من الصعب جدا اختصار مسيرة إنسان حافلة بالعطاء، في مقالة أو بضع سطور، خصوصا والأمر يتعلق هنا بصحفي متمرس، خدم الصحافة المحلية والوطنية لما يفوق ثلاثة عقود، ولم يبخل طول هذه المسيرة الطويلة من عمره بعطائه في مهنة المتاعب، دون كلل أو ملل. في هذا الإطار نظمت جمعية التراث والتواصل الأورومتوسطي ندوة ثقافية علمية، بمشاركة عدة فعاليات جامعية وجمعوية حول موضوع: «الشباب بين إكراهات الواقع وانتظارات المستقبل» بقصر المؤتمرات بفاس يوم 24 أبريل 2041 . شارك في هذه الندوة عدة فعاليات أدبية وعلمية، وأيضا بعض الطلبة الباحثين والطالبات الباحثات، أغنوا الندوة بمداخلات قيمة انضافت إلى مداخلات بعض الأساتذة الجامعيين، ممن راكموا تجربة طويلة من التدريس في رحاب الجامعة المغربية. وهكذا أفاضت الدكتورة حكيمة الحطري في الحديث حول موضوع: «الأسرة دعامة حقيقية لتنمية قدرات الشباب»، تلاها الدكتور الحسن بوقسيمي في مداخلة مهمة حول موضوع: «تداعيات الربيع العربي على الجانب الأخلاقي»، أما الأستاذ إبراهيم فوزي الزيزي فقد تطرق بدوره إلى موضوع لا يبتعد كثيرا عن فضاء الشباب وهمومهم، تحت عنوان:« شباب المستقبل، أي دور في رحاب التنمية؟». فيما ساهمت الطالبة الباحثة هناء حمومي بمداخلة وسمتها بعنوان: «مقاربة النوع على ضوء دستور 2011»، أخذ الكلمة من بعدها الطالب الباحث عبد العلي بلامين في موضوع وسمته ب:«العلاقات الأسرية وتأثيرها على نفسية الناشئة». ليفتح بعد ذلك باب المناقشة على مصراعيه، أغناها المتدخلون بمداخلات نوعية، همت حياة الشباب وإشكالية التأقلم مع المرحلة الحالية والمقبلة كذلك، في ضوء متغيرات متعددة، لم يكن أحد ينتظرها على خارطة الطريق. بعد ذلك تم تكريم الصحافي العصامي محمد بوهلال مدير جريدة «صدى فاس» الجهوية ومراسل جريدة «الاتحاد الاشتراكي» الوطنية. وقد كان تكريما يليق بتاريخ الأستاذ محمد بوهلال الإنسان والصحافي، الذي ساير كل الأحداث المحلية من خلال منبره الجهوي «صدى فاس» أو من خلال ما ينشر من مراسلاته على صفحات جريدة «الاتحاد الاشتراكي». حضر هذا الحفل المتميز بالإضافة إلى الوجوه الثقافية، عدد من الصحافيين من مدينة فاس، من أصدقاء الأستاذ محمد بوهلال، تقاسموا معه بعضا من مصاعب ومتاعب هذه المهنة في مدينة فاس العالمة، التي كانت تصنع الحدث دائما، أذكر منهم الإعلامي عزيز باكوش والصحافي إدريس العادل والكاتب الصحافي إدريس الواغيش وأيضا الصحافي والزجال حميد تهنية، الذي ألقى بالمناسبة قصائد زجلية في حق المحتفى به، صفق لها الجمهور طويلا، إضافة إلى وجوه أخرى تنتمي إلى عالم الصحافة والإعلام. من بين هذه الوجوه التي أثرت التكريم وميزته أيضا، وأعطته ما يليق به، وصنعت منه حدثا خاصا في قاعة المؤتمرات، أذكر الأستاذ محمد السعيدي الذي ألقى كلمة مسهبة في حق رفيق الدرب والحياة معا، سلط الضوء فيها على بعض المحطات المشرقة في حياة الإعلامي والسياسي محمد بوهلال، جاء فيها مثلا أن حياته المهنية سواء في مجال التدريس أو الإعلام تميزت بعدة مراحل حددها كما يلي : 1 المحطة الأولى: بزغ فيها نجم المبدع والإعلامي محمد بوهلال في حياة التدريس، مترادفا مع العمل النقابي المنتج، والبناء في سيرورة أدبية خلاقة، أنتجت أجيالا من الخريجين المرموقين. 2 المحطة الثانية: توج فيها مستشارا بمجلس مدينة فاس، عمل فيها بمهارة السياسي المحنك، والعارف المتبصر بقضايا المواطنين والتعبير عن همومهم وطموحاتهم. 3 المحطة الثالثة: أسهم فيها بقلمه النير في المسيرة الإعلامية، قصد التعريف بتراث مدينة فاس ولفت النظر لما تعيشه ساكنتها من معيقات، إلى أن غدت مراسلاته دالة على البوح بما يختلج في النفوس. ولو جمعت تلك التقارير الصحافية كلها وصنفت، لأثمرت سجلا زاخرا بالمعطيات، جديرا بالدراسات الجامعية والتحضير لمستقبل المدينة في الألفية الثالثة في كل الميادين. فالأستاذ محمد بوهلال، كما يقول، وككل غيور، يطمح لأن تتحول مدينة العلم والعلماء والأولياء والنبغاء إلى مدينة ابن رشدية فاضلة. 4 المحطة الرابعةأسس فيها لإعلام جهوي فاعل ومنتج، آيته في ذلك جريدة «صدى فاس» الجهوية، التي لم تمثل فقط عملا صافيا جهويا يهتم بأخبار ما يجري من أحداث في المدينة، وما يتفاعل فيها من وقائع فقط، لكنها غدت ومنذ تأسيسها منبرا ثقافيا يحتضن إبداعات القصاصين والشعراء والزجالين، كما أضحت عنوانا فنيا للمسرحيين والرسامين، وعانقت هموم الرياضيين وتبنت توصياتهم، لتتحول بذلك إلى مدرسة تتكون على صفحاتها دواوين الشعراء الموهوبين، وتلتئم بين دفاتها مجاميع القصاصين المجدين. يبقى في الأخير أن نشير إلى أن مسيرة الأستاذ الصحافي محمد بوهلال حافلة بالعطاءات الفكرية والإنجازات الثقافية والمشاريع الإعلامية، كما أن مساهمته الفعالة في العمل النقابي، سواء من خلال موقعه ككاتب جهوي بفاس أو كعضو بالمجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية أو انخراطه في العمل الحقوقي، انطلاقا من إيمانه القوي والعميق بحقوق الإنسان، جعله ينخرط في التشكيلة الجهوية لحقوق الإنسان المهتمة بقضايا حقوق الإنسان بجهة فاسمكناس. وهي مسيرة إعلامية طويلة لرجل خبر دروب الصحافة والإعلام، جديرة بأن تدرس للطلاب في المعاهد والمدارس العليا للإعلام، لتغذي أطاريفهم وتشبع فضولهم الإعلامي في مسيرتهم الإعلامية مستقبلا. وفي نفس الإطار تناول الكلمة الباحث محمد الكوزي ليسلط الضوء على بعض الجوانب في حياة المحتفى به من خلال زاوية خاصة لايعرفها الكثيرون حيث يعتبر من الزجالين الأولين في المغرب حيث نظم مجموعة من القطع الجميلة التي أعجب بها رواد الملحنين في المغرب في طليعتهم الفنان الراحل محمد افويتح والمبدع الراحل عبد الرحيم السقاط الذي لحن له بعضا من أزجاله لازالت لم تدع لحد الآن بالإضافة إلى كونه يعد من الأطر الأولى في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي بفاس كما يرجع له الفضل مع ثلة من المناضلين إلى تأسيس فرع النقابة الوطنية للتعليم وكذا الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية . وفي كلمته أكد الزميل بوهلال أن تكريمه من طرف جمعية التراث والتواصل الاورو متوسطي لها نكهة خاصة ذلك أن رئيسها عبد الوهاب الصباغي يعتبر من الفاعلين الثقافيين والجمعويين النشيطين بفاس بالإضافة إلى انتمائه لحزب يساري مغربي حزب الشورى والاستقلال الذي يعد زعيمه الراحل محمد حسن الوزاني من مؤسسي اليسار المغربي ورجل سبقت أفكاره زمانه، وأضاف قائلا.. لعل تكويني الإعلامي يرجع الفضل فيه إلى الصحافة الحزبية عامة والصحافة الاتحادية اليسارية بصفة خاصة انطلاقا من التحرير ثم المحرر فالاتحاد الاشتراكي الذي افتخر وامتن بانتمائي إليها والمساهمة بقلمي فيها منذ أكثر من ثلاثة عقود.