بدون مجازفة، يمكن القول بأن متابعة الأخبار المتعلقة بالاحتجاجات، وغيرها من التعبيرات والأحداث، السياسية، غير الرسمية، تتم عبر شبكة الأنترنيت، أي عبر ما يُبٓثّ وينشر في الجرائد الرقمية ومختلف المواقع الجماعية أو الشخصية، التي تُعٓمّمُ في الشبكات الاجتماعية. بلُغٓةِ الأرقام، فإن مجموع المشتركين في شبكة الأنترنيت في المغرب، يصل إلى حوالي 18 مليون مشترك، غير أن 9 من 10 اشتراكات تتم عبر الهواتف الذكية، وتؤكد المعطيات الصادرة عن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وغيرها من المؤسسات والشركات العاملة في قطاع الاتصالات، أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع. هذه الأرقام، عادية، إذا قارناها بما يحصل على المستوى العالمي، حيث إنه في سنة 2017 هناك 50 في المِئة من ساكنة العالم مرتبطة بشبكة الأنترنيت، منها 37 في المِئة تستعمل شبكات التواصل الاجتماعي، و34 في المِئة من ساكنة العالم، ترتبط بهذه الشبكات عبر الهواتف الذكية، وتؤكد هذه الأرقام الخلاصات التي أصبحت متداولة، أن المصدر الأول للمعطيات الرائجة اليوم عبر العالم، هو شبكات التواصل الاجتماعي. يعيش المغرب في قلب ما يحدث في العالم، من تطور كبير لاستعمال التكنولوجيات الحديثة، في التواصل، كما يعيش أيضا ما يحصل من مشاكل ومعضلات تتعلق بمدى صدقية ما يروج فيها، حيث أصبحت هذه القضية مصدر قلق عام، لأنه من المستحيل التحكم في استعمالها بمسؤولية وطبقا لأخلاقيات الصحافة والإعلام، لأن هذه الوسائل أصبحت متاحة للجميع، ويمكن لأي كان أن يبث، عبرها، فيديوهات مفبركة وينشر أخبارا كاذبة، تروج بسرعة بين الناس، وتؤثر في تشكيل وعيهم ومواقفهم، ويصعب في الكثير من الأحيان، الحد من هذا التأثير. ويمكن ملاحظة ذلك في الأحداث الجارية اليوم، في احتجاجات منطقة الحسيمة، وما يرافقها من أحداث، حيث تختلط الأخبار الصحيحة بالإشاعات والفيديوهات المفبركة بالحقيقة، ويصعب كثيراً على الجمهور المتتبع، تمييز الصدق من الكذب. ليست هناك أية وصفة جاهزة، لمعالجة هذه المعضلة، ليس في المغرب، وحده، بل في كل العالم، سوى تطور الثقافة السياسية والإعلامية للمواطنين، وتربية النشء على التعامل الإيجابي مع كل ما يروج، وحث السلطات الحكومية، على الانفتاح أكثر، لتفعيل الحق في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى تحويل وسائل الإعلام العمومية، إلى مصدر حقيقي، عبر تقديم خدمة عمومية ذات مصداقية.