في سجون الاحتلال الإسرائيلي هناك معركة نضالية بطولية يخوضها الأسرى الفلسطينيون منذ أسبوعين تحت عنوان « معركة الكرامة». لقد اختاروا ذكرى يوم الأسير كي يشرعوا في إضراب مفتوح عن الطعام من أجل استعادة الزيارات المقطوعة وانتظامها، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، وإنهاء سياسة العزل، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية… المعركة التي تعد امتدادا للنضال الفلسطيني ضد المغتصب الصهيوني لأرض فلسطين، جاءت بدعوة من الأسير مروان البرغوثي الذي يقبع بسجون الاحتلال منذ سنة 2002 والمحكوم عليه بالسجن خمس مؤبدات. دعوة أطلقها من خلال مقال تم تسريبه بالرغم من أسوار وجدران السجون الإسرائيلية المزودة بأحدث العتاد الالكتروني، والمجيشة بأنسجة مخابراتية، ونشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، رسم من خلاله صورة الأسرى الفلسطينيين الذين يفوق عددهم وفق إحصائية حقوقية حديثة نحو 6500، منهم 57 أسيرة، بينهن 13 فتاة قاصر، وقد بلغ عدد المعتقلين الأطفال في سجون الاحتلال 300، وعدد المعتقلين الإداريين 500 أسير. لقد بات هؤلاء الأسرى ضحية للاعتقال التعسفي ولممارسات سيئة من قبل السجان . وأكد البرغوثي في مقاله «أن التعذيب اللاإنساني وعدم تقديم العلاج الطبي اللازم للمعتقلين وحرمانهم من حقوقهم التي كفلها القانون الدولي، دفعتهم لهذا الإضراب»، مضيفا « ليس أمامنا خيار سوى الدخول في هذه المعركة التي سيثبت فيها المعتقلون قدرتهم على تأمين حقوق الإنسانية، هذه فرصة لإنهاء كل المظاهر السلبية التي عانت منها الحركة الأسيرة خلال السنوات الماضية، وسيكون هذا الإضراب محاولة لإرساء حقبة جديدة من الوحدة والقوة». اليوم، هناك مسؤولية جسيمة على المجتمع الدولي بحكوماته وأحزابه ومنظماته وفعالياته تجاه هذه المعركة التي يخوضها أسرى تداس كرامتهم كل يوم وتهان إنسانيتهم من طرف محتل مغتصب. إنها معركة تقتضي المساندة من طرف كل القوى المؤمنة بالحق والسلم والحرية … وتستدعي التفاعل الإيجابي من خلال كل أشكال التعبير السلمي . على العالم ألا يقف متفرجا على أسرى هم اليوم بين الحياة والموت لأنه لم يعد لهم من سلاح لمواجهة آلة التدمير الصهيونية سوى معركة الأمعاء الفارغة .وقد قال مروان البرغوثي إن» الجوع هو الشكل الأكثر سلمية في المقاومة المتاحة للمعتقلين، فهو يلحق الألم فقط على أولئك الذين يشاركون وعلى أحبائهم، على أمل أن بطونهم الفارغة وتضحياتهم سوف تساعد في إيصال رسالة يكون لها صدى خارج السجون . فطوال السنوات الطويلة الماضية كانت دولة الاحتلال الإسرائيلي تعمل على كسر روح السجناء والأمة التي ينتمون إليها، من خلال إلحاق المعاناة بأجسادهم، وفصلهم عن أسرهم ومجتمعاتهم». إذن معركة الكرامة التي تتسع يوما على صدر يوم بالسجون والمعتقلات الإسرائيلية، يجب أن يكون لها صدى ومساندة ودعم. فمطالب الأسرى مشروعة تماما كما هو مشروع نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي اغتصب الأرض ويسعى إلى تدمير الهوية الفلسطينية.