غداة مناظرة تلفزيونية اتسمت بحدة غير مألوفة، انتهت حملة الانتخابات الفرنسية بأجواء مشحونة، مع تقديم إيمانويل ماكرون الخميس شكوى بعد شائعات عن حساب خارجي. وشاركت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن بتجمعها الانتخابي الأخير، في قرية شمالية صغيرة، حيث عبأت مؤيديها بالقول إن «فرنسا لا يمكنها الانتظار أكثر. فرنسا لا يمكنها أن تسمح بالانتظار خمسة أعوام أخرى لترفع رأسها». وفي وقت سابق، تعرضت لوبن التي تصف نفسها بأنها «مرشحة الشعب»، للرشق بالبيض من قبل متظاهرين غاضبين لدى وصولها إلى شركة ملاحة في بلدة دول دي بريتاني (غرب)، هاتفين «فليخرج الفاشيون». وفي حال فوزها، أكدت لوبن في مقابلة مع «لا بروفانس» نشرت الجمعة، ستبحث «عن أشخاص في كل مكان تتواجد فيه المهارات». ومع مواصلته تصدر استطلاعات الرأي عشية انتهاء الحملة الانتخابية، تعهد مرشح الوسط المؤيد لأوروبا، الذي حاز دعم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ب»الحفاظ على وعد التجديد حتى النهاية»، خلال تجمع أخير له في ألبي (جنوب غرب) أمام نحو أربعة آلاف مؤيد أكد لهم أنه سمع «الغضب الموجود لدى الشعب». ولدى وصوله إلى ألبي، واجه ماكرون نحو خمسين نقابيا حيال قانون مثير للجدل يحرر عقود العمل، كان رفض إلغاءه في حال فوزه. على مقلب آخر، قدم ماكرون شكوى ضد مجهول بتهمة «نشر أخبار كاذبة»، إثر تلميحات أطلقتها منافسته خلال مناظرتهما عن إمكانية امتلاكه ل»حساب خارجي في جزر الباهاماس». وفتحت النيابة العامة الباريسية تحقيقا أوليا على الفور. وكان هذا الاتهام واحدا من هجمات عدة شنتها مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن خلال المناظرة مساء الأربعاء. وبلغت المناظرة التلفزيونية التي تابعها 16.5 مليون فرنسي، وهي الفرصة الأخيرة لإقناع المترددين الكثر، مستوى غير مسبوق من التوتر. فقد اتهمت لوبن ماكرون بأنه يؤيد «العولمة المتوحشة»، اما ماكرون المؤيد للاتحاد الاوروبي، فاتهمها ب «الكراهية» و»التزوير» و»الأكاذيب». وكتبت صحيفة «لوفيغارو» المحافظة «من الصعب ان نصف حفلة الملاكمة مساء امس بأنها +مناظرة+»، اما «لوموند» فأعربت عن اسفها «للنقاش الحاد والعنيف من كلا الطرفين». وابدت صحيفة «لو باريزيان» اسفها «لأن الخواء ما زال مهيمنا على خلفية برنامجي» المرشحين. وأفاد استطلاع للرأي أجري بعد المناظرة أن ثلثي المشاهدين وجدوا ان الوسطي ماكرون هو الاكثر إقناعا، في حين نالت زعيمة اليمين المتطرف تأييد الثلث الآخر. ورأت لوبن (48 عاما) الخميس ان الحرب الكلامية «ادت إلى اضطراب الاعراف». وقالت «كان من الاهمية بمكان إيقاظ الفرنسيين» و»تمزيق الستار» للتأكيد ان ماكرون ليس «رجلا جديدا» لكنه «يخرج من حكومة فرنسوا هولاند»، الرئيس الاشتراكي غير الشعبي المنتهية ولايته، كما قالت. واعتبرت لوبن في تصريح لتلفزيون «بي.اف.ام» «انها المرة الاولى التي تجرى فيها فعلا مناظرة بين شخصين يعبران عن وجهة نظر متناقضة إلى حد كبير حول المشروع الذي يتعين تطبيقه». واعتبر والد المرشحة اليمينية المتطرفة أن ابنته لم تكن «في مستوى الحدث» خلال المناظرة التلفزيونية. وقال جان ماري لوبن (88 عاما) «دائما أرغب برؤية بطلتي تحقق فوزا سهلا». إلا أن زعيمة الجبهة الوطنية التي طردت والدها من الحزب عام 2015، «لربما لم تكن في مستوى الحدث» على حد تعبير والدها. وعندما وصل جان ماري إلى النهائيات في انتخابات عام 2002، رفض منافسه حينها جاك شيراك إجراء مناظرة معه خوفا من «تطبيع الكراهية وعدم التسامح». وردا على جميع الذين نصحوه بعدم إجراء مناظرة مع اليمين المتطرف، على غرار ما قرر شيراك، قال ماكرون (39 عاما) ان من الضروري «اجراء مناظرة» مع حزب الجبهة الوطنية، «حتى لو لطخنا انفسنا قليلا». واضاف ماكرون، هذا المبتدىء بالسياسة الذي يقوم بحملته الانتخابية الأولى مع حركة «إلى الأمام»! التي ليست من «اليمين او اليسار» وكان أطلقها قبل حوالى العام «لا نتمكن من قتل كل الاكاذيب، لكن بعضا منها». وفي المعسكر اليساري، أشاد كثيرون، على غرار رئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس، بأدائه حيال «الشتائم والعنف والاكاذيب»، وبدعوته «الذين ما زالوا مترددين، ولا يعطون تعليمات بين الورقة البيضاء والامتناع عن التصويت ولوبن» إلى تحمل «مسؤولياتهم». وهذا الانتقاد موجه إلى ناشطي اليسار المعادي لليبرالية الذي يقوده جان-لوك ميلانشون، وترفض أكثرية منهم الاختيار بين «الطاعون والكوليرا». وترديدا لصدى هذه التحفظات، اعتبر المتحدث باسم «المتمردون» الذين يتزعمهم اليكسيس كوربيير، الخميس ان المناظرة التلفزيونية «لم تؤد إلى تحريك الخطوط».