ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهة بوكو حرم، معقل الميليشيات الإرهابية

سوق «مايدوغوري»، عاصمة ولاية بورنو في الشمال الشرقي لنيجيريا يستردّ نشاطه: بيع فاكهة المانجو، البيض، تحت حرارة تصل إلى 45 درجة، مثلما تباع سجادات الصلاة والأقمشة. في نفس السوق يعرض باعة الجرائد صحف اليوم التي تتحدث في صفحاتها الأولى خبر العمليتيْن الانفجاريتيْن بسيارة مفخخة، اللتيْن نفذتهما جماعة بوكو حرام، واللتين راح ضحيّتهما حوالي 120 قتيلا في سوق مكتظة في مدينة جوس على بعد مآت الكيلومترات من هنا. وبما أنّ السلطات المحلية لم تعرف ماذا تفعل بأشلاء الجُثث المتراكمة في غرفة الموتى، فإنها قررت دفنها سرّاً في حفرة جماعية. إنها فضيحة سياسية أخرى بالنسبة لنيجيريا التي لا تستطيع تعبئة الناس طويلا. النساء، اللواتي يرتدين الحجاب وجلابيب ملونة طويلة، يلقين نظرات خاطفة على الصور المروعة الملقاة على الرصيف. فقد عرفت مايدوغوري أيضا، عمليات إطلاق النار والمجازر. ففي هذه المدينة التي تبلغ ساكنتها 3 مليون نسمة، أسّس محمد يوسف حركة بوكو حرام في سنة 2002، وإلى هنا أيضا جاءَ خليفته أبو بكر شيكاو، قبل أن يتوارى عنْ شاشات الرادار، ويفلت من مراقبة طائرات الاستطلاع بدون طيّار.
قلْعة الرّمال المُطلّة على السّاحل
إلى حُدود السنة الماضية فقطْ، لمْ يكنْ أحد يجرؤُ على الخُروج إلى شوارع مايدوغوري. لقدْ فقدَ معقل «بوكو حرام» عشرات الآلاف منْ الناس. لكنْ، منذ شهور قليلة، عادت صور حاكم ولاية بورْنو لتغطّي الجُدْران التي خرّبتْها الهجمات. في كلّ مكان من المدينة تنتشر صور الوجه الصارم والنظرات الحادّة لكاشيمْ شيتيما. استعاد زمام الأمور منْ خلال السماح لحوالي 30000 مدنيا للدفاع عن المدينة، جنْبا إلى جنب مع الجيش والشرْطة. وقد عملت الميليشيات المدَنية على طرد شيكاو، وتنْظيف المدينة من الإرْهابيين، أو تقريبا.
في غضون ذلك، توعّد الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان الخميس بشنّ «حرب شاملة» ضد الإرهاب فيما عززت قوات الأمن النيجيرية جهودها لإنقاذ أكثر من 200 تلميذة خطفتها الحركة الإسلامية قبل 45 يوما. قال الرئيس النيجيري، في كلمة في ذكرى مرور 15 عاما على عودة الحكم المدني الى نيجيريا، اكبر الدول الافريقية من حيث عدد السكان وأكبر اقتصاد افريقي «انني مصمم على حماية ديمقراطيتنا ووحدتنا الوطنية واستقرارها السياسي من خلال شن حرب شاملة ضد الإرهاب». عادت نيجيريا إلى الحكم الديمقراطي في 29 مايو من سنة 1999، بعد قضاء 16 سنة من الحكم العسْكري، إلا أنها باتتْ تعاني من تمرد اسلاميّ مستمر منذ خمس سنوات في شمال ووسط نيجيريا أسفر عن مقتل الآلاف.
عملية الخطف
كان خطف عدد كبير من تلميذات المدارس في الرابع عشر من شهر أبريل من مدرسة ثانوية في مدينة شيبوك، في ولاية بورنو الشمالية الشرقية، قد أثار موجة غضب دولية، وأثار اهتماما غير مسبوق بحركة «بوكو حرام» المتطرّفة. وتدلّ المؤشرات جميعها على عدم قدرة نيجيريا على إنهاء التمرد، رغم تهديدات وتوعّد الرئيس، ربّما بسبب انتشار الفقر المدقع والأمية ونقص التنمية والبطالة والفساد خاصة في شمال البلاد. هل هو الخوف من العودة إلى الوراء؟ يردد الرئيس النيجيري قائلا:»من المحزن أنه وفيما اتحدث إليكم اليوم، فإنّ جميع مكاسب السنوات الخمس عشرة الماضية من الحكم الديمقراطي في بلادنا مهدّدة بوجود إرهاب دولي على شواطئنا». لكنها تواصل غير آبهة بالترهيب ولا بالترغيب.فقد قتل 35 شخصا في هجمات شنّها مسلحون من حركة بوكو حرام ضد ثلاث قرى في ولاية بورنو في شمال نيجيريا، قرب الحدود مع الكاميرون.
ذلك أنّ العشرات من مسلّحي بوكو حرام، دخلوا بلباس عسكريّ قرى غوموشي وأمودا وأربوكو في شاحنات صغيرة وعلى متن درجات نارية، وفتحوا النار على السكان، ورموا قنابل حارقة على المنازل لإشعالها.
وتتمثل النتيجة الأولى بالتوصل إلى قرار أفريقي عالمي بمواجهة جماعة «بوكو حرام»، التي خطفت 270 فتاة نيجيرية من مدارسهنّ قبل شهر، وهددت ببيعهن أو تزويجهن أو استعبادهن، ولاحقا عرضت مبادلتهن بأعضاء لها محتجزين في نيجيريا. وقال هولاند في المؤتمر الصحافي الذي أعقب انتهاء القمة إن المواجهة ستكون »شاملة«. وأكد الرئيس الفرنسي وكذلك فعل الرؤساء الآخرون، أن المجتمعين توصلوا إلى خطة ثلاثية الأبعاد؛ قريبة، ومتوسطة، وبعيدة المدى، لمحاربة »بوكو حرام« أينما وجدت وبكل الوسائل. وللتدليل على جدية القرارات المتخذة، قرر المؤتمرون عقد اجتماع إضافي على مستوى وزراء الخارجية بعد شهر واحد في العاصمة البريطانية لمتابعة تنفيذ القرارات المتخذة وفق ما جاء في البيان الختامي الذي أجمل خلاصات القمة.
وتقوم الخطة الموضوعة على تعبئة سياسية دبلوماسية وأمنية عسكرية إقليمية ودولية، إذ اتفق المجتمعون على إنشاء غرفة عمليات مشتركة لتبادل المعلومات الاستخباراتية وللتنسيق المشترك سيكون مقرها في العاصمة التشادية إنجامينا والقيام بدوريات مشتركة وتشديد الرقابة على الحدود وتنسيق الاستعلامات وتقوية الحضور العسكري حول بحيرة تشاد. وأفادت خلاصات القمة بأن الأطراف المعنية ستباشر التعاون فيما بينها على الصعيدين الثنائي والمتعدد. واتفق المؤتمرون على إنشاء «فريق» يحدد الوسائل التي يمكن توفيرها لمحاربة »بوكو حرام« والمنظمات الإرهابية الأخرى وعلى رأسها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ووضع »استراتيجية إقليمية لمحاربة الإرهاب «في إطار» لجنة بحيرة تشاد«.
أما النتيجة الثانية فقوامها نجاح الوساطات الفرنسية والغربية في »تطبيع« الأوضاع بين الدول الأفريقية المعنية الخمس من أجل أن تعمل معا وخصوصا التغلب على »النفور« الذي كان قائما بين نيجيريا والكاميرون بسبب مشكلات حدودية مجمدة أو بسبب رفض الرئيس الكاميروني بول بيا سابقا إعطاء القوات النيجيرية »حق« ملاحقة مجموعات »بوكو حرام« داخل الأراضي الكاميرونية. وأعلن بيا في المؤتمر الصحافي أن »(بوكو حرام) أصبحت مشكلة إقليمية وللقارة الأفريقية بأكملها«. وأضاف بيا: »نحن هنا لنؤكد تضامننا وعزمنا على محاربة هذه الجماعة بكل حرص وشدة وسنعمل على اتخاذ تدابير أقوى في مواجهتها«. وردا على سؤال لاحق، أكد بيا أنه »سيتعاون« مع الرئيس النيجيري لكن من غير أن يوضح أشكال هذا التعاون. وأوصى هولاند الرئيسين ب»الانخراط معا«، بشكل أكبر، معتبرا أن وجودهما معا في القمة دليل على رغبتهما في العمل المشترك. وذهب رئيس بنين توماس بوني يايي إلى حد القول إنه »أقسم« أمام هولاند والرؤساء الآخرين على تنفيذ كل الإجراءات المتخذة.
وكانت »بوكو حرام« قد هاجمت الليلة قبل الماضية مصنعا في الكاميرون يملكه مستثمرون صينيون ونتج عن العميلة مقتل أحد الأشخاص. واتهم بيا هذه الجماعة بأنها »تريد إرجاع الناس إلى العصور المتخلفة«، فيما رأى رئيس تشاد إدريس دبي أنها »تعمل ضد المبادئ الإسلامية وتسيء للإسلام« متوعدا إياها ب«الحرب الشاملة».
وتتمثل النتيجة الثالثة في أن المجتمعين اعتبروا أن البعد الأمني على أهميته غير كاف، وبالتالي يتعين أن يواكبه عمل دءوب من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال رئيس النيجر محمد يوسف إن«الفقر حليف الإرهاب»، معبرا عن ارتياحه لأن المجتمعين »تناولوا حاجة المنطقة لخطة اقتصادية تنموية«. بيد أن مصادر رئاسية كانت أعلنت قبل بدء القمة أنها تستبعد تحويل القمة إلى مؤتمر للمانحين رغم أهمية البعد الاقتصادي.
وبموازاة ذلك، وبالنظر لإجماع الحاضرين على تجريم «بوكو حرام» وما تسيء به للإسلام، دعا رئيس تشاد إلى وضع أسس لإطلاق حوار بين الأديان في المنطقة. وأثير في الاجتماع موضوع حصول »بوكو حرام« على السلاح وموضوع مصادر تمويلها. وبالنسبة للموضوع الأول، أفاد هولاند بأن السلاح يأتيها من ليبيا وأن أفرادها تدربوا في شمال مالي قبل أن تقوم القوات الفرنسية بعمليتها العسكرية هناك بداية العام الماضي وتطرد القاعدة والمنظمات الجهادية من تلك المنطقة. بينما الموضوع الثاني لم يحسم.
وحتى الآن، تقول الدول الغربية إنها لن تقوم بأيّة عملية عسكرية، بل إنّ دعمها استخباري لوجيستيكيّ محض. فرنسا لم يغلق الباب كليا أمام احتمال المشاركة في عملية استعادة الفتيات، وأكد أن »تحركات ستحصل في الأيام القادمة« وأن باريس لديها «القدرة على التدخل العسكري عندما تدعو الحاجة» في إشارة لقواتها المرابطة في أكثر من قاعدة في أفريقيا، والتي أعيد تنظيمها لمزيد من الفاعلية في مواجهة الحركات الإرهابية. وتربط باريس بين »بوكو حرام« وبين «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، وترى أن غرضها »ضرب استقرار نيجيريا وبلدان الجوار وصولا إلى أوروبا«. لكن وزير خارجية بريطانيا ويليام هيغ رأى من جانبه أن بوكو حرام »يجب أن تهزم على أيدي البلدان الأفريقية مع دعمنا«. وحتى الآن، أرسلت الولايات المتحدة وسائل مراقبة وخبراء، كما فعلت باريس ولندن.
وتقوم النتيجة الرابعة فيما يخص التحرك الدولي على »تسريع« العمل من أجل فرض عقوبات دولية على »بوكو حرام« وعلى منظمة »الأنصار« المنشقة عنها وعلى المسؤولين عنهما في إطار الأمم المتحدة (مجلس الأمن) وربما في أطر أخرى. ويعني هذا التوجه أن نيجيريا، العضو حاليا في مجلس الأمن، لم تعد تعارض كما في السابق نقل الملف إلى الأمم المتحدة، إذ كانت تعده ملفا داخليا وتتمتع بالقدرات لمعالجته منفردة. لكن عملية الخطف والعمليات الأخرى الكبرى التي قامت بها »بوكو حرام« أثبتت عكس ذلك. ونقلت «رويترز» عن مصدر دبلوماسي غربي أن نيجيريا »وافقت من حيث المبدأ على مسودة قرار في مجلس الأمن لفرض عقوبات على بوكو حرام«، لكنه يتعين عليها أن تقدم أولا طلبا رسميا بهذا المعنى إلى المجلس قبل البحث في مضمون العقوبات.
أما على المستوى الفرنسي، فإن قيام باريس بالدعوة إلى القمة وإشراك بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بها وحضور خمسة قادة أفارقة يمثل نجاحا دبلوماسيا سياسيا من الدرجة الأولى، خصوصا أن نيجيريا ليست بلدا ناطقة بالفرنسية ولم يكن يوما من ضمن منظومة النفوذ الفرنسي في القارة السمراء. وحرصت الرئاسة الفرنسية على تأكيد أن الرئيس غودلاك جوناثان هو الذي طلب من هولاند الدعوة للقمة والعمل على تنظيمها. وأكد جوناثان» التزامه الكامل «بالسعي للعثور على التلميذات المخطوفات، وذلك بعد تلقيه مساعدة لوجيستية من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لجمع معلومات.
رئيس النيجر مامادو إيسوفو يؤكد أن الفقر هو الحليف الرئيسي للإرهاب، ومعظم المتورطين هم من الشباب العاطلين عن العمل.
تخوفات النيجر المشروعة
تتخوف النيجر من توسع تهديدات بوكو حرام إلى أراضيها، بحسب الرئيس رئيس النيجر مامادو إيسوفو.
وقال رئيس النيجر في حوار أجرته معه صحيفة لبيراسيون الفرنسية، إن المسألة ليست أمنية فقط، بل هي مسألة اقتصادية واجتماعية على المدى البعيد، «لأن الرهانَ الحقيقي هو استعادة النظام البيئي لبحيرة تشاد، التي انتقلت مساحتها من 25000 كيلومتر مربع في الستينات إلى 2500 في الوقت الحالي. والأمر على أي حال مرتبط بمصير 30 مليون نسمة موزعة ما بين نجيريا والنيجر وتشاد، والكاميرون.
أما رئيس النيجر مامادو إيسوفو، فإنه يشدّد على أنّ «الفقر هو الحليف الرئيسيّ للإرهاب. فمعظم المتورّطين هم من الشباب العاطلين عن العمل. لقد بدأت هذه المجموعة في القرى، وكان قادتها الأوائل، وهم في الأصل من المناطق الحضرية، قد أطلقوا نداءً بالعودة إلى الأرض، وهكذا أنشأوا في وقت مبكر من سنوات الألفين، قاعدة اجتماعية اقتصادية استقطبت الأشخاص الذين استبعِدوا من شبكات الأعمال والشبكات الإدارية في نيجيريا. بوكو حرام حركة ريفية، أعلنت القطيعة مع النخب السياسية والدينية التقليدية، ومع الإسلام النبيل الذي نشأ في أواخر القرن الثامن عشر، والذي ظل سائدًا في جميع أنحاء المنطقة حتى السبعينات من القرن الماضي، عندما ظهرت تيارات دينية متطرفة قادمة من الخارج.
وحين سئل إن كان هناك بعد احتجاجي اجتماعي في بوكو حرام قال رئيس النيجر: «في العام 2004، كان أحد الحكام في مايدوغوري قد هدّأ أعضاء بوكو حرام وأخمد غضبهم بتوزيع الإعانات عليهم. ولكن في 2009، أوقف خلفُه هذه الإعانات، فبدأت بوكو حرام نشأتها العسكرية. واليوم أضحت وحشًا يُخيف الناس ويرعبهم. أعضاؤها يشترون الناس بالأموال التي يسرقونها من رجال الأعمال، ومن فدية الرهائن، ومن عمليات السطو على البنوك. ومن المرجح أن منظمات إسلامية غير حكومية تموّل، وربما كرها، هؤلاء الإرهابيين».
وعن دور النمو السكاني في ما يحدث في المنطقة قال المتحدث «نعم، لأنه ينمي الفقر. ففي النيجر، يصل معدل النمو السنوي إلى 3.9%. وهذا يعني أن عدد السكان يتضاعف كل ثمانية عشر عامًا، بدلا من أن يتضاف كل ثلاثين سنة، كما كان الحال في الستينات. وهذا يزيد من المطالب الاجتماعية من حيث الصحة، والتعليم، والعمل ... نحن بحاجة إلى التحكم في النسل مع التركيز على وسائل منع الحمل، وعلى تعليم الفتيات».
وعن قلقه من أن تنتقل بوكو حرام إلى النيجر، قال: «لقد عززنا قدراتنا العسكرية في المنطقة، ووقّعنا اتفاق دفاع لإقامة 13 مركزا حدوديا مشتركا».
و حول احتمال وجود اتصالات بوكو حرام مع جنوب ليبيا لتوريد الأسلحة أجاب: «من هذه المنطقة تحديدًا تحصل بوكو حرام على الأسلحة. فحتى تاريخ التدخل الفرنسي، كان أعضاؤها يتزودون بالأسلحة ويتلقون تكوينهم في شمال مالي. وبالتالي فإنه لا بد من معالجة هذه المشكلة من المصدر، بالتشاورمع السلطات المحلية. من جانبنا، بدأنا في اتخاذ خطوات لإغلاق كافة المعابر الحدودية على أراضينا.
وكان سؤال الصحيفة الأخير حول ما إذا كانت النيجر تؤيد وجودًا عسكريًا فرنسيًا في شمال النيجر لمكافحة الإرهاب، فأجاب مامادو إيسوفو «نسعى لتقوية جيشنا وتعزيزه في هذه المنطقة. لكننا سوف نحتاج إلى الدعم الفرنسي لتدريب قواتنا، ولتوريد المعدات. والفرنسيون هم أوّل من يقول إن على الأفارقة أن يوطدوا أمنهم بأنفسهم. وأنا أتفق مع هذا النهج».
عن «ليبراسيون»، الفرنسية، الخميس 29 ماي 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.