ألغت سلطات نيويورك وحدة مراقبة المسلمين، وتحديدا المغاربة. قرار سيدفع نحو إزالة مناخات التوتر بين مختلف الأديان المشكلة للمجتمع الأمريكي، وسيساهم في تكريس وسائل بديلة من الحوار والتواصل. وقد أعلنت شرطة نيويورك، مؤخرا، أنها ألغت وحدةً، كانت تُمثّل موضع جدل كبير وتُثير انتقادات شديدة، كانت مكلفة منذ سنوات بمراقبة المغاربة من خلال إرسال عملاء سريّين يقومون بالتّجسّس عليهم. وكانت شرطة نيويورك قد خصصت إجراءات مشددة لمتابعة تحركات مواطنين بناء على تدينهم بالإسلام، تنفيذا لبرنامج سري رغم أن السلطات الأمريكية نفت صحة هذه التقارير وقالت أنها تراقب فقط من يشتبه في تمويلهم لمنظمات إرهابية أو من يرتبطون بعلاقات بها . وبالعودة إلى قانون ولاية نيويورك، فإنه يحظر على الشرطة استعمال العرق أو الدين أو الإثنية كعامل تمييز وتبرير لسلوك استثنائي للشرطة . وقد تكلفت وحدة الديموغرافيين، والتي تنفي الشرطة أصلا وجود وحدة تنضوي تحت اسمها بهذا المسمى، بجمع المعلومات عن المحلات والمتاجر المغربية. وقال تقرير إن هذه الوحدة تتولى رصد أي منشأة أو مبنى جديد في ملكية مغاربة بصدد الإنشاء أو الافتتاح أو أية شركة تشغل عمالا مغاربة أو حتى الأحياء التي تشهد تجمعا كبيرا للمغاربة عند قدومهم إلى نيويورك كحي بروكلين ، فقد تم على سبيل المثال رصد شركة سيارات أجرة تشغل سائقين مغاربة وفندق في ملكية سائح من أصل مغربي .. بل إن توجس سلطات نيويورك من أن يتحول المغاربة إلى قنابل موقوتة، دفعها إلى محاولة التحكم حتى في مسار حياتهم منذ وصولهم إلى نيويورك حتى أصبحت أبسط وأتفه تفاصيل عيشهم اليومية تنقل على حواسيب وأوراق أجهزة تابعة للشرطة والاستخبارات. ويرى مراقبون أنّ قرار إلغاء وحدة مراقبة المسلمين، من شأنه أن يساهم في بناء جسور التواصل بين الأديان، ويفتح قنوات للحوار من شأنها أن تزيل الخلافات وسوء الفهم. وسارعت مجموعات مدافعة عن الحريات المدنية إلى الترحيب بهذا القرار، داعية سلطات نيويورك إلى إصلاح الأضرار التي نتجت عن عمليات تجسس غير مبررة جرت استنادا إلى الانتماء الديني فقط. ورأت صحيفة «نيويورك تايمز»، أنّ قرار أكبر قوة في الشّرطة الأمريكية، يُشكّل أوّل مؤشر على ابتعاد قائدها الجديد وليام براتون عن بعض الممارسات التي تبنّاها سلفه في أعقاب اعتداءات الحادي عشر من شتنبر سنة 2001. وأفادت الشرطة أن «وحدة تقييم المنطقة» التي كانت تعرف سابقا ب«الوحدة الديمغرافية»، كان نشاطها متوقفا منذ يناير الفارط، وأعيد تكليف عناصرها بمهام أخرى داخل استخبارات الشُّرطة. وقالت الشرطة في بيان لها «إنّ فهم بعض المعطيات الديمغرافية المحلية، يمكن أن يكون عاملا مفيدا عند تقييم معلومات ترد على قسم شرطة نيويورك حول تهديدات محتملة». وهذه الوحدة التي تضمّ حوالي 12 عميلا، كانت قد أُنشئت بشكل سري في السنوات الّتي تلت اعتداءات الحادي عشر من شتنبر 2001، وكان مجال نشاطها يُغطي مدينة نيويورك ومحيطها. وأعضاء هذه الوحدة، كانوا رجال شرطة بلباس مدني مُهمتهم مراقبة مسلمي المدينة وأماكن عبادتهم ومطاعمهم ومكتباتهم ومتاجرهم، وتوثيق كلّ ما يرونه أو يسمعونه. ورحب رئيس بلدية نيويورك، بيل دي بلازيو، الذي تسلّم منصبه في يناير الفارط، كأوّل رئيس بلديّة ديمقراطي للمدينة منذ عشرين عاما، بقرار إلغاء هذه الوحدة. وقال، في بيان له، إنّ «إدارتنا وعدت سكّان نيويورك بشرطة تضمن لهم أمن المدينة، وتُبدي في الوقت نفسه احتراما وعدلا، وهذا الإصلاح يمثل خطوة مهمة لخفض التوترات بين الشرطة والمجموعات التي تخدمها. هذا وقد تقدّمت عدة جمعيات، من بينها «الاتّحاد الأمريكي للحريات المدنية»، بشكوى في يونيو الماضي، ضد رئيس البلدية السابق مايكل بلومبرغ، والقائد السابق لشرطة نيويورك، راي كيلي، مؤكدة «أنّ هذه الممارسات تشكل انتهاكا للحقوق المدنية للمسلمين، وتعتبر مخالفة للدستور».