الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح فوزي لقجع الجائزة التقديرية لعام 2024    توقيف 6 أشخاص بالبيضاء يشتبه تورطهم في قضية تتعلق بتبادل الضرب والجرح    أمن أكادير يحجز كميات مهمة من المخدرات والقنب الهندي    إضراب عام في القطاعين العام والخاص احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والغلاء    المغرب يتسلم رئاسة التحالف الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة    إدعمار يهيئ أعضاء حزبه بتطوان لانخراط قوي في المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية    بين اتهامات بالتضييق النقابي ومبررات تراجع الإنتاج.. نزاع حاد بين شركة "NOVACO FASHION" المملوكة لبرلماني من طنجة وعمالها المطرودين    هولندا.. مقتل طفلة طعنًا على يد شاب من اصل مغربي    دراسة: الجمع بين الرياضة والوزن الصحي يمكن من الحد من خطر الإصابة بالسرطان    الاتحاد الأوروبي يحذر من رسوم ترامب.. ستؤدي إلى التضخم وتضر بالاقتصاد العالمي    فتح تحقيق جنائي بحقّ زوجة نتانياهو    تعليق الدراسة ببعض مناطق اقليم الحسيمة تقلبات الاحوال الجوية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    أخبار الساحة    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    استثمارات كبرى لتعزيز التنمية في الناظور.. البنك الدولي يدعم مشاريع البنية التحتية بقيمة 250 مليون دولار    اقتراب كأس إفريقيا يُسرّع وتيرة الأشغال بملعب طنجة الكبير    مصالح مديرية الضرائب تضع حسابات مقاولات "العجز المزمن" تحت المجهر    طنجة: انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية    الشبكة المغربية لهيآت المتقاعدين تحتج ضد تجاهل الزيادة في المعاشات    ولي عهد السعودية يستقبل الرئيس الشرع    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    درك شفشاون يطيح ب"ملثم" سطا على وكالة لتحويل الأموال    بعد أيام من الغموض .. الشرطة البريطانية تفك لغز اختفاء تلميذتين مغربيتين    تحولات "فن الحرب"    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    من طنجة.. تتويج رشيد البقالي بجائزة عبد الله كنون للفكر والأدب المغربيين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مكتب الصرف: تحويلات مغاربة العالم فاقت 117,7 مليار درهم سنة 2024    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبعون عاماً للبعث

في بادرة غير مسبوقة أكرم البعثيون في الأردن رفاقهم الراحلين الذين أخلصوا لقضية الحزب والرسالة، ولأولئك الذين أسهموا بمواصلة الفكرة والنهج، ومازالوا على قيد الحياة تكريماً لهم في حياتهم قبل رحيلهم، ومبادرة حزب البعث العربي الاشتراكي هذه، تمت بمناسبة الذكرى السبعين لولادة البعث، في 7 / أبريل/ 1947، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية التي أدت إلى نتيجتين متناقضتين :
أولهما: تعزيز خيار البلدان الرأسمالية الاستعماري بهدف استغلال ثروات البلدان المتخلفة، وتوظيف أسواقها لتصريف سلع وخدمات البلدان الاستعمارية المتقدمة المتفوقة، وثانيهما : انتشار حركات التحرر الوطني وزيادة وعي الشعوب بضرورة الاستقلال وحقها في الحياة والتقدم .
في خضم هذا التناقض الصارخ، بين النتيجتين رضخت البلدان العربية للاستعمار بأشكاله المتنوعة والمتعددة، وخاضت شعوبها نضالات متعددة لنيل استقلالها السياسي والاقتصادي الذي تعثر ومازال حيث أخفقت حركة التحرر العربية في تحقيق تطلعات العرب نحو :
1 – استكمال خطوات الاستقلال السياسي والاقتصادي .
2 – نيل العدالة الاجتماعية، وبروز التفاوت الطبقي الاجتماعي الحاد بين أثرياء قلة والأغلبية الفقيرة .
3 – وشيوع الديمقراطية وتداول السلطة والاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع .
في ظل هذه المعطيات السلبية، والتي شكلت حوافز لانفجار ثورة الربيع العربي عام 2011، ودوافع حراكات شعبية اجتاحت العديد من البلدان العربية بسب فقدان الاستقلال والعدالة والديمقراطية، وبذلك يمكن محاكمة التيارات السياسية الأربعة : القومية واليسارية والاسلامية والليبرالية التي تشكل الأساس التنظيمي والقيمي لنضال وتطلعات حركة التحرر العربية، فنحكم لها وما عليها من تضحيات أو أفعال أو تحالفات، وعليه يمكن تناول تجربة حزب البعث العربي الاشتراكي على المستوى القومي، باعتباره يقف في طليعة القوى السياسية الحية التي أثرت وتأثرت، فقد بقي البعثيون ممسكين بجمر القضية القومية رغم الانحسار والتراجع والحصار التي تعرضوا لها وذاقوا ويلاتها، فشكلوا مرآة للانجاز والاخفاق، للانتصار وللهزيمة، للوطني وللقومي، ومازالوا عنواناً لكل ما تتركه حركة التحرر العربية من فعل وتتطلع ورغبة .
تميز البعثيون أنهم حكموا وتحكموا، ودفعوا ثمن صعودهم مثلما دفعوا ثمن انحسارهم، وتجربتا العراق وسوريا، مثل صارخ للحكم لهما أو عليهما، فالخلاف بينهما أضعفهما كنموذج يُحتذى به رغم المؤامرات والضغوط التي تعرضوا لها في العاصمتين طوال حقبة الحرب الباردة وما بعدها، ومع ذلك فالخصومة بين بعثيي بغداد ودمشق كانت أقوى تأثيراً من مواجهة العدو المشترك، وهكذا تعرض العراق للاحتلال ودمشق تعاني من آثاره وتنزلق تحت أقدامه وما القصف الأمريكي لمطار الشعيرات 7/4/2017، سوى تذكير بما حصل مع العراق عام 2003، وإن كانت تجربة الراحل صدام حسين مأساوية بالقدر الكافي تجعل منه نموذجاً للقناعة الراسخة والايمان العميق بما يرى أنه على حق ويمتلك الصواب، سواء فيما يتعلق بأمته كعربي أو بوضع القضية الفلسطينية بمكانة مركزية تستحق التضحية، بما لا يقل عن شعار الحزب " وحدة حرية اشتراكية "، بل وتتقدم عليه، حينما نطق بشهادة الرحيل الشجاعة مسبوقة بهتافه " عاشت فلسطين حرة عربية " مما ترك أكبر الأثر في نفس وعقلية ووعي من رآه وسمعه .
عاش البعثيون في الأردن مرارة الأحكام العرفية كسائر القوى اليسارية والقومية منذ عام 1957، حتى كانت هبّة أبريل عام 1989، التي أثمرت عن استعادة شعبنا لحقوقه الدستورية، واستئناف الحياة البرلمانية التي كانت معطلة، وإعادة الحرية لعمل الأحزاب وترخيصها، بعد تحقيق المصالحة الوطنية بين الملك الراحل الحسين وبين أحزاب المعارضة اليسارية والقومية عبر الحوار والمشاركة في اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني عام 1991، والتي مهدت الأرضية وفتحت بوابة للنشاط الحزبي، بعد سلسلة لقاءات مشتركة تمت في منزلي بين الحكومة والأحزاب في عهد حكومة الشريف زيد بن شاكر، حيث استضفت اللقاء الأول في شهر نونبر 1991 بين قادة الأحزاب القومية واليسارية الخمسة : الشيوعي، الشعب، الوحدة، البعث الاشتراكي، والبعث القومي، وحضرها اثنان من كل حزب وكان من البعثيين الصيدلاني تيسير الحمصي والمحامي أحمد النجداوي، وما يماثلهم من الأحزاب الأخرى، وحضر من الحكومة الراحل الشريف زيد بن شاكر والراحل ذوقان الهنداوي وعلي سحيمات وابراهيم عز الدين، وتم اللقاء الثاني في شهر يناير في منزل الوزير علي سحيمات امتداداً للقاء الأول ومن مجموع الحاضرين الأوائل بمن فيهم صاحب الدعوة الأولى (حمادة فراعنة )، وجرى اللقاء الثالث في مجلس الوزراء في شهر يناير 1992، حيث صدرت الموافقة السياسية لترخيص الأحزاب الخمسة بعد أن تم الاتفاق على تأكيد الأحزاب المذكورة على التزامها بالمواثيق الثلاثة : الدستور وقانون الأحزاب، والميثاق الوطني وإعلانها ذلك في كتاب ترخيصها، وهكذا أخذ الحزب طريقه، كامتداد للحزب القومي في الأردن مثله مثل البعث التقدمي الذي نال الموافقة والترخيص أيضاً .
تتلون أدوات النضال لدى البعثيين من بلد عربي إلى آخر وفق ظروفه الموضوعية السائدة، وظروف الحزب الذاتية، ولكنها بمجملها تسير في خط واضح لا رجعة عنه، تعكس إيمانهم العميق بقضيتهم القومية، واستعدادهم للتضحية والتعلم من سقطاتهم السياسية وخطاياإجراءاتهم التنظيمية، ومواصلتهم العمل ممسكين بالعزيمة، تمنحنا الثقة أن المستقبل مهما بدا طريقه مظلماً بسبب عوامل تفوق المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وتدخلات البلدان الاقليمية المحيطة بالعالم العربي من تركيا وايران وأثيوبيا، وتطرف أحزاب التيار الاسلامي التي دمرت قدرات العرب وأعادتهم مئات السنين إلى الوراء، مستغلين الدين وتوظيفه لخدمة أهدافهم الحزبية وتطلعاتهم السياسية الأحادية، إضافة إلى هيمنة قوى الشد العكسي الرافضة للتقدم والديمقراطية، وهي عوامل مجتمعة تحول دون استكمال خطوات الاستقلال السياسي والاقتصادي لبلداننا العربية، ولا تسعى نحو تحقيق العدالة الاجتماعية بين شرائح المجتمع العربي، وترفض الديمقراطية وتداول السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، ومع ذلك فثقة البعثيين بأنفسهم وإصرارهم على مواصلة العمل، تدفعنا للثقة معهم أن الغد هو الأفضل مهما كانت قساوة الحاضر وصعوبته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.