يقارب عدد الجهاديين المغاربة، ضمن مختلف الفصائل الجهادية في سوريا، 1500 . تقاتل أغلبيتهم في صفوف الكتيبة المغربية حركة الشام الإسلامي، وآخرون في صفوف جبهة النصرة، الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا أو في أخيها الند الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ). وقد أجرت الإذاعة والتلفزة الفرنسية اتصالا هاتفيا مع أبو حمزة، واحد من بين مغاربة « داعش « منذ ما يقارب السنة رفقة أبنائه. جماعة الجهاديين المغاربة في حركة شام الإسلام، خلفها: علم حركة شام الإسلام في الوسط، علم جبهة النصرة في اليمين وعلم « داعش « في اليسار قبل مغادرته المغرب لمحاربة بشار الأسد، كان أبو حمزة يعمل طباخا للسمك في أحد المطاعم. يرجع أول سفر له إلى إحدى أراضي الجهاد إلى سنة 2007، حين حاول الالتحاق بالعراق، إلا أنه تم إيقافه في الحدود السورية وإرجاعه إلى المغرب حيث اقتيد إلى السجن مباشرة. أبو حمزة، المقاتل المغربي في صفوف «داعش» بعد قضائه أربع سنوات خلف القضبان، استرد حريته سنة 2011، لينطلق بعد ذلك بستة أشهر باتجاه سوريا. لم يرحل أبو حمزة، ابن السادسة والأربعين، لوحده، بل رفقة زوجته وأبنائه الأربعة، الذين يقاتلون إلى جانبه اليوم في صفوف « داعش «، ولو أن بعضهم لم يتجاوز سن المراهقة بعد. يعتقد أبو حمزة أن الجهاد ينطبق على الأسرة ككل: «عدت إلى سوريا يوم 25 فبراير 2013 . وددت أن أخوض هذه التجربة رفقة أفراد أسرتي تحت لواء « داعش «، للمشاركة في بنائها وحتى يكون الإسلام هو دربنا. لقد رافقني أبنائي دون أدنى مشكل، لأنهم مقتنعون بذلك. لم يكونوا يعملون، لأنهم كانوا يتابعون دراستهم. التحقت بنا أمهم. وها نحن هنا في أحسن حال». يقاتل أبو حمزة منذ أزيد من سنة في منطقة لاطاكية، إلا أنه يستريح حاليا بعيدا عن الجبهة، في تركيا، حيث تخضع زوجته المريضة للعلاج. إلا أن رب الأسرة هذا، فضل الرحيل إلى تركيا لكي يظل بعيدا عن الاصطدامات القاتلة بين الفصائل الجهادية. وحسب أبو حمزة، فإن المغاربة يواصلون الالتحاق بسوريا، إلا أن عددا منهم يعودون إلى المغرب بسبب هذه المعارك الطائفية. فهو نفسه، التحق بسوريا لأجل إقامة خلافة إسلامية بها، إلا أن الانقسامات بين «داعش» والفصائل الأخرى ثنته عن العودة إليها. « قررت عدم المشاركة في تلك المعارك في انتظار أن تصبح الأوضاع واضحة أكثر. رغم المشاكل التي تتكاثر ورغم الاختلاف، يتواصل التحاق المغاربة بسوريا، وأنا نفسي لا أزال مقتنعا بذلك. من المؤكد أننا نتلقى الهزائم يوما عن يوم، إلا أن الله العلي القدير يختار رجالا للدفاع عن الشريعة وعن الدين. رغم المعارك الطائفية وكل ما يجري اليوم، فذلك أمر يقين بالنسبة لي. إنه واجبنا ومن المؤكد أننا سنحرر سوريا. أما اليوم، وبسبب هذه المعركة الطائفية والاختلافات بين الفصائل، فإن الكثيرين من المغاربة يفضلون طريق العودة إلى المغرب. أما أنا، فليس ذلك خياري على الإطلاق، لأنني أعرف ما يجري بالمغرب. هناك ظلم كثير. إننا الآن في انتظار أمر الرب، ومن المرجح أنه سيكون الاتجاه إلى أرض أخرى للجهاد. لن أتخذ قراري بعد، إلا أن تلك الأرض لن تكون سوريا، بل بلدا آخر «. ثلاثة أسئلة إلى رومان كايي * * كم هو عدد الجهاديين المغاربة في سوريا؟ ** يقدر عدد المغاربة في سوريا ما بين 1000 و 1500 مقاتل. و إذا أضفنا إلى هذا العدد حاملي الجنسيات المزدوجة من الشتات المغربي، القادمين من بلجيكا وفرنسا وهولندا، فإن العدد يرتفع إلى 2000 مقاتل مغربي في سوريا. وإذا ما أجرينا مقارنة مع التجارب الجهادية في الماضي، لا سيما تجربة « الأفغان المغاربة «، أي المغاربة الذين شاركوا في الجهاد الأفغاني الأول ضد السوفيات، فإن هذه التعبئة التي كانت الأكثر أهمية تاريخيا، لا تساوي شيئا أمام الظاهرة التي نتتبعها اليوم في سوريا. وإذا ما قارنا عددهم بالعدد الإجمالي للسكان، فإنه يبدو أن عدد الجهاديين المغاربة يقل عن تعبئة التونسيين مثلا؛ بينما يتجاوز، بالمقابل، عدد الجزائريين أو الموريتانيين. * كيف ظهرت جماعة شام الإسلام للجهاديين المغاربة في سوريا؟ ** هذه الجماعة التي يتشكل 90 % من عناصرها من مغاربة، ويسيرها مغاربة، تدعى حركة شام الإسلام، ويرجع تأسيسها إلى شهر غشت 2013 . كان وراء تأسيس الجماعة معتقلون سابقون في غوانتنامو، مروا في السابق من معسكرات تدريب القاعدة مطلع 2000 . إنها جماعة تندرج ضمن خط القاعدة إذن. خلال فترة حكم الطالبان، كان يتم تجميع الجهاديين الذين يلتحقون بالقاعدة تبعا لجنسياتهم. لكن لماذا هذا التجميع تبعا للجنسية؟ أولا، لتجنب عمليات الاندساس والاختراق. والقيمة الثانية المضافة لجماعة جهادية، هي التفكير، على المدى البعيد، في قيامها بأعمال عسكرية ببلدها الأصلي، ولو أن ذلك ليس واردا ضمن جدول أعمال اليوم. لأن هناك اليوم نوعا من التحالف بين حركة شام الإسلام وجماعات أخرى غير جهادية، ما يؤهلها لولوج ترسانة أسلحة ثقيلة وتمويلات من بلدان الخليج كذلك. تقاتل الجماعة شمال لاطاكية وهي تشارك، منذ مارس، في هجمة ضمت، في الوقت نفسه، جبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة، وكذلك جماعات سلفية غير جهادية ترتبط بالجبهة الإسلامية، وهي نفسها الجبهة الإسلامية التي يعترف بها الأمريكيون كشريك في الأزمة السورية. * قتل مؤخرا قائدان عسكريان جهاديان مغربيان في سوريا. هل يمكننا القول بأن كل واحد منهما يمثل، بالنظر لمساره، الجيل القديم والجديد للجهاد؟ ** أجل، الأول هو إبراهيم بنشقرن الملقب أبو أحمد المغربي أو أبو أحمد المهاجر. وكان هو مؤسس حركة شام الإسلام، وقد توفي وهو في الخامسة والثلاثين، يوم 2 أبريل 2014، في إطار هجمة أُطلق عليها اسم « الانفال «، نظمها ائتلاف يضم جبهة النصرة، الجبهة الإسلامية من خلال كتيبة سلفية، ثالث مكون ضمن الترويكا التي هاجمت شمال محافظة أطاكية. وكان إبراهيم بنشقرون قد غادر المغرب أواخر صيف 2000، ثم التحق بالطالبان وانخرط في معسكرات التدريب التابعة للقاعدة في أفغانستان. بعد الهجوم الأمريكي، التحق بباكستان حيث اعتقلته المصالح السرية الباكستانية، ثم سلمته للأمريكيين. قضى مدة بسجني باغرام وقندهار في أفغانستان قبل ترحيله إلى غوانتانامو. سنة 2005، عاد إلى المغرب حيث قضى مدة أخرى في السجن لقضايا لها ارتباط بالإرهاب. إنه، إذن، شخص يبدو أن مساره يندرج بشكل واضح في السجلات الكلاسيكية للأطر المتوسطة في القاعدة. لدينا، في الجهة الأخرى، أبو أسامة الذي يمثل ظاهرة الجيل الجديد. ليس له عمليا ماض نضالي ولو أنه شارك في بعض المظاهرات الجهادية في المغرب. إلا أن سوريا هي التي ستمنحه فرصة أن يخلق لنفسه هوية نضالية. كان من بين المغاربة الأوائل الذين التحقوا بالجهاد في سوريا، في جبهة النصرة في البداية ثم في « داعش « بعد ذلك. وسيفرض نفسه في الجبهة كقائد كتيبة تابعة ل « داعش «، ليُقتل في أحد الاشتباكات يوم 21 مارس 2014، وهو في الثامنة والعشرين. * باحث أنجز تقريرا حول الجهاديين المغاربة في سوريا