كشف محمد حصاد عن بعض الجوانب من الخطة التي تعتزم وزارة الداخلية تنفيذها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وكان الوزير قد تحدث عن بعض الجزئيات من خطته في أكثر من مرة، سواء داخل اللجنة النيابية المكلفة بذلك أو في الأسئلة الشفوية. وكان آخرها جلسة الثلاثاء الماضي بمجلس النواب. إذ كشف أن مهمة الآمر بالصرف ستنتزع من العمال وتمنح الى رؤساء المجالس الاقليمية، وكذلك اعتماد إدارة مستقلة لتنفيذ قرارات المجالس الجماعية، سيخول لها تطبيق البرامج التي صادقت عليها المجالس، في حين ستكلف هذه المجالس بالسياسة العامة والمراقبة، مع فتح المشاورات حول الجهة في الأسبوع القادم، والإبقاء على القوائم الانتخابية المعتمدة مع إدخال تعديلات عليها، وهو ما يعني الاستمرار على النهج الذي كان متبعاً وعدم الاستجابة للمطلب الذي تقدمت به العديد من القوى السياسية، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي طالب باعتماد قاعدة البطاقة الوطنية، أي إعداد قوائم من طرف الادارة العامة للأمن الوطني بشكل أوتوماتيكي وتفادي اللجوء إلى المساطر المعقدة والطويلة المعمول بها، ابتداء من اللجان التي يترأسها قضاة. فمرحلة تقديم الطعون واللجوء إلى المحكمة الادارية. ومن النقاط الأخرى التي ستأتي ضمن خطة وزارة الداخلية، التغيير في التقطيع الانتخابي، أي إعادة النظر في نظام المقاطعات المعتمد حالياً في المدن الكبرى التي تسير من طرف المجالس الجماعية، واعتماد نظام اللوائح بالنسبة للمدن التي يبلغ تعداد سكانها 20 ألف نسمة بدل 35 ألف نسمة المعمول به في الاستحقاقات الأخيرة، وكذلك الرفع من التعويضات الممنوحة لرؤساء وأعضاء مكاتب المجالس القروية والحضرية، تلافياً للارتشاء. كما سيتم، وفق ذات الخطة، اعتماد التصويت المباشر على الرؤساء بالجماعات القروية، بدل إخضاعهم للتصويت من طرف المستشارين مع التأكيد على أن الرئيس ليس بالضرورة أن يكون مستشاراً منتخباً بدائرته الفردية وإن لم يحالفه الحظ في هذا الاقتراع على مستوى الدائرة، فإنه سيصبح رئيساً إن حاز على المرتبة الأولى، من خلال التصويت بالجماعة القروية ككل، وإسناد مهام التسيير الاداري للكاتب العام أو مدير الجماعة، بدل المكتب المسير المنتخب، وهو المقترح الجديد الذي بموجبه يشرف الكاتب العام أو هذه المؤسسة الجديدة على الصفقات والإنجازات الخاصة بالمشاريع. رغم أن هذا المسؤول الاداري لم يحسم بعد في تسميته، مع حذف التصويت على الحساب الاداري، وتوكيل هذه المهمة للمجلس الأعلى للحسابات، بدعوى أن عدداً كبيراً من المستشارين ليست لهم القدرة على تتبع الأمور التقنية، وتلافياً أيضاً لضياع الوقت والصراعات الهامشية، مع إسناد مهمة الآمر بالصرف إلى رؤساء المجالس الاقليمية، بدل العمال والولاة، رغم أنه لم يتضح بعد حسم هذا الأمر بالنسبة للجهات، في حين لم يحسم بعد في المستوى الدراسي بالنسبة للرؤساء، رغم أن جميع اللقاءات والمناظرات التي تمت وشارك فيها المنتخبون، تطالب بضرورة أن يكون الرئيس له مستوى البكالوريا بدل الشهادة الابتدائية. وبخصوص تسليم رخص البناء، تقترح الداخلية اعتماد شباك خاص بالنسبة للبلديات التي بها 50 ألف نسمة، مع اعتماد مركز أو لجنة خاصة بالعمالة لتسليم الرخص للبناء، وبذلك سيصبح دور الوكالات الحضرية دوراً استشارياً. هذه الخطة أو المقترحات التي ستؤطر الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تثير العديد من التساؤلات حول هذا التصلب في موقف وزارة الداخلية، خاصة بالنسبة للنقطة المتعلقة باللوائح الانتخابية. هل الأمر مرتبط بالتخوف من مقاطعة المواطنين الذين تتوفر فيهم الشروط لذلك ، ولماذا لا يتم اعتماد إجبارية التسجيل مع الإبقاء على حرية الناخب في الإدلاء بصوته من عدمه، تلاقياً للمساطر المتبعة والمعقدة حالياً، وتفادياً للإنزالات وغيرها؟ وهل منح الكاتب العام أو إدارة مستقلة لتنفيذ قرارات المجالس الجماعية، سيضمن النزاهة المطلوبة، وكأن الأمر هنا يتعلق بنزع الثقة من الرؤساء، بدعوى عدم الكفاءة، مما يطرح تشكيكاً في القاعدة الانتخابية المصوتة على هؤلاء الرؤساء. ألا يشكل هذا الأمر انتكاسة ورجوعاً إلى الوراء على مستوى التطور الديمقراطي في البلاد. وما معنى أن يدلي وزير الداخلية بهذه التصريحات في مناقشته لمقترحات القوانين المقدمة من طرف الفرق النيابية قبل الشروع في المشاورات السياسية التي حكمت الاستحقاقات السابقة؟ وكيف سيكون حال الغرف المهنية والتجارية والصناعة التقليدية والصيد البحري والغرف الفلاحية؟ ولماذا الالتجاء لهذه المعالجة التجزيئية لهذا المسار، بدل إخضاع للتقييم الشامل كافة الاستحقاقات التي عرفتها بلادنا في السابق بما في ذلك الانتخابات التشريعية بغرفتي البرلمان، وربط ذلك بالجهوية الموسعة، والتي تعني إعادة الهيكلة في الدولة السياسية المغربية في تناغم تام مع روح الدستور الجديد. كل ذلك سيجعل المتتبعين والرأي العام يترقبون ما ستسفر عنه المشاورات السياسية التي أفصح عنها وزير الداخلية محمد حصاد.