سيكون أمام الأغلبية الحكومية، الجديدة، ملف كبير يحتاج إلى عناية خاصة، ويتعلق بمسألة البرنامج الذي ينبغي التوافق عليه، رغم أن مكونات الحكومة، لم تختلف كثيرا، عن الأغلبية السابقة، إلا أن المتغيرات التي حصلت في الوضع الداخلي والتحديات الخارجية، المطروحة على المغرب، تفرض إعادة النظر في نظام الأولويات. وهذا ما سيطرح على اللجنة، التي ستنكب على هذا البرنامج أسئلة حقيقية، حٓدّدها رئيس الحكومة، المعين، الدكتور سعد الدين العثماني، في أوراش إصلاح الإدارة ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى معضلات التعليم والصحة والتشغيل… وهي كلها قضايا تٓمٓسّ الحياة اليومية للمواطنين، لكنها تُشٓكل البنيات الأساسية، للمستقبل. فنظام الأسبقيات، كما وٓرٓدٓ في الخطاب الملكي في داكار، يفرض على الأغلبية الجديدة، العمل على تحديد السياسات والمشاريع والإجراءات، التي ينبغي اتخاذها، على المستوى القريب والمباشر، لكن دون أن تغفل المستويين، المتوسط والبعيد، خاصة وأن الملفات المطروحة، مثل قضايا الإدارة والفساد، تٓهُمّ بنية المؤسسات الحكومية والعمومية وإعادة تنظيم العلاقات بينها وبين المواطن، كما تٓهُمّ أيضا مختلف العلاقات داخل المجتمع، خاصة في ميادين الاقتصاد والمالية وغيرها من المجالات، التي تتطلب الشفافة والصرامة في احترام القانون. وهذه قضايا لا يمكن معالجتها، بسهولة، بل بمنهجية تدريجية، لكن مع إرادوية حقيقية. فما هو مطروح على الأغلبية الجديدة، هو العمل على تغييرسياسات عمومية، والسعي إلى إحداث قطيعة مع النموذج التنموي السابق، الذي أثبت نقائصه، خاصة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية، مما أفرزٓ هوامش كثيرة، وخصاصا كبيرا، في مفاصل أساسية في المجتمع مثل التعليم والصحة والتشغيل… بالإضافة إلى كل هذا، هناك التحديات الخارجية، التي تعتبر من بين الأولويات الكبرى، حيث يعيش المغرب، في وضع جيواستراتيجي، صعب، نظرا للمشاكل المطروحة في محيطه الإقليمي والقاري والدولي، وهو ما يلقي بمسؤوليات عظيمة على أي حكومة، التي من واجبها مواكبة الخطوات الملكية، الناجحة والمُجْدِية، لأن بلادنا أمام رهان التقدم الحاسم في معالجة ملف، يُحاول خصومها أن يكون حصان طروادة لإضعافها، تمهيدا للتأثير في مستقبلها ووحدتها واستقرارها. لذلك فالأغلبية الحكومية الجديدة، ستكون أمام امتحان صعب، وهذا مايستدعي منها استحضار كل السياقات الوطنية والإقليمية والدولية، لتكون في مستوى التطلعات والانتظارات.