نظم مجلس القيادات الشابة لمنظمة «البحث عن أرضية مشتركة بالمغرب» ضمن فعاليات المشروع الذي تنجزه بشراكة مع جمعية الشعلة وتدعمه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مائدة مستديرة بالثانوية التأهيلية عقبة بن نافع بالدار البيضاء يوم الثلاثاء 6 ماي 2014 حول «أي دور للمؤسسات التعليمية في الحد من ظاهرة التشرميل ؟» ساهم فيها كل من: الأستاذة مليكة سميرس أستاذة الفلسفة بالثانوية والدكتور كمال الهشومي الكاتب العام لجمعية الشعلة باحث في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، وممثل عن الدائرة الأمنية الحي المحمدي عين السبع ا عبد اللطيف زهار إضافة إلى الأستاذ عبد الفتاح بهجاجي مدير إعدادية وإعلامي. حضر المائدة المستديرة حوالي 140 تلميذة وتلميذا ينتمون لمختلف المستويات بالثانوية التأهيلية عقبة بن نافع بالدار البيضاء إلى جانب مدير المؤسسة والحراس العامين وعدد من الأساتذة ... قارب المتدخلون الموضوع من مختلف الزوايا حيث حرصت الأستاذة مليكة سميرس على مقاربة الموضوع من الزاوية السوسيوسيكولوجية، مبرزة أن المقاربة الوقائية والتحسيسية تبقى الأهم في معالجة الظاهرة مؤكدة على أن المقاربة الزجرية لا يمكن أن تحل المشكل في ظل السياقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يعرفها المغرب. وتبقى هذه المقاربة بعدية خاصة وأن المؤسسات السجية تبقى غير إصلاحية مما يعطي للمقاربة التربوية والسيكولوجية الأولوية في معرفة الظاهرة والأسباب النفسية والاجتماعية التي أنتجتها... من جانبه أكد ممثل الدائرة الأمنية للحي المحمدي عين السبع السيد عبد اللطيف زهار على المجهودات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لمحاربة الظاهرة ميدانيا بصفة خاصة وظاهرة العنف والإجرام بصفة عامة، حيث تمكنت المصالح الأمنية من إيقاف عدد هام من العناصر تم التحقيق معهم وإحالتهم على العدالة، مبرزا أن الأجهزة الأمنية تعتمد مقاربتين: الأولى زجرية والثانية وقائية. كما توقف عند السلوكات المتهورة للشباب المعني بالظاهرة والدوافع التي تدفعهم لارتكاب الفعل الإجرامي. أما الأستاذ عبد الفتاح بهجاجي فقد اعتمد المقاربة التربوية الثقافية في تحليله للظاهرة، حيث أكد على أهمية مبادئ الميثاق الوطني للتربية والتعليم الذي ينص على انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها، وأهمية المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم في هذا الصدد، مبرزا أن العنف نتاج لسياق اجتماعي وهو أنواع، معتبرا أن ظاهرة التشرميل بكل دلالاتها عبء كبير على المجتمع يهدد استقراره والكرامة والحياة... فالكل حسب الأستاذ بهجاجي عبد الفتاح مدعو للحد من هذه الظاهرة لكي نضمن السلم الاجتماعي والأمان، انسجاما مع مضمون الدستور الذي ينص على الحق في الحياة والأمن.. حيث وقف عند أهمية المقاربة التحسيسية ودور الإعلام بكل مكوناته للاقتراب من الظاهرة وتفسيرها ثم القضاء عليها، مشددا على ضرورة جعل المدرسة مشتلا لمناهضة الإرهاب والعنف ونشر ثقافة الحوار والسلم. وفي معرض مقاربته للموضوع أكد الدكتور كمال الهشومي على أن ظاهرة التشرميل إفراز من طرف شباب ينتمي إلى المجتمع الذي ننتمي إليه، والمشكل الحقيقي يكمن في المنظومة التربوية وتراجع دور الأسرة في التأطير والتنشئة، مما يفرض تضافر الجهود لمختلف المكونات لمواجهة الظاهرة، مع ضرورة التعاطي الإيجابي مع مختلف الظواهر، مبرزا أن الفقر لا يمكن أن يشكل مبررا لانتشار ظاهرة اجتماعية مثل التشرميل لأن بعض الظواهر وخاصة ظاهرة الإرهاب مكنت من الوقوف على أن الفئات الميسورة وذوي المستويات التعليمية العالية ينخرطون بقوة في العمليات الإرهابية وبالتالي فالمجتمع في حاجة لقيم التسامح والعدالة والمواطنة ... والشباب في حاجة للوعي بالذات والقدرة على إبرازها مع احترام الذات واحترام الآخر والاقتناع بفضيلة الحوار والتسامح، مشددا على دور القراءة في الارتقاء الاجتماعي والمجتمعي، معتبرا أن المجتمع الذي لا يقرأ مجتمع لا ينمو. كما أبرز الدور الهام لظاهرة الانفجار الرقمي والجانبين السلبي والإيجابي فيها، مما يتطلب نوعا من الاحتياط في التعاطي معها خاصة ما لها من أدوار سلبية في ترسيخ ثقافة وقيم غريبة عن المجتمع ، معتبرا أن السؤال التربوي يبقى اليوم مطروحا بقوة وتنظيم أنشطة ومبادرات موازية بمختلف الفضاءات والمؤسسات ذات أهمية كبرى في محاربة مختلف الظواهر، مشددا على أهمية الاختلاف وأهمية انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها تربويا وثقافيا. إلى جانب هذا ساهم الأساتذة والتلاميذ الحاضرون في النقاش العام الذي تلا المداخلات. وقد تميز بالنضج ودقة المقاربة التي اعتمدت على تفكيك مفهوم الظاهرة وربطها بالعنف والبحث في أسبابها وأدوار المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني في التحسيس بمخاطرها والحد منها.