(و.م.ع) تشكل إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، التي تخلد هذه السنة الذكرى العاشرة لإحداثها، آلية إعلامية من بين آليات أخرى تهم تأهيل الحقل الدني بالمغرب وإدماجه في الخطاب الإعلامي الوطني وجعله يساير ما يعبر عنه الدين الإسلامي السمح في عمقه من دعوة إلى التسامح والانفتاح واحترام الديانات الأخرى، وكذا دعما لاستراتيجية ترصين البنية الثقافية للمنظومة الروحية للمغرب. وبالفعل فإن إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، التي كان أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أعطى في 2 رمضان 1425 هجرية موافق 16 أكتوبر 2004 ميلادية انطلاقتها، تمثل قيمة مضافة بالنسبة للمشهد السمعي البصري المغربي، من حيث الدور التربوي والتثقيفي والديني الذي تضطلع به، ومساهمتها في ترسيخ روح التسامح والانفتاح المستلهمة من هدي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ويندرج إحداث هذه الإذاعة، إضافة إلى قناة محمد السادس للقرآن الكريم (السادسة)، في إطار الحفاظ على الأمن الروحي للمواطنين، والذي يقتضي التواصل بشكل مباشر معهم، وذلك بالاستفادة من المزايا والدور الهام الذي تضطلع به وسائل الاتصال الحديثة، لاسيما الجماهيرية منها، بهدف إيصال خطاب ديني من مستوى مقبول إلى أكبر شريحة من المواطنين يؤهلها للتعرف على مقومات الدين وقيمه النبيلة، في وقت وجيز وبأقل تكلفة. ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة إنشاء هذه القناة ضمن جملة من المبادرات الرامية إلى استثمار الدور التثقيفي لوسائل الإعلام ومساهمتها في تلقين المواطنين العقيدة الصحيحة وتوعيتهم لمكافحة جميع مظاهر التطرف والغلو، والإجابة عن استفساراتهم في أمور الدين، وبيان الوجهة الصحيحة الشرعية في ذلك. وقال إدريس أولحيان، مدير إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن تزامن الاحتفال بالذكرى العاشرة لإنشاء الإذاعة مع شهر رمضان الأبرك، دفع القائمين على هذه الاذاعة على تسطير شبكة برامج خاصة برمضان تحت شعار «تخليد الذكرى العاشرة لإنشاء إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم .. عشر سنوات في خدمة كتاب الله عز وجل.. عشر سنوات في خدمة سيرة النبي المصطفى.. عشر سنوات من التميز والتألق.. عشر سنوات في خدمة الهوية المغربية.. عشر سنوات من التواصل الروحي مع المستمع الكريم». وقد حرصت إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، منذ نشأتها وتطورها كإذاعة موضوعاتية، لكنها تهتم بكل مناحي حياة الفرد والمستمع، وتركز في مضامينها على اهتمامات المواطنين وحاجاتهم في التوعية الدينية والصحية والاجتماعية وقضايا الشباب بأسلوب وسطي معتدل، على تقديم خدمات إعلامية متنوعة ومفيدة للمستمع، لاسيما وأن الإسلام دين يهتم بكل مناحي حياة المسلم، وذلك ما يفسر مدى النجاح الكبير الذي تحققه هذه الإذاعة سنة بعد سنة من خلال الإقبال المتزايد عليها من طرف المواطنين. وأبرز مدير إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم أن الإذاعة ستقدم بهذه المناسبة برامج خاصة تتضمن شهادات لمنتجين وإذاعيين سابقين وتحليلات ولقاءات مع أساتذة مختصين وارتسامات المواطنين، وأمسية إذاعية تبرز العناية الملكية السامية الخاصة بهذه المنشأة الإعلامية التي منحها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس إسمه الكريم. وأشار أولحيان إلى أنه سيتم كذلك تسليط الأضواء على ما تحقق خلال السنوات العشر الماضية من بلورة تجربة إذاعية تتسم بالإبداع المغربي والظرفية الثقافية والدينية التي جاءت خلال مدة عملها، وكذا التعريف ببعض الأطر الذين ساهموا في إنجاز هذا الصرح الإعلامي المغربي منذ تأسيسه ومواكبة تطوره، وتخصيص فقرات لذاكرة بعض الأسماء من الإذاعيين الذين غادروا هذه الاذاعة إلى دار البقاء مثل أحمد العسري أمزال منتج البرامج بتاشلحيت، وعبد العزيز بغداد منتج برنامج «إشراقات قرآنية» وغيرهم من الأطر التقنية والفنية. ويصنف المركز المهني لقياس نسب الاستماع للمحطات الإذاعية بالمغرب (سيراد)، في كل دراساته لقياس نسب الاستماع لدى متتبعي الإذاعات الوطنية، إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، التي تعد مكسبا ثقافيا وإعلاميا، في مركز الصدارة من حيث نسبة الاستماع ضمن مختلف الإذاعات المتواجدة على امتداد التراب الوطني، وذلك من خلال الجهود التي تبذلها بمواكبتها لكافة الأنشطة الثقافية والعلمية والدينية التي تنظمها المجالس العلمية المحلية، وتقديمها لمجموعة من البرامج الدينية والفقرات التي تهم المواطن في دينه ودنياه، وبإيلائها العناية اللازمة للتراث العريق والعمل على إحيائه. ولعل ما يدعو إلى الاعتزاز بهذه المنشأة الإعلامية الدينية هو فتح الباب أمام المرأة العالمة أيضا، وتكريس انخراطها في مشروع تأهيل الحقل الديني في شقه الإعلامي. فقد أثبتت المرأة العالمة المغربية إعلاميا قدرتها واستحقاقها للأمانة التي أناطها بها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه يوم 30 أبريل 2004، والذي أوصى فيه جلالته بضرورة إشراك المرأة العالمة في تأهيل المجتمع دينيا وتربويا ودعويا، لذلك أصبحت المرأة العالمة اليوم حاضرة بقوة داخل المسجد وداخل المجالس العلمية وفي دور العجزة والمستشفيات والمؤسسات التربوية والتعليمية، وكذا في جل المنابر الإعلامية. وفي هذا الصدد، سجل أولحيان أن نسبة النساء العاملات تشهد ارتفاعا مقارنة مع نسبة الرجال العاملين بالإذاعة في المجالات الصحافية والتقنية والفنية والإرشادية، مضيفا أن نسبة من هؤلاء السيدات التحقن بالإذاعة بعد تخرجهن من مركز تكوين الأئمة والمرشدين بالرباط، وأخذن مواقعهن بكل جدارة واستحقاق وتألق في مجال الإرشاد الديني الإذاعي، واكتسبن تجارب مهنية صحفية في الإعلام السمعي بكل تخصصاته حيث أنهن يقمن بالتنشيط الإذاعي الديني وإنتاج البرامج المناسباتية الدينية وبرامج المرأة والأسرة بصفة عامة، وبرامج الأطفال وبرامج التوعية الدينية بمفهومها الشامل. وقال إن مركز الصدارة الذي تحتله إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم كإذاعة احتلت الرتبة الأولى من 23 إذاعة في الفضاء السمعي المغربي، يفرض مسؤوليات على كاهل أطرها كي تحافظ على مرتبتها المتألقة وتواصل مسيرة التطوير وخاصة تطوير الوسائل التقنية واللوجيستيكية وتكوين الموارد البشرية الضرورية لاستمرارية العمل الطبيعي. وعن الآفاق المستقبلية، اعتبر أولحيان أن الموقع المتميز لإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم يفرض على كافة العاملين بها واجب المحافظة على هذا المكتسب الهام، متوقعا أنها ستكتسب خلال السنوات المقبلة مواقع ريادية، خاصة بعد إتمام انجاز منظومة مراكز البث الأرضي على موجة «إف إم» لكي تشمل التغطية الإذاعية كل تراب المملكة.