من بين أهم النقاط الواردة في التقرير الذي أعده الأمين العام الأممي الجديد، أنطونيو غوتيريس لمجلس الأمن، حول الصحراء المغربية، دعوته الجزائروموريتانيا، كبلدين جارين، للمساهمة الإيجابية في المفاوضات التي ينوي الدعوة لها، بين المغرب وجبهة البوليزاريو. وتعتبر هذه الدعوة ذات دلالة هامة، نظرا للدور الذي تلعبه الجزائر في هذا النزاع، والذي ينبغي أن يخضع للتقييم من طرف الأممالمتحدة، على مختلف المستويات، خاصة وأن الأمر لا يتعلق ببلد جار، كما يَرِدُ عادة في تقارير الأممالمتحدة، بل كدولة مسؤولة عن النزاع في شموليته، إذ لولا تبنيها لجبهة البوليزاريو وتمويلها وتزويدها بالسلاح وتوفير الدعم السياسي والديبلوماسي ومنح أراضيها لاحتضانها، لما كان هناك شيء اسمه قضية الصحراء. وإذا كان الأمين العام الجديد، يعبر بوضوح عن إرادته في عودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، للبحث عن حل سياسي دائم ومتوافق بشأنه، فإنه سيصطدم حتما، بالدور الجزائري، الذي يتجه دائما نحو التصعيد، ليس لأنه بلد جار، بل الطرف الأول في هذا النزاع، وهو ما ينبغي أن تشير إليه التقارير الأممية، حتى تتوفر فعلا على المصداقية. أما إذا ظلت المقاربة الأممية في نزاع الصحراء، تتبنى أسلوب النعامة، إذ تتجنب الإشارة الواضحة للطرف المسؤول عن التجنيد والتسليح والاعتداء على البلد الجار، بحرب وكالة، واحتجاز أسرى الحرب، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، والتستر والتواطؤ على الخروقات المتواصلة، لحقوق الإنسان، في تندوف، من طرف البوليزاريو، وغيرها من الممارسات التي تدفع نحو التوتر وإدامة النزاع، مثلما حدث في الشهور الأخيرة، في الكركرات، فإنها تتحول إلى مجرد كلام فارغ. على الأممالمتحدة، إذا كانت تسعى، فعلا، لحل نزاع الصحراء، أن تسمي الأسماء بمسمياتها، وأن تقول للرأي العام، الحقيقة، وذلك بالتعامل مع الجزائر، كطرف في النزاع، وليس كبلد جار، مثل موريتانيا، وأن تُحَمّلٓها مسؤولية كل الخروقات والتوترات التي لا تسمح بالتقدم في معالجة هذا الملف. الدولة الجزائرية ليست محايدة في النزاع، وموقف الأممالمتحدة، يسمح لها بالاستمرار في اللعبة المزدوجة، التي تريحها، وتمنح لها صفة غير حقيقية، كبلد جار، وهو أمر صحيح، جغرافيا، لكنها طرف سياسي وعسكري وديبلوماسي، أولا وقبل كل شيء.