تشبعت رئة مدينة ليون الفرسية وهي تتنفس، بين مسارات أروقة احتفاليتها السنوية ب«الأعياد القنصلية» في دورتها الثالثة عشرة، بنفس مغربي متجدد الروح ومتعدد الروافد جمع بين الفن والثقافة الصحراوية الحسانية والأمازيغية اللتين تشكلان إلى جانب المكون العربي والرافدين اليهودي والإفريقي، غنى في مجال التعبير الأدبي والفني المغربي. لقد مكن حضور الثقافة الصحراوية الحسانية والأمازيغية في كل تجلياتها شرايين قلب مدينة ليون ومنه جنوب شرق فرنسا من أن تتجدد وهي تتحسس دما مغربيا يضخ في عروق أروقة احتفاليتها السنوية أيقونات متيقظة تعتمد لغة بصرية كأداة للتواصل لتستقر بمخيلة الزائر، قادرة على إغناء وجدانه عبر تبنيها آلية تبرز إبداع الانسان المغربي بشكل ملموس كجزء من مكونات الفن والثقافة الصحراوية الحسانية والأمازيغية، وتجبره حيويتها على الاحتفاظ بأيقونات العبقرية المغربية الغنية بتنوعها اللغوي أيضا. فقد تميز الرواق المغربي نهاية الاسبوع بزيارة تمثيليات ديبلوماسية وقنصلية من بينها على الخصوص، زيارة البعثة الدبلوماسية الروسية، التي شرفت الرواق بزيارة الأحد الماضي، وأيضا البعثة الايطالية من خلال زيارة القنصل للجمهورية الايطالية بمدينة ليون الفرنسية، جيوليو مارونجي، رفقة عقيلته. وتبرز الأهمية الكبرى للمشاركة المغربية في هذه التظاهرة، التي يتوافد عليها كل سنة نحو 35 ألف زائر، بالنظر لكون الجمهور المستهدف يتجاوز منطقة رون ألب، ليشمل أعدادا من السياح القادمين من مناطق مجاورة كإيطاليا وسويسرا فضلا عن جالية صينية مهمة بليون. وقد عكس الرواق المغربي في هذه الأعياد القنصلية، التي نظمتها عمودية ليون وليون الكبرى، مابين 13 و15 يونيو الماضية وافتتحها عمدة المدينة الاشتراكي جيرار كولومب، غنى وتنوع الفن والثقافة الصحراوية الحسانية والأمازيغية باعتبارهما مكونين أساسيين للهوية الوطنية في مغرب موحد، حيث أقامت جمعية «دار الجنوب» معرضا للفن والثقافة الصحراوية المغربية يتضمن أزياء وحلي وفن الطبخ ومواد تقليدية من التراث، وضم الرواق المغربي أيضا مجموعة من الحلي الأمازيغية وعددا من المواد التي تعرضها التعاونية الفلاحية النسوية «إجديگن اگيردا»، ومنها زيت الاركان، والزعفران. كما أبرز المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عبر عدد من المنشورات، إنجازات المغرب في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية، خاصة منذ اعتماد دستور 2011، الذي أقر الأمازيغية لغة رسمية للبلاد، فضلا عن الأعمال العلمية للمعهد الرامية إلى تعزيز إدخال هذه اللغة إلى النظام التربوي وضمان إشعاعها محليا وجهويا ووطنيا. وللإشارة تشكل تظاهرة الأعياد القنصلية بمدينة ليون، التي حضرها مختلف أعضاء السلك القنصلي (نحو 70 قنصلية) وفاعلين آخرين مثل دار الفرانكوفونية ودار أوروبا وعدد من الجمعيات، موعدا لا محيد عنه بالنسبة لسلطات المدينة من أجل تعزيز صورة المدينة على الصعيد الوطني والدولي، وإبراز ديناميتها وجاذبيتها كفضاء اقتصادي وتجاري وثقافي.