تساؤلات مثيرة يشهدها علم الاجتماع بشأن ما نشر مؤخرًا من تحول مقولة "وراء كل عظيم امرأة"، إلى مقولة جديدة أصبح الكثير يرددها وهي " وراء كل عظيم امرأة نكدية". يستند مروجو المقولة الجديدة "وراء كل عظيم امرأة نكدية" إلى أن العمل هو السبيل الوحيد لهروب الرجل من النكد وهو ما يؤدي إلى نجاحه الدائم ولكن أحيانا نجد العكس، وللوقوف على النظرية الجديدة فتحنا هذا الملف. محمد سيد ) موظف( يؤكد صحة هذه المقولة ويقول: إن الشاعر لا يستطيع أن يكتب إلا إذا شعر بالمعاناة، وكذلك الرجل لا يستطيع أن يعمل إلا إذا شعر بالمعاناة فدائما هذه المعاناة تحقق له النجاح في الحياة العملية، ولكن على الرغم من ذلك فلكي يتجنب الزوج النكد الدائم مع زوجته بسبب تغيبه المستمر وانشغاله الدائم عليه أن يوازن بين حياته العامة والخاصة. ومن وجهة نظري أرى أن الرجل الذي يكون غير سعيد في حياته الزوجية يكون أكثر نجاحا في حياته العملية لما يخرجه من كبت وغضب في عمله في محاوله منه للهروب من هذا الجو الكئيب المظلم. ويتفق مصطفي هشام )موظف( مع محمد مؤكدا أن الرجل التعيس في حياته الزوجية أو العاطفية دائما ما يكون ناجحا في حياته العملية وذلك في محاولة منه لإخراج طاقته وغضبه من زوجته واعتقادا منه أن العمل سوف ينسيه مشاكله الزوجية. ويعود )مصطفى( ليقول: إن لكل قاعدة شواذ فمن الممكن أن يؤدي الاستقرار في الحياة الزوجية إلى النجاح في الحياة العملية وهذا ما ينطبق عني شخصيا فعلى الرغم من استقرار حياتي الزوجية وسعادتي مع زوجتي إلا أنني أعتبر نفسي ناجحا بكل المقاييس في عملي. بينما اختلف ?حازم فهمي? صاحب مصنع ملابس?مع هذا الرأي حيث يقول: إن هذه المقولة غير صحيحة معللا ذلك أنه لا يستطيع أي رجل أن ينتج ويعمل ولديه مشكلة في حياته الخاصة أو مع زوجته فالحياة العامة لا تنفصل عن الحياة الخاصة فإذا شعر الرجل بالهدوء والاستقرار يستطيع أن ينتج ويبتكر أكثر وبذلك سوف يحقق النجاح المطلوب، أما بالنسبة إليّ فأنا لا أستطيع أن أنجز أعمالي بشكل متقن أو دقيق ما دام لديّ مشكلة شخصية متعلقة بزوجتي أو حتى أولادي. لا يستطيع أي رجل أن ينتج ويعمل ولديه مشكلة في حياته الخاصة أو مع زوجته فالحياة العامة لا تنفصل عن الحياة الخاصة كما أكد مصطفى السيد )مدرس( أن الحياة العملية لا تكتمل إلا بالحياة الخاصة فالعلاقة بينهما علاقة وطيدة فالحياة العملية جزء لا ينفصل من الحياة الشخصية فإذا حدث أي تصدع في أي جزء من الحياة يحدث انهيار في الحياة بأكملها وأنا من وجهة نظري أرى أن الاستقرار في الحياة الخاصة أو الزوجية هام وضروري لأن المنزل هو المكان المقدس لدى أيّ رجل ففيه يشعر بالحنان والدفء والأمان مما يجعله يشعر بالاستقرار الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى النجاح في الحياة العملية لأن الحياة الزوجية السعيدة تزيل أي جهد والمعاناة التي يعانيها الرجل في عمله. ومن جهتها أكدت الدكتورة منى عبد الفتاح الباحثة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية على صحة النظرية بقولها: إن النظرية صحيحة إلى حد ما وذلك لأن الرجل الذي يعاني من مشاكل في البيت مع زوجته يحاول أن ينشغل بعمله ويعطيه وقتا أكبر كي يقضي وقتا أقل في منزله هربا من الشجار الدائم. بينما عللت الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع أسباب النكد بين الأزواج إلى ضغوط الحياة وتضيف: الرجل الناجح دائمًا يعاني من حالة انشغال دائم مما يخلق المشاكل الزوجية على العكس تماماً من أن الزوجة " النكدية " ليس بالضرورة أن يكون زوجها ناجحا في عمله، وأعتقد أن هذه المقولة ليست حقيقة في ظل عصرنا الحالي وذلك لأن الصورة تغيرت فكانت المرأة في العصور السابقة دائمة الشجار مع زوجها نظرا لتغيبه وانشغاله الدائم عنها، أما الآن فالصورة تغيرت تماما فالزوجة الآن تعمل بل أحيانا تكون أكثر انشغالا عن الزوج وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة فإن المرأة تحث الرجل على الجهد والعمل المستمر وإلا ما كانت المقولة الشهيرة "وراء كل رجل عظيم امرأة". وأكد الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أن المؤثرات النفسية دائما تأتي بنتائج عكسية مضيفا: وهذه حقيقة علمية فالزوجة "النكدية" دائما يكون زوجها ناجحاً في عمله، نتيجة لهروبه اللاإرادي حيث إنه يهرب بعقله الباطن من مواجهة أية مشاكل يمر بها في حياته الخاصة إلى العمل، حيث إن الاستغراق في العمل يحقق الاستواء النفسي ولكن هناك ما يسمي بالهروب السلبي وهو أن يهرب الزوج إلى عمل ضار غير نافع وذلك هروبا من المشاكل الأسرية وبالتالي فإن المحدد لحالة النجاح هو الحالة النفسية للزوج وغالبا ما يكون الهروب أكثر إلى العمل ولكننا لا نعتبر ذلك نظرية، لأن النظرية لا بد أن تكون لها محددات علمية بالتجربة ورغم إمكانية صحة ذلك فإننا نجد رجالاً ناجحين في عملهم وفي حياتهم الأسرية أيضا. ويضيف الدكتور عبد المحسن: إن السبب الرئيسي وراء نكد الزوجة على الزوج الفراغ النفسي فالمرأة العاملة قليلة المشاكل مع زوجها.