المغرب التطواني يفوز بالبطولة ويدخل العالمية من بابها الواسع. لم يكن أحد ممكن أن يتخيل هذا النجاح قبل سنة 2005. في تلك السنة, جاء عبدالمالك أبرون.. قاد الفريق بحكامة وبتدبير احترافي جعل كل الفرق المغربية وكل المدن تحلم بأن يكون لها أبرون.. ها. لن يختلف اثنان أبدا حول الدور الكبير والحيوي الذي لعبه رجل يحمل اسم « عبد المالك أبرون « في إعادة الحياة في شرايين وعروق الرياضة في مدينة الحمامة البيضاءتطوان. لعل المقارنة تفرض نفسها بين ما قبل أبرون في تطوان، وما بعد مجيئه وانخراطه الكلي عشقا في محيط مغرب أتلتيك تطوان، وكيف تحول النادي إلى قاطرة تجر وراءها الرياضة بمختلف أنواعها نحو دائرة الأضواء، في مدينة تركت للنسيان لفترة ليست بالقصيرة. سنة 2005، ستكون المنعرج الهام الذي سيفتح لتطوان صفحات جديدة في تاريخ كرة القدم الوطنية. في تلك السنة، تحول اسم عبدالمالك أبرون من عالم التجارة ،حيث حقق فيه ابن منطقة الشمال المزداد سنة 1959، والمنحدر من قبيلة بني حزمار التابعة لقيادة بني قريش إقليمتطوان، إلى عوالم الرياضة من خلاله إمساكه بمفاتيح نادي أتلتيك تطوان التي صادق المنخرطون على تسليمها له واضعين ثقتهم بالإجماع في مؤهلاته ، نظرتَه ورؤيتَه اللتين تضمنهما برنامجه الذي سطره أمام الجمع العام المنعقد في تلك السنة.. أمن المنخرطون وتفاؤل معظمهم ورأوا في الرجل ذلك الأمل الذي افتقدوه لفترة طويلة، أمل تحويل النادي إلى مكون أساسي له مكانة هامة في النسيج الكروي الوطني. من يعرف الرجل عن قرب، يؤكد أن هذا القادم من مجال الأعمال والمال، لم يكن لينخرط في الرياضة المجال غير المربح والفضاء ذي المشاكل الكثة، لولم يكن له من الحب الكافي للعبة كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية في العالم ، وكذا لولا عشقه الحقيقي لمدينة تطوان ولفريقها الأول: مغرب أتلتيك تطوان. في تلك السنة 2005، كان المغرب التطواني يعيش على أمل التخلص من قيود بطولة القسم الوطني الثاني، والجمهور التطواني يدفع في تجاه إعادة مجد الفريق وإرجاعه كمحطة أولى لبطولة القسم الوطني الأول. وكرئيس مدير عام لشركته « فيزيون نور» لم يبخل عبدالمالك أبرون وهو لايزال حينها خارج تشكيلة المكتب المسير، بأي شيء عن تقديم الدعم للفريق من خلال مؤازرة المكتب المسير بمنح ماليةعبر احتضان الفريق، إلى جانب تحفيز اللاعبين وتشجيعهم عبر منحهم مكافآت مالية سخية لمواصلة تحقيق الانتصارات. احتضان الفريق ودعمه ماليا، يقول التطوانيون، كان له دور هام في عودة النادي للقسم الأول وإلى قسم الأضواء. والفريق في القسم الوطني الأول، ومباشرة بعد انطلاق أولى دورات البطولة، تعرض الفريق لمجموعة من المشاكل ولأزمة مالية قدمته بصورة سلبية في بطولة الكبار، كان لابد حينها من تدخل للإنقاذ، خاصة بعد أن قدم المكتب المسير استقالته معلنا فشله في إيجاد الحلول. كان الحل الذي اتفق حوله المنخرطون خاصة والتطوانيون عامة هو تكليف عبدالمالك أبرون وتحميله مسؤولية إعادة التوازن للفريق. لم يكن أبرون ليتردد في قبول المسؤولية،والمسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريفا،فنذر نفسه: جهده ، ماله ووقته وكل شيء لخدمتها بالرغم من أن مهمة الرئاسة لم تكن رسمية بل مؤقتة فقط حتى يتمم سنتين من الانخراط احتراما لنص القانون الأساسي للنادي. في السنة الموالية، سيتمكن عبدالمالك أبرون من وضع استراتيجيته الخاصة في تدبير شؤون الفريق، وسيصطفي أسماء توسم فيها القدرة على الامتثال لتطبيق استراتيجيته من اجل النهوض بالفريق وجعله في مصاف الأندية الوطنية القوية. كانت الاستراتيجية تحويل الفريق إلى نادي متكامل يتوفر على شروط فضلى من تجهيزات، بنية تحتية، ونظام مالي قوي تساهم المؤسسات الاقتصادية التطوانية في صقله وتطويره، مع إشراك سائر فعاليات المدينة خاصة السلطات الإقليمية والمنتخبة، وكذا إلى جعله ملتقى تأتلف حوله المدينة بكامل تقطعاتها. سار عبدالمالك أبرون بثبات وإصرار على الدرب الذي رسم خطوطه بنفسه، وأفلح بمساهمة أعضاء مكتبه المسير وباقي فعاليات المدينة، في المرور بالفريق لمرحلة التسيير الاحترافي على النموذج الذي تعثرت في بلوغه أعرق وأشهر الأندية المغربية. الاستراتيجية نفسها التي وضعها أبرون، وكما يشهد بذلك المتتبعون والمهتمون، ?حققت العديد من أهدافها رياضيا ولوجيستيكيا وماليا إلى حدود هذا الموسم الرياضي الذي أحرز خلاله الفريق لقب البطولة، فقد نجح التدبير الاحترافي في توفير بنيات خدماتية مصاحبة وتوفير منتوج كروي بالإمكان تسويقه على نطاق دولي بمقاربات استثمارية حديثة ، دون أن ينسى الفريق دوره، الذي يجب أن يضطلع به ،كما يردد ?دائما- أبرون، والمتمثل في نشر قيم التآخي والروح الرياضية ،التي تقوم عليها الممارسة الرياضية وتأطير الجماهير الكروية لدعم الكرة الوطنية من أجل تحقيق تلك الانطلاقة الحقيقية التي ستساهم في تعزيز موقع المغرب في الخريطة الرياضية عربيا وإفريقيا ودوليا . في عهد عبدالمالك أبرون، أضحى المغرب التطواني فريقا كبيرا ونموذجيا وعالميا. فقد حقق اللقب هذه السنة كما حققه قبل سنتين كأول فريق مغربي يحرز لقب البطولة في نسختها الاحترافية الجديدة. وهو مقبل هذا العام على المشاركة في كأس العالم للأندية.. في عهد عبدالمالك أبرون، لم يعد المغرب التطواني مجرد فريق من دون طموح، فريق يكتفي بتنشيط البطولة وفريق غير مستقر ودائم التنقل والتجوال من القسم الأول للثاني ومن الثاني للأول. لم يعد فريقا متلهفا ومهرولا على جلب النجوم، بل أمسى فريقا صانعا للنجوم ، بفضل سياسته التي نهجها في ?مجال التكوين والتي تنهض على الإفادة من خبرة الأطر الوطنية المشرفة على الفئات العمرية كل حسب اختصاصه ،وكذا الاستفادة من إطار التعاون التقني الذي يجمع الفريق التطواني بنوادي إسبانية عتيدة مثل أتليتيكو مدريد واشبيلية وفلنسيا ،وهي السياسة التي تؤكد أن الفريق التطواني قد استفاد من أخطائه السابقة التي كان يعتمد فيها على اللاعب الجاهز والتخطيط على المدى القصير، حيث يعتمد أبرون ومنذ توليه المسؤولية على التخطيط للمدى البعيد ورسم طريق واضحة المعالم من أجل الوصول إلى خلق قطب رياضي استراتيجي في منطقة الشمال يحمل اسم المغرب «أتلتيك تطوان». المغرب التطواني إذن، هو النادي المغربي والإفريقي الوحيد الذي لعب في?الليغا الأسبانية مع الإسبان? ? برشلونة وريال مدريد وأعرق الأندية الاسبانية. تأسس سنة 1922 من طرف شخصيات إسبانية من مشجعي نادي?أتلتيكو مدريد ?كانت مقيمة في مدينة تطوان. وكان نادي?أتلتيكو كلوب- تطوان، قد? انقسم بعد استقلال المغرب إلى فريقين: الأول إسباني ، انتقل إلى?سبتة? التي رزحت تحت السيطرة الإسبانية وغير اسمه إلى نادي?أتلتيكو- سبتة،?لأن مدينة تطوان لم تعد تحت الاحتلال الإسباني، والثاني مغربي تحت اسم?المغرب أتلتيكو تطوان?،حيث تم إضافة كلمة?المغرب?إلى الاسم الرسمي للنادي احتفاء بانتهاء عهد الحماية الإسبانية على المدينة واستقلال المغرب. ولايفوت متتبعي الشأن الرياضي الحديث عن تألق المغرب التطواني وانتصاراته العديدة وفوزه باللقب وكذا وصوله لكأس العالم للأندية، مؤكدين أن تلك الانجازات جميعها،ما كان لها لتتحقق لولا وجود عبدالمالك أبرون، الاسم الناجح في المجال الاقتصادي، والذي بصم نجاحه أيضا في المجال الرياضي، كما لايفوتهم أن يقارنوا هذا الاسم بأسماء لرجال قادوا في السبعينيات والثمانينيات فرقا ومدنا لتسجيل نجاحات باهرة وحقيقية في عوالم الرياضة بشكل خاص وكرة القدم بوجه أخص، على شاكلة بلهاشمي في وجدة، دومو في القنيطرة، مكوار في الوداد، أيت منا والمتوكل في المحمدية، عزمي في سطات، بوستة والمديوري في مراكش.. ويظل السؤال الذي يفرض نفسه ويفرضه نجاح أبرون في تطوان: أما آن بعدُ أن يكون لنا..لكل مدينة، أبرون..ها ،كي تستقيم أوضاع رياضتنا الوطنية؟ هنيئا تطوان