تعد معلمة «زيفاغو»المعروفة باسم الكرة الأرضية في قلب الدارالبيضاء، إحدى المآثر العمرانية المهمة التي تنضج بعبق التاريخ، لكن الطبيعة والزمن أخذا الكثير من رونقها، وهو ما حتم إعادة الاعتبار لها، من خلال الشروع في تهيئتها من جديد حتى تعود قبلة لكل البيضاويين، كما كانت في الماضي القريب . فهذه المعلمة، التي يصح أن يقال فيها، ما جادت به قريحة الشاعر ابن خفاجة الأندلسي في قصيدة وصف الجبل « وقور على ظهر الفلاة كأنه…طوال الليالي مفكر بالعواقب"، تركت عرضة للإهمال لسنوات طوال، وهو ما حولها إلى بناية وقورة تفكر جديا في عواقب مصيرها لكن الأمل عاد لهذه المعلمة ولعشاق المآثر العمرانية بالدارالبيضاء مؤخرا، خاصة بعد الشروع في إحيائها وبعثها من جديد، ما دام الأمر يتعلق بالحفاظ على جزء من ذاكرة العاصمة الاقتصادية، التي تختزن تصورات هندسية تحمل توقيعات مهندسين كبار، منهم المهندس الفرنسي جون فرانسوا زيفاغو الذي صمم هندسة الكرة الأرضية في بحر القرن الماضي. وقد سعى جون فرانسوا زيفاغو، الذي ازداد بمدينة الدارالبيضاء في 8 غشت من عام 1916، وتوفي سنة 2003، وقتئذ إلى تحويل فضاء أساسي في قلب العاصمة الاقتصادية، إلى تحفة جميلة، ومكان للإخبار وتوجيه زوار المدينة، وممر آمن للمارة . ومن شأن إعادة تأهيل هذه المعلمة، التي لم تعد تجذب الزوار إليها منذ سنوات، أن تعيد الحياة إليها باعتبارها رمزا ثقافيا وسياحيا من رموز العاصمة الاقتصادية. وحددت لمشروع إعادة تهيئة «الكرة الأرضية «، وفق اتفاقية بين شركة التنمية المحلية «البيضاء للتراث»وشركة «الأجيال»الكويتية القابضة، حوالي 15 مليون درهم، وهو ما سيساهم في إعادة الرونق لهذه المعلمة الحضارية، ناهيك عن جعل ممرها التحت أرضي مزارا لساكنة العاصمة الاقتصادية ومكانا لاحتضان أنشطة ثقافية وتجارية . وحسب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، سيتم من خلال عملية إعادة التهيئة تجديد الكرة الأرضية ومحيطها بطريقة تتناسب مع غنى مركز مدينة الدارالبيضاء الذي يزخر بعراقة تاريخه ومعماره، وذلك لخلق جاذبية للسياح ومواكبة التنمية الحضرية للمدينة ، وكذا إعادة تأهيل الممر الأدنى بطريقة راقية ستمحو تلك الصورة القاتمة والهشة ، كما أنه سيستضيف أنشطة تجارية وثقافية ستضمن حركيته وصيرورته. وتهدف الاتفاقية إلى الحفاظ على الطابع الشعبي لمدينة الدارالبيضاء لتمكين السكان من استعادة التراث، مع تسليط الضوء على حركة العاصمة الاقتصادية وطابعها المعاصر. وتجدر الإشارة إلى أن المهندس الفرنسي جون فرانسوا زيفاغو، يحاول قدر الإمكان المزج في أعماله بين الهندسة العربية الإسلامية والهندسة الحديثة. ويمزج زيفاغو في أعماله الهندسية بين عدة ألوان مستفيدا قدر الإمكان من أشعة الشمس التي يتميز بها المغرب . وللمهندس زيفاغو العديد من الأعمال التي لا زالت حاضرة بمختلف المدن المغربية، ولا تزال بصمات هذا المهندس المعماري حاضرة بعدة منشآت إدارية منها المركز البريدي بوسط المدينة ، ومقر الوقاية المدنية، مما أهله للحصول على جائزة آغا خان للمعمار سنة 1980 . ومن بين المنشآت الأخرى التي ساهم زيفاغو في وضع تصاميمها، وضعه تصميم المحكمة الابتدائية بالمحمدية سنة 1956 ، وتصميم المحكمة الابتدائية بابن احمد سنة 1958، ومجموعة مدارس بيزيه بالبيضاء سنة 1960 ، ومركز الإصلاح والتهذيب بتيط مليل سنة 1960.