نشرت صحيفة «التايمز» تقريرا لمحررها للشؤون العلمية توم ويبل، ومراسلها في جوهانسبيرغ إيسلين لينغ، يتساءلان فيه عما إذا كان أسلافنا البشر في جنوب أفريقيا، قد التقوا مع قبيلة من المخلوقات القريبة من البشر، التي كانت جماجمهم صغيرة، وكان لديهم أسلوب غريب في دفن الموتى، وفيما إذا عاش المجتمعان معا، أو ربما حصل بينهما تزاوج. ويشير التقريرإلى أن هذه الأسئلة الملحة تتم إثارتها بمناسبة اكتشاف مخلوقات سبقت الإنسان، وجدت هياكلها في كهف مختبئ، وعاشت من فترة قريبة، قد تكون تقاطعت مع زمن الإنسان «هومو سابيانز». ويبين الكاتبان أن اكتشاف هياكل الهومو ناليدي، «وهو نوع منقرض من جنس الهومو»، كان في موقع لا يبعد أكثر من 30 ميلا شمال غرب جوهانسبيرغ، الأكثر إثارة في علم دراسة مستحاثات أسلاف البشر. وتكشف الصحيفة عن أنه في الجزء الخلفي من نظام كهوف معقد في موقع التراث العالمي، المسمى مهد الجنس البشري، ومن خلال كوة صغيرة يحتاج المرء لرفع يد فوق رأسه ليتمكن من إدخال كتفيه، عثر مكتشفو الكهوف على مدفن لفصيلة لم تكتشف من قبل. ويلفت التقرير إلى أنه كان من الصعب معرفة عمر العظام، التي بلغ عددها 1500 عظمة، والتي يعتقد أنها تعود إلى 15 هيكلا عظميا، مشيرا إلى أن بعض الميزات فيها تشبه ما لدى الإنسان المعاصر، مثل المعصمين واليدين، لكن لديها أصابع محنية لتمسك بأغصان الشجر، بالإضافة إلى أن حجم الدماغ الأصغر يجعل هذا النوع أكثر بدائية. ويفيد الكاتبان بأنه تم تقدير عمر العظام بين مليوني عام إلى ثلاثة ملايين عام، عندما تم الاكتشاف قبل حوالي 18 شهرا، لافتين إلى أنه استنتج أسلوب تأريخ معقد التقدير الآنف، مع أنه أخطأ بعامل 10، حيث يتضمن هذا الإسلوب إجراء مجموعة من الفحوصات المخبرية المستقلة عن بعضها، فيتم فحص الترسب في الكهوف، وتفحص مينا الأسنان، كونهما مؤشرين رئيسيين، ووجدت تلك الفحوصات بأن عمر العظام حوالي 335000، وقد تكون 236000 سنة فقط. وتذهب الصحيفة إلى أن هذا يعني أن الإنسان الأول، الذي عاش في أفريقيا، والذي كان لا يزال يتطور خلال تلك الفترة، قد لا يكون عاش وحده، ويعتقد العلماء بأن الهومو ناليدي قد يكون عاش مئات آلاف السنين قبل أن نأتي نحن، وقد تكون أحماضه النووية تعيش فينا كأصناف، مثل النياتردالي، من خلال التزاوج. وينقل التقرير عن لي بيرغر، من جامعة ويتواترسراند، الذي اكتشف فريقه العظام، قوله: «من الممكن أن يكون الهومو ناليدي، هذا الكائن صغير العقل وغير البشري، واجه الهومو سابيان». وينوه الكاتبان إلى أن إحدى النظريات المثيرة والجدلية حول الهومو ناليدي، هي أن يكون الكهف الذي وجدت فيه العظام كان موقع دفن خاضعا لطقوس دفن معينة. وبحسب الصحيفة، فإن البروفيسور بيرغر يعتقد بأن الموتى كانوا يدفعون من فتحة صغيرة، كجزء من طقوس الدفن، وهو ما يفسر كيف انتهى الأمر بهذه المجموعة الكبيرة من العظام في كهف واحد، مشيرة إلى أن حفريات في كهف مجاور، تكرر فيه النموذج ذاته، تدعم هذه النظرية. ويورد التقرير نقلا عن عالم الأنثروبولوجيا من جامعة ويسكونسين في ماديسون البروفيسور جون هوكس، الذي قاد عمليه حفر الكهف الثاني، قوله إن الاكتشافين معا يشككان في الفرضيات العلمية بخصوص التطور، وأضاف: «كنا نظن ببساطة أن البشر لا يقهرون، وأنه في الوقت الذي كنا فيه نتطور، فإننا كنا نزاحم المنافسين كلهم، وأن القصة بسيطة، حيث النسل أصبح أكثر تقدما وأكبر عقلا، وأصبح تصرفه أكثر رقيا». وتختم «التايمز» تقريرها بالإًشارة إلى قول البروفيسور هوكس: «لكن الآن تعود أفضل مجموعة من المتحجرات لهذه الفترة في أفريقيا للهومو ناليدي.. فعلينا الإجابة كيف كان تفاعل هذه المجتمعات السابقة للإنسان مع بعضها؟ وما هو الدور الذي أدته في أصولنا؟، وأين كان موقع أسلافنا في هذه البيئة التنافسية؟ إنه وقت مثير للغاية، حيث نتوقع المزيد من الاكتشافات في السنوات القادمة».