تعرف أزقة ودروب فاس العتيقة حركة دائبة ونشاطا تجاريا مستمرا ، حيث تكتظ الأسواق بالراجلين، خاصة العطارين والرصيف وباب السنسلة ،ومما يزيد المشكل استفحالا هو عبور الدواب المحملة بالجلود المدبوغة في اتجاه باب العجيسة، لنشرها حتى تجف تحت حرارة الشمس ،زيادة على نقل مختلف البضائع والسلع نحو المحطة الطرقية لتواصل طريقها إلى عدد من المدن المغربية .وأنت تمر بالشوارع الضيقة والأسواق المختلفة تلاحقك أصوات الحمالة وهم يصيحون «اخو الطريق الله يرحم الوالدين … عنداك … بلاك .. « ، ليتمكنوا من المرور ، مما يعيق المارة ،وتزداد الأزمة استفحالا عندما تكون قوافل السياح الأجانب مارة لتعبر الطريق في اتجاه المدارس العتيقة والمتاحف والبازارات ودور الضيافة ،لزيارتها والوقوف على ما تزخر به أسواق فاس التقليدية من صناعات يدوية مختلقة . أمام هذه الفوضى العارمة والاكتظاظ البشري ، قام المجلس البلدي الاتحادي الأسبق بإصدار قرار يقضي بتنظيم مرور وجولان الدواب بأزقة المدينة ،وقد لقي القرار أنذاك استحسانا من طرف التجار والساكنة بالمدينة العتيقة ، وهكذا انتظم المرور والتزم أصحاب الدواب بالقرار ،غير انه مع مرور الوقت وتقسيم المدينة وعدم الحرص على الالتزام بالقرار ،عادت ظاهرة الفوضى والاكتظاظ من جديد وازدادت حدة خلال الشهور الماضية ،حيث أخذت تتوافد على فاس العتيقة قوافل سياحية هامة من الدول الأسيوية وخاصة الصين الشعبية .ونظرا لحدة الظاهرة ، بالإضافة إلى شكايات الساكنة، قامت مقاطعة فاسالمدينة بتحيين القرار البلدي الاتحادي الخاص بتنظيم السير وجولان الدواب . وقد أكد رئيس مقاطعة فاسالمدينة في تصريح صحافي «أن حركة السير وجولان الدواب منظمة بقرار بلدي قديم أصدره المجلس الاتحادي الأسبق تم تحيينه بعد أن أصبح هذا النشاط تشوبه مظاهر العشوائية وعدم التقيد ببنوده، حيث يقوم شخص بتدبير دابتين أو أكثر ويسوقها على شكل «العيس في الصحراء» وهي محملة بالجلود المدبوغة وسط الممرات السياحية «. وأكد المتحدث أن الجماعة ظلت محتفظة بمضمون القرار مع إدخال بعض الإضافات التي تنص على منع نقل الجلود في الممرات السياحية من طرف أصحاب الدواب من الساعة العاشرة صباحا إلى الثانية زوالا وإلزام الحمالة بالحصول على رخص استغلال النقل على الدواب ومنع ضرب الدواب ضربا مبرحا أو استعمال آلات حادة لوخزها ومنع استعمال الحبال الحادة لتثبيت البضائع فوق ظهورها وإلزام أصحابها بتقديم شهادات طبية تقضي بسلامتها تسحب من المستشفى الأمريكي المجاني الخاص بالرفق بالحيوانات ،كما نص القرار المحين على وضع صفائح مطاطية في حوافرها تجنبا لانزلاقها وتوفير اسطبلات صحية لها ،وكل من خالف ذلك يعاقب طبقا للقوانين الجاري بها العمل وذلك بحجز الدابة في المحجز البلدي براس القليعة وأداء ذعيرة قيمتها 20 درهما عن كل يوم . ويبقى التساؤل مطروحا عن مصير الحمالة الذين دبت الشيخوخة لأوصالهم وأصبحوا يستجدون زملاءهم الشباب أو التجار الذين وفروا لهم النقل لسلعهم في غياب اي تقاعد او تغطية صحية ،الشيء الذي سيؤدي بهذه المهنة إلى الانقراض ما لم يفكر المسؤولون في هذه الشريحة الاجتماعية خاصة أن الدابة تتطلب مصاريف يومية تتعلق بالأكل والمبيت تبلغ 30 د يوميا على الأقل ،علما بأن الحمالة والدواب يؤثثون الفضاء السياحي بالمدينة العتيقة .