدير الجهوي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بجهة الشرق، عبد العزيز هيني، كلمة أكد فيها حرصهم في شهر رمضان من كل سنة على تنظيم مثل هذه الأمسيات وذلك «لتتويج النزلاء الذين تميزوا وانخرطوا بشكل إيجابي في البرامج التي سطرتها المندوبية العامة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف القطاعات تروم تأهيل السجناء لإعادة الإدماج والاندماج في المحيط السوسيو اقتصادي بعد الإفراج». وفي هذا الإطار، ذكر المتحدث بأن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج جعلت من سنة 2016، سنة الانفتاح من خلال تنظيم الأبواب المفتوحة ببعض المؤسسات السجنية والدورة الأولى للجامعة الصفية بسلا، وكذا الملتقى الوطني الأول للإبداع والتأهيل والذي حقق فيه نزلاء جهة الشرق نتائج جد متميزة، الأمر الذي «يدفعنا جميعا إلى مضاعفة الجهود لتكريس النهج الإصلاحي في معاملة السجناء ومعالجة الدوافع التي قادتهم إلى خرق القانون وتقويم السلوك الانحرافي لدى بعضهم، مما يتيح تعزيز فرص تأهيلهم وتسهيل اندماجهم في المجتمع بعد الإفراج» -يقول المدير الجهوي- مضيفا بأن ورش النهوض بظروف اعتقال السجناء وتوفير ظروف اندماجهم في النسيج الاجتماعي، الذي انخرطت فيه المندوبية العامة بكل تحدياته، «خيار لا رجعة فيه، إلا أن إنجاح هذا الورش يتطلب من الجميع، مؤسسات حكومية وغير حكومية ومجتمع مدني وسائل إعلام، تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الفئة». أما الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، فأشار إلى أن تنظيم هذه الأمسية الرمضانية لفائدة نزلاء السجن المحلي لوجدة «مناسبة أصبحت عرفا سنويا يحمل دلالة رمزية خاصة ورسالة قوية موجهة لهذه الشريحة مفادها بأن المجتمع بجانبهم، وأن المجتمع لا ينساهم في هذه المناسبات». واعتبر رئيس المجلس العلمي المحلي أن «نزلاء المؤسسات السجنية أشخاص مثلنا جرت الأقدار أن حطت بهم الرحال بهذا المكان، وذلك خلال لحظة ضعف لم تقرأ عواقبها فكانت نتيجتها أن أدخلت صاحبها السجن لقضاء عقوبة الفعل الذي ارتكبه»، وأكد بأن «قضاء العقوبات هو من كفارات الذنوب، وهذا شيء يعرفه المؤمن حق المعرفة، وقد ورد ذلك في أحاديث نبوية عدة». وأضاف أنه «لا ينبغي التعامل مع النزيل بأنه شخص استثنائي، فعلى العكس من ذلك، أن في هؤلاء النزلاء خير كثير، والمنهج الإسلامي يعالج الناس بالرفق لا بالشدة والقسوة، فحب الله وحب رسوله لا تقضي عليه لحظة غضب، أو خطأ، أو انفعال واندفاع... ففي مثل هذه الخلوة قد يراجع النزيل نفسه، وقد يتوب إلى الله من خطئه، فيصحح نفسه...» وفي هذا الصدد ذكر بأن «العديد من النزلاء استفادوا كثيرا من الزمن الذي قضوه بهذه المؤسسات، لأنهم كانوا يدركون بأن الزمن ثمين، ولا ينبغي أن يهدر في انتظار لحظة الخروج من المؤسسة السجنية، فاستفادوا من فرص كثيرة لحفظ القرآن ولتعلم العلوم الشرعية»، وأشار إلى أن نزلاء بالسجن المحلي لوجدة حفظوا القرآن بشكل كلي، ومنهم من حفظ عددا كبيرا من الأحاديث النبوية، ومنهم من تعلم وأتقن تجويد القرآن، ومنهم من تفقه في العلوم الشرعية والدينية، و»حينما يحفظ النزيل القرآن فمعناه أنه صار من أصلح الصالحين» يقول رئيس المجلس العلمي.