عاشت المستشفيات العمومية والمراكز الصحية، ومختلف المرافق التابعة لوزارة الصحة، باستثناء مصالح الإنعاش والمستعجلات، يوم الأربعاء 19 أبريل، إضرابا وطنيا إنذاريا، تبنته مجموعة من النقابات، بناء على دعوة من حركة الممرضات والممرضين من أجل المعادلة العلمية والإدارية، للاحتجاج على» القمع» الذي مورس في حقّ الممرضين، و»المنع» الذي تمت به مواجهة اعتصامهم يومي 6 و 7 أبريل، أثناء سعيهم لتنظيم شكلهم الاحتجاجي السلمي من أجل المطالبة بتنفيذ التزامات وزارة الصحة، والعمل على تمكينهم من حقّ المعادلة العلمية والإدارية. إضراب كان من المفروض أن يكون رسالة سلمية يلتقطها وزير الصحة، وتدفعه لإعادة قراءة المشهد الصحي والإشكالات التي يعانيها بشكل عام، والوقوف على منسوب الاحتقان الذي بات يعيشه الممرضون والممرضات بشكل خاص، بالنظر إلى مآل ملفهم المطلبي، الذي لم يخط الحسين الوردي، ولو خطوة واحدة في درب فكّ «طلاسيمه»، وهو الذي كان أحد مواضيع اتفاق ملزم بين الوزارة والحكومة والنقابات في 5 يوليوز 2011، والجميع يعاين كيف عاد وزير الصحة اليوم لهرم المسؤولية على رأس القطاع، والوضع لايزال هو نفسه إن لم يكن زاد احتقانا، وذلك خلافا للتصريحات الرسمية، والبلاغات الوزارية، التي تنهل من لغة خشبية متملّصة من المسؤولية، والتي ترمي باللائمة على المحتجين بشكل أو بآخر؟ إضراب 19 أبريل، انتظر المهنيون ومعهم المتتبعون للشأن الصحي، أن يكون دافعا لحوار حقيقي وجاد بين وزير الصحة والمعنيين، لكن وخلافا لذلك، عمل البروفسور الحسين الوردي ، على مواصلة تعميم التغليط، بتعميم بلاغ غير موقع، موجّه للاستهلاك الإعلامي وغايته التعتيم، سيرا على نهج خطوات سابقة، خلال أشواط احتجاجية، كلما اشتدّ «سعيرها» نهجت الوزارة سياسة الهروب إلى الأمام، ببلاغات الطائرات والقوافل الطبية، التي يراها كثيرون عناوين على الفشل لا النجاح، وهو مادفع الممرضين المعنيين بالمعادلة العلمية والإدارية لكشف عيوب بلاغ وزارة الصحة، وكذّبوا مضامينه، مشدّدين على أن عدم صدور قرار إلزامي بالجريدة الرسمية بشأن التسجيل في سلكي الماستر والدكتوراه، يجعل من أي كلام في هذا الصدد مجرد لغو استهلاكي، وحشو تمويهي، مادامت الجامعات ترفض تسجيل الممرضين الحاصلين على شواهد الباكلوريا + 3 وزائد خمسة، ونفس المشكل بالنسبة للمعادلة الإدارية، التي لاتزال معلّقة، في الوقت الذي تواصل فيه وزارة الصحة إرجاء الحلول إلى المستقبل دون تحديد أجل زمني لذلك؟ وضع تبيّن الوقائع أنه سيزيد تأزما، وبأن «سماء» الممرضين هي ملبّدة بغيوم الاحتجاج، وهم الذين ودعوا أمس الأحد شهر أبريل، الذي شهد إضرابا وطنيا شلّ حركة المستشفيات والمؤسسات الصحية المختلفة، وكانت له تبعات ليست بالهيّنة على المواطنين، الذين تكبّدوا الأمرّين للوصول إلى هذا المرفق الصحي أو ذاك، ومنهم من كان ينتظر موعدا لأشهر، لكن يوم 19 أبريل لم يجدوا من يسعف أمراضهم، واليوم ونحن في شهر ماي، دعت، ومن جديد، حركة الممرضات والممرضين من أجل المعادلة لإضراب آخر يمتد على يومين، بتاريخ 11 و 12 ماي، وقبل ذلك وعلى امتداد 5 سنوات، نُظمت الوقفات والمسيرات والاعتصامات، مع استمرار حمل الشارات، وهي كلها أشكال احتجاجية سلمية، لم تدفع وزارة الصحة لتغيير زاوية تعاطيها مع هذا الملف، الذي تُظهر كل المؤشرات أنه يمضي إلى مزيد من الاحتقان، في ظل غياب سياسة متبصّرة، تحلّ محلّها رؤية ضيّقة تعمل على تأجيج كل أشكال الاحتجاج!