يقول البعض اليوم إن مهنة الصحافي باتت مهنة من لا مهنة له، خصوصا بعد الربيع العربي وظهور ما يتعارف على تسميتهم في الوسائل الإعلامية «شاهد عيان»، والذي تطور بناء على تغطيته للأحداث إلى صحافي، ولكن وبالأخذ بعين الاعتبار أنه لن يصح إلا الصحيح في النهاية فإن الصحافي يبقى صحفيا والطارئ على المهنة سيعود إلى عمله الأساسي فور انتهاء الحدث الاستثنائي الذي اضطر بسببه لمواجهة متاعب مهنة ليست مهنته بالأساس، فيما لو لم تستهوه الصحافة وتستغرقه كليا. وإن كانت مهمة الصحافي العامل في صحيفة مطبوعة تنحصر بالتقاط الخبر فإن مهمته تنتهي فور إرسال الخبر إلى صحيفته، ولكن هذه المهمة تتسع وتكبر وتحمل مسؤوليات أخرى بالنسبة للصحافي التلفزيوني، ليصبح التقاط الخبر هو المهمة الأسهل تقنياً، ولينتقل الصحافي التلفزيوني الشامل إلى مرحلة تصوير الحدث وشرحه ومقابلة الأشخاص المعنيين واستخراج الخلاصة، ومالا يعرفه الكثيرون أن كل أولئك المراسلين الصحافيين الذين يظهرون على الشاشات لنقل الحدث قد يضطرون لحمل الكاميرا على أكتافهم للتصوير والجلوس وقتاً ليس بالقصير لترتيب المشاهد وكتابة التقرير وإرساله كاملاً متكاملاً إلى قناتهم، وليتلقفه المشاهد وجبة جاهزة خالية من الشوائب. قناة «العربية» اعتمدت على مدى سنوات على سياسة تدريب صحافييها على مهمات «الصحافي الشامل»، والجديد كان هذا العام بتعاونها مع أكاديمية فوكس المتخصصة في مجال التطوير الإعلامي والتدريب التلفزيوني والصحافي والإذاعي، لتكون النتيجة تخريج 9 صحافيين يمكن أن يكونوا نواة لمراسلين ميدانيين. يقول الدكتور نبيل الخطيب رئيس تحرير الأخبار في قناة العربية إنه لا يكفي أن يكون المراسل صحافياً، بل لابد من أن يمتلك مهارات أخرى تساعده على القيام بمهمته في مختلف الظروف، ويشرح فكرته بأن الظروف قد تضع الصحافي في مكان الحدث لوحده بدون أن يكون ثمة فريق كامل معه، وعليه في هذه الحالة أن يرسل الخبر إلى القناة التي يعمل بها، فمن غير الممكن أن يتجاهل ما يحدث لعدم وجود مصور أو مونتير معه، ولهذه الأسباب فإن الصحافي الشامل أو المراسل الميداني لابد من أن يمتلك مهارات تتيح له اختصار مهمات أربع أشخاص على الأقل في شخص واحد، وهو ما سعينا له في العربية. ويضيف الخطيب بأن المأمول من التعاون بين قناة العربية وأكاديمية فوكس هو تخريج صحافيين يمتلكون تلك الخبرات كلها، خصوصا وأن وجود هذا الشخص يعني التوفير المادي أيضا على القناة، ولن يكون في المستقبل ثمة صحافي أحادي الاختصاص، فالمستقبل للصحافي الشامل. وحول الأشخاص الذين يتم تسجيلهم في الدورة وكيفية انتقائهم، يقول الدكتور الخطيب إن للعربية الحق في ترشيح اثنين من الصحافيين العاملين فيها، وباقي المسجلين يأتون من خارج القناة، وهم في معظم الأحيان إما صحافيين يعملون في قنوات تلفزيونية أو أشخاص يجدون في الصحافة عموما والمراسل الصحافي خصوصاً حلماً يرغبون بامتلاك أدوات تحقيقه. من جهته يقول عمار شهاب «مدرب أول ومشرف التطوير في أكاديمية فوكس» إن الأكاديمية تقوم بتنظيم جميع الدورات المتخصصة بالإعداد الإعلامي والصحافي، وتعاون العربية مع الأكاديمية يعطيها زخما ونكهة مختلفة، خصوصاً وأن الأكاديمية دائما تستفيد من خبرة القناة خلال دوراتها المختلفة، وتستعين بخبرات من القناة لتغطي العمل الإعلامي من كل جوانيه. وتابع شهاب «دورة الصحافي الشامل تعد واحدة من اختراعات قناة العربية الإخبارية في الأساس والتي تعتمدها في تدريب كوادرها العاملة في غرفة الأخبار، ونحن كأكاديمية، ولدى مراقبتنا لنتائج هذه الدورة المكثفة، تولدت لدينا الرغبة في تعميم هذه التجربة الإنتاجية الإعلامية على القنوات التلفزيونية الأخرى، وكذلك على من لديهم وتتوفر فيهم الشروط للانتساب إلى هذه الدورة، وبالأخص طلاب الإعلام والصحافيين العاملين في الإذاعات والصحف ولديهم القدرة والرغبة للانتقال إلى عالم التلفزيون والإنتاج الصحافي والإخباري» . تستهدف الدورة طلاب الإعلام في سنواتهم الأخيرة ليتعرفوا على مهارات الإنتاج الصحافي والتلفزيوني لفتح الطريق أمامهم في اختصاصاتهم التي سيعملون بها في المستقبل حسبما أشار شهاب. تعميم ثقافة التدريب يقول شهاب: «بالنسبة ل «فوكس العربية» فهي اتفاقية شراكة بين قناة العربية الإخبارية وأكاديمية فوكس للتدريب والتطوير الإعلامي لنشر هذه الخبرات أولا، ولتعميم ثقافة التدريب المهمة جدا في الوطن العربي ومستقبل الإعلام»، ويضيف «اشتهرت أكاديمية فوكس للإعلام في الخمس سنوات الماضية في تطوير غرف الأخبار، وخصوصا في جانب التقديم الإخباري والبرامجي، وكذلك بعض الجوانب التقنية من إخراج وغيرها» . وختم شهاب قائلاً: «سعيدون جدا بالتعاون مع قناة العربية الإخبارية، لأننا وجدنا معها وعلى مدى ثلاث سنوات معايير مهنية وثقافة إعلامية، ضمناها مناهجنا بعد دراستها وتطويرها من قبل خبرائنا». نصنع فيلماً في دقيقتين «إذا كان الفيلم السينمائي في ساعتين، فنحن نصنع فيلماً في دقيقتين»، بهذا الاختصار عبر الصحافي بكر عطياني «مدرب أول في كتابة التقارير والكتابة الصحافية» عن النتيجة التي يحصل عليها الصحافي الذي يخضع لهذا التدريب، وأضاف: «الصورة وهموم الناس وقضاياهم عند معالجة أي حدث هي أولى أولويات الصحافي الشامل»، وحول الجانب التحريري قال: «يتم التركز على فن الكتابة للصورة وصناعة الخبر والمقابلة الصحافية وكل الأدوات التي يحتاجها الصحافي الميداني» . أما إبراهيم خضر مدرب الجانب الفني في المونتاج والتصوير، فأشار إلى أنه يتم في الدورة «تدريب الصحافي على أسس التصوير من أحجام اللقطات وزوايا التصوير ومعانيها مع إلمام عام بالصوت والإضاءة، وتدريب عملي ابتداء من تصوير قصص قصيرة إلى تصوير تقرير تلفزيوني كامل.