سؤال يضع نفسه بقوة على الحكومة الجديدة /القديمة: السؤال المحير في المغرب الراهن : كيف يحسب المغرب بثرواته البشرية والفلاحية والبحرية والمنجمية والسياحية والحضارية، على لائحة البلدان الفقيرة، مع أن الواقع يقول عكس ذلك تماما؟. المغرب بلد زراعي، تغطي أراضيه الصالحة والقابلة للفلاحة أو القابلة للاستصلاح، ملايين الهكتارات، وكان من المفترض أن تحقق فلاحته الاكتفاء الذاتي في التغذية / في الحبوب و الزيتيات و السكريات واللحوم والألبان،وغيرها من المواد التي أصبح يستوردها علانية، وبلا رقابة أحيانا. والمغرب بلد بحري، شواطئه طويلة و عريضة، وتطل على بحرين عظيمين، وثرواته السمكية لا تحصى ولا تعد. تقول الأرقام أن البحر المغربي، قادر على تزويد المغاربة بمليوني طن من الأسماك سنويا، وان قطاع الصيد البحري قادر على تشغيل أزيد من نصف مليون من المواطنين… . والمغرب بلد منجمي، يملك 60 % من الاحتياطي العالمي من مادة الفوسفاط، ويملك مناجم الحديد والنحاس والفضة والحامض الفسفوري والأورانيوم والصخور النفطية… و ربما النفط نفسه. فكيف لبلد على هذه الصورة من الثراء، يملك ثروات الأرض و ثروات ما في باطنها، يملك البحر و ما يحويه في باطنه، ويملك الإنسان و طموحاته ووطنيته، يملك ثروة حضارية متميزة في إفريقيا والعالم العربي، وهو مسجل على لائحة الدول الفقيرة … والأكثر فقرا…؟. إنها معادلة «صعبة» حقا… و لكن حقيقة الفقر لا مناص منها. تقول كتب التاريخ والجغرافيا أن المغرب بلد غني بموارده الطبيعية والبشرية وبأراضيه الزراعية وبمصادره المائية وثرواته البحرية والمعدنية. وتقول تقارير الباحثين والدارسين، أن المغرب واحد من بلدان العالم الفقيرة، يعاني من أزمات متعددة ومتداخلة في كل الميادين والمجالات، في السكن والصحة والعمل، كما في التربية والتعليم والاقتصاد والسياسة. أين تغيب المعادلة وأين تحضر؟ ولماذا نحن أغنياء بمواردنا فقراء في واقعنا؟. المغرب بموقعه الجغرافي وبموقعه التاريخي الحضاري، كان دائما وسيظل إلى الأبد، بلدا عظيما وكانت مشاكله باستمرار تتناسب ومكانته في الجغرافيا وفي التاريخ. عندما يصيبه وهن الفقر أو وهن الفساد يكون ذلك أيضا كبيرا وعظيما، إلا أنه رغم ذلك يبقى مشرقا ثابتا قادرا على المواجهة، إلى أن يعود إلى وضعه المناسب، وإلى حجمه ومكانته في التاريخ. والمغاربة عبر التاريخ، بوضعهم على الخريطة الإفريقية المطلة على الغرب، بحثوا باستمرار عن الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى نهوضهم. وعندما ينهضون في أي فترة من تاريخهم يعوضون بها ما فاتهم في الفترات السابقة. لأجل ذلك تجدهم يعتبرون الفترة الراهنة، المطبوعة بالفقر والبطالة والأمية، والفساد،فترة عارضة، يتطلعون من خلالها إلى نهوضهم، يقارنون ماضيهم بحاضرهم ومستقبلهم، ولديهم معايير من الفترات السابقة المشرقة، يتخذونها معيارهم في التطلع والمقاربة. وتلك هي قضية القضايا، التي تترك سؤالنا معلقا، و لربما بدون جواب أي علاج لأزمات المغرب / لفقر المغرب / لفساد المغرب هذا الزمان ؟.