عاد عبد الله النهاري «الشيخ» المثير للجدل إلى تسجيل شريط فيديو جديد تبرأ من خلاله، جملة وتفصيلا، من تصريح سابق له، شكّل صدمة للمغاربة الذين تقاسموا مشاعر الحزن والألم مع عائلات ضحايا فاجعة بوركون، وهم يتابعون تفاصيل المأساة بكافة عناوينها التي حلّت بهم منذ يوم الحادث إلى غاية كتابة هاته السطور، والتي خلفت 23 قتيلا، لحدّ الساعة، والعشرات من الجرحى، فضلا عن تداعياتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث سبق وأن عمل على ازدراء الضحايا وهو مبتسم منشرح الأسارير، غير مستحضر لحجم هذا المصاب الجلل ولحرقة الفراق، معتبرا أن ما تعرض له ضحايا العمارات الثلاث هو عقاب إلهي للذين لم يتوجهوا إلى المسجد لصلاة الفجر، مصرحا بالقول، إن الحادث وقع في الساعة الثانية صباحا قبل الفجر، وهو الوقت الذي ينزل الله فيه، فينادي هل من مستغفر فأغفر له، وهل من سائل فأعطيه، هل من داع فأجيبه، وذلك حتى يؤذن للفجر، مشددا على أن من غادر تلك البنايات الثلاث، وتوجه إلى المسجد، كان ممن أنجاهم الله، كحالة بعض الشباب المتدين، الذي قصد المسجد مبكرا، لكي يشهد صلاة التراويح، ومن بقي هناك سقط عليه الردم !؟ النهاري وخلال شريطه الثاني المصور، غيّر من لغته ولهجته بل وحتى من قسمات وجهه، مدافعا عن نفسه بعد موجة الانتقادات والاحتجاجات الواسعة التي تعرض لها سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن كلامه قد تم تحريفه وتوظيفه في غير موضعه من لدن بعض المواقع الإلكترونية، وعمل خلال هذا الشريط على الوفاء لنهجه التهجّمي مكيلا الاتهامات هذه المرة للجسم الصحفي، مشددا على أن من تناولوا الموضوع قاموا بذلك للافتراء عليه معتمدين في ذلك على الكذب، كما لو أن الشريط الأول غير موجود أو طال مضامينه التلف؟ تصريحات مثيرة للشجب والاستنكار ليست هي الأولى من نوعها يصدرها «الداعية»، وهو بالمناسبة ابن المنطقة الشرقية التي رأى فيها النور في 23 يناير 1959، الذي يصرّ على أن تكون مواقفه استفزازية، مهاجما كل الجهات التي تخالفه الرأي، وذلك بلبوس ديني وخطاب شرعي من أجل محاولة إضفاء المصداقية عليه، وهي السمات التي ميزت مساره منذ سنة 1987 ومذ كان واعظا بالمجلس المحلي بمدينة وجدة قبل اتخاذ قرار التوقيف ضد استمراره في تقديم دروس الوعظ بكل من مسجدي القدس والتوابين في أبريل 2012، إلى جانب خطبه على الشبكة العنكبوتية حيث يتوفر على موقع دعوي، يقوم من خلاله بتصريف خطاباته التي يرى بعض المتتبعين أن مضامينها هي بمثابة السموم التي تنفث والتي تهدف إلى زرع الفتن والتفرقة، والتشجيع على التعصب والكراهية، بأسلوب خطابي يتميز بالحدة ورفع الصوت عاليا، كما هو الحال لموقفه حينما رفع دعاء في حقّ من اعتبر أن الله سبحانه وتعالى يجب أن يجمّد الدم في عروقهم حتى يتمنوا الموت فلا يجدونه ! تهجّم وسلاطة لسان واتهامات، من شأنها المس بحق مستهدفي النهاري في الحياة واستهداف أمنهم وسلامة ذويهم، من طرف أشخاص محدودي الأفق فكريا، الذين قد يتم شحنهم وتأجيج مشاعرهم بمسوغات دينية، كما وقع لانتحاريي أحداث 16 ماي 2003، بفعل مضامين أشرطته «الدعوية» التي يعمل على تسجيلها ومن بينها الشريط الذي تم بثه على موقع «اليوتيوب» يوم الجمعة 29 يونيو 2012، حين اعتبر تصريحات أدلى بها الصحفي المختار الغزيوي، رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية آنذاك في أحد البرامج التلفزية، هي دعوة صريحة للفاحشة، حيث وصفه ب «الديّوث»، مضيفا بأن حكمه في الدين هو القتل. تصريحات النهاري تنضاف إلى تصريحات أخرى من طرف أشخاص أسدلوا اللحي واعتمروا الجلابيب وأطلقوا العنان لألسنتهم ينتقدون، يهاجمون ويفتون في مواضيع عدة في مختلف مناحي الحياة اليومية، بالاستناد الى كتاب الله وسنة نبيه المصطفى، في تأويل صارخ لمضامينهما وتكييفهما وفقا للأهواء والنزوات، كما هو الحال بالنسبة لأبي النعيم الذي عاد من جديد إلى إشهار ورقة التكفير مرّة أخرى، بعد أن استهدف في وقت سابق الكاتب الأول لاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومناضلات هذا الحزب، ورموزه الأحياء منهم والأموات، إلى جانب سياسيين ومثقفين ونخب مغربية، حيث كرّر تكفير الناشط احمد عصيد، مشددا في ما يعتبر درسا تاسعا له، على أن الباحث الامازيغي هو كافر عند جميع الأئمة، وهي الخطابات التي تتناسل يوما عن يوم، والتي ينذر التساهل معها بأوخم العواقب.