دعا المشاركون في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول صورة الإسلام في الإعلام الأوروبي، الاربعاء بالرباط، إلى تجديد الخطاب الإسلامي، خاصة لدى مسلمي أوروبا، لمواجهة الصور النمطية السائدة عن الإسلام في الإعلام الأوروبي. وهكذ ، أبرز مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية أحمد الخمليشي، في هذه الندوة التي تنظمها المؤسسة ومجلس الجالية المغربية بالخارج حول موضوع «صورة الإسلام في الإعلام الأوروبي.. كيف السبيل إلى الخروج من الصور النمطية»، أن مسلمي أوروبا يتحملون نصيبا من المسؤولية عن هذه الصورة النمطية بسبب انتشار خطاب ديني يركز على الشكل ويغيب أو يهمش قيم الأمانة والصدق والمعاملة الحسنة والأخلاق والعدل، فضلا عن إعفاء الفرد المسلم نفسه من واجب فهم نصوص الشريعة واكتفائه بالتلقي. وأضاف الخمليشي أن المصالحة ممكنة بين المسلمين والإعلام الأوروبي، عبر حوار ومناقشة عقلانية هادئة لمشاكل التعايش بين الديانات، مشيرا إلى أن هذا الحوار يجب أن يميز بين نصوص الدين من جهة، وكيفية تطبيقه وسلوك المتدينين من جهة أخرى، للوصول إلى تعايش حقيقي. وتأسف لأن واقع المسلمين في السنوات الأخيرة وتغليب الخلافات السياسية واقتتالهم في ما بينهم لا يشجع هذه الدعوة للتعايش ويؤكد الحاجة الماسة لخطاب ديني مشبع بالقيم الجوهرية للدين بعيدا عن سلوكات وأخطاء المسلمين، مذكرا بالمقابل بجرائم تاريخية ارتكبها الغرب بمباركة الكنيسة في حق المسلمين، خاصة أثناء الحروب الصليبية وفي الأندلس. من جهة اخرى، أشار الخمليشي إلى أن هناك مرتكزات تشجع الإعلام الأوروبي على التعاطي السلبي مع الإسلام والمسلمين، منها على سبيل المثال إقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن «الشريعة الإسلامية تتعارض مع الديمقراطية وحقوق الإنسان». من جانبه، أوضح المكلف بمهمة في مجلس الجالية المغربية بالخارج السيد جواد الشقوري، أن الحديث عن صورة الإسلام في الإعلام يحتاج إلى كثير من البحث والنقاش لأن تزايد عدد المسلمين في الدول الأوروبية يقتضي من المسلمين أنفسهم إعادة صياغة خطاب عقلاني يتماشى مع السياق الثقافي الأوروبي المختلف عن السياق الإسلامي من أجل الخروج من الصور النمطية التي تلصق دائما بالمسلمين. وعزا هذه الصور النمطية إلى سلوك المسلمين الذين يركزون كثيرا في خطابهم على الأمور الشكلية في الإسلام وينسون الهدف الأساسي للدين المتمثل في إسعاد الإنسان ونشر الرحمة وإعطاء معنى للحياة، وكذا إلى الأوروبيين الذين تتحكم في عقلياتهم قرون من الصدام مع المسلمين، خاصة في الحروب الصليبية. وأكد أن الأولوية الملحة التي ينبغي أن يشتغل عليها المسلمون في أوروبا تتمثل في تجديد الخطاب الإسلامي من الناحية الفقهية والرجوع للمصادر الأصلية للدين من أجل استخراج خطاب قادر على استيعاب التحولات. وجاء في ورقة تقديمية للندوة أنه «من الأكيد أن صورة الإسلام كما هي موجهة من طرف الإعلام، ويتلقاها الرأي العام تثير انزعاجا يجعل النقاش في دائرة المجتمع نفسه. وهذا لا بد أن تكون له آثاره على الجاليات المسلمة، والتي هي في معظمها منحدرة من الهجرة، فيقوم لديها نوع من الشعور بأنها مستهدفة ».