عاشت جلسة، أول أمس الثلاثاء، من محاكمة المتهمين في أحداث تفكيك مخيم اكديم إزيك بمدينة العيون شهري أكتوبر ونونبر 2010 فصلا جديدا من فصول التخطيط لنسف المحاكمة التي تجري أمام القضاء المدني. فقد اختار المتهمون في أحداث تفكيك مخيم اكديم إزيك، بعد أن بدأ الخناق يشتد عليهم (الاستماع للشهود والمواجهة مع المتهمين) وبعد أن لاحظوا أن موقفهم القانوني يزداد ضعفا، أن يصنعوا الحدث بإعلانهم الانسحاب من المحاكمة التي تجري أطوارها بمحكمة الاستئناف بسلا، هربا من المساءلة على جرائم الحق العام التي ارتكبوها في حق أفراد القوات العمومية. إن الاتجاه الذي سارت فيه المحاكمة في الأسابيع الأخيرة لم يكن في صالح المتهمين في أحداث تفكيك مخيم اكديم إزيك مما دفعهم إلى اعتماد أسلوب نسف المحاكمة، انطلاقا من التلويح بخوض إضراب عن الطعام، ثم التصعيد داخل الجلسة من خلال رفع الشعارات والتشويش على جميع شهود الإثبات، والطعن في صفة المطالبين بالحق المدني، قبل أن ينتدبوا أحد المتهمين لإبلاغ رئيس الجلسة مقاطعتهم للمحاكمة. إن تلويح المتهمين بالانسحاب من المحاكمة بدأت ملامحه تظهر بعدما استطاع بعض الشهود التعرف على بعض المتهمين خلال الجلسات السابقة، كما لوحظ أن المتهمين كثفوا من تصرفاتهم المخلة بنظام الجلسة كلما تعرف أحد الشهود على بعضهم أو ذكرهم بأسمائهم، وهي التصرفات التي بلغت في بعض الحالات حد عرقلة استمرار انعقاد الجلسة وحد رفض المواجهة مع الشهود، في تحد صارخ لسلطة رئيس الهيئة في تسيير الجلسات. وبعد مواصلة الجلسة تمت المناداة على أحد شهود اللائحة المقدمة من قبل النيابة العامة، وأثناء التأكد من هويته استمر المتهمون في رفع شعارات للحيلولة دون الاستماع إلى الشاهد، قبل أن يعلن أحد المتهمين بأنهم اتخذوا قرارا بالانسحاب من المحاكمة ما لم يؤذن لهم بالتخابر مع دفاعهم. وبالرغم من تنظيم القانون لأحكام التخابر بين الدفاع والمتهمين، والذي لا يوجد ما يجيزه داخل المحكمة، فإن هذه الأخيرة استمرت في مرونتها معهم حرصا منها على حسن سير المحاكمة حيث استجابت لهذا الطلب وقررت رفع الجلسة. وبعد مواصلة الجلسة من جديد والمناداة على شاهد اللائحة المقدمة من قبل النيابة العامة، أعلن دفاع المتهمين للمحكمة انسحابهم من ملف القضية تبعا لقرار المتهمين بمقاطعة أطوار المحاكمة ورفضهم حضور مناقشات القضية. هذا، وأعلن دفاع المتهمين، الذي تقدم بالشكر للمحكمة على المجهودات التي وفرتها لكي تمر أطوار المحاكمة في أجواء جد ملائمة، وعلى ظروف المحاكمة العادلة التي حرصت على توفيرها، انسحابه أيضا من ملف القضية تبعا لقرار المتهمين بمقاطعة أطوار المحاكمة ورفضهم حضور مناقشة القضية. وعلى إثر هذا الانسحاب، قررت المحكمة الاستمرار في مواصلة مناقشة القضية، حيث شرعت في الاستماع إلى باقي الشهود، بعدما عينت أربعة محامين في إطار المساعدة القضائية، للدفاع عن المتهمين وفق المقتضيات المنصوص عليها في المادة 317 من قانون المسطرة الجنائية، علما أن المتهمين الموجودين في حالة سراح صرحا للمحكمة بأنهما سيواصلان حضور أطوار المحاكمة داخل قاعة الجلسات. ومنذ 26 دجنبر 2016، مرت ثمانية عشر جلسة من أطوار هذه المحاكمة إلى حدود أول أمس في أجواء عادية طبعها الحرص على احترام حقوق جميع الأطراف وضمان شروط المحاكمة العادلة، حيث فسح لهيئة الدفاع المجال للتدخل وطرح الأسئلة على المتهمين وإبداء ملاحظاتهم وتحفظاتهم بشأن بعضها، وكذا إبداء وجهات نظرهم حول ما يثار من نقاشات قانونية. كما عرفت هذه المحاكمة، خلال جميع أطوارها، حضور المتهمين المعتقلين والموجودين في حالة سراح، وكذا أقارب الضحايا والمتهمين ومجموعة من الملاحظين والمتتبعين المغاربة والأجانب، والعديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية، حيث تم تيسير ولوجهم للمحكمة لتتبع أطوار المحاكمة.