ذكر مقربون من القصر الرئاسي الجزائريّ (المرادية) أنّ السلطات أبدت استعدادها، في الظرف الراهن، لتقديم كلّ الضمانات لتموين دول الاتحاد الأوروبي بالغاز من حيث الكمية والأسعار، مقابل مساندة العواصم الغربية للولاية الرئاسية الرابعة للرئيس المترشح عبدالعزيز بوتفليقة، دون «وجع رأس». وأوضحت المصادر أنّ العرض الجزائري جاء خلال استقبال بوتفليقة لوزير الخارجية الأسباني خوزيه مانويل غارسيا، مؤكّدة أنّ التوتّر الروسي- الأوروبي على خلفية الأزمة الأوكرانية دفع دول شمال المتوسط إلى البحث عن مصادر تموين قارّة للغاز، بعيدا عن ضغوط موسكو. كما أكّد مراقبون أنّ أوروبا أضحت تعتبر الجزائر المُصدّر المناسب لها، على الأقلّ في الظرف الراهن بالنظر إلى الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا والبعد الجغرافي لدول الخليج والعراق، فضلا عن كون الجزائر تُعدّ أصلا من أبرز المموّنين بالغاز والنفط لعدد من دول الشمال على غرار أسبانيا وإيطاليا وفرنسا. واعتبروا أن السلطات الجزائرية أخذت تُوظّف كلّ الأوراق المتاحة لديها من أجل تمرير العهدة الرئاسية الرابعة لمرشحها. فعلاوة على استثمار أموال الخزينة العامّة للدولة في إطلاق الوعود للجزائريين لحثّهم على انتخاب بوتفليقة، سعى قصر المراديّة إلى الحصول على تزكية أميركية وأوروبية جديدة لساكنه الحالي، مقابل كلّ الضمانات والإغراءات الاستثمارية الممكنة. وحاول الرئيس المنتهية ولايته، عبدالعزيز بوتفليقة، عشية دخول مرحلة الصمت الانتخابي، إعطاء الانطباع للجزائريين بأنّه متابع لكلّ الأحداث والتطوّرات بما فيها الرياضية. فإلى جانب ظهوره للمرة الثانية في التلفزيون الحكومي، خلال زيارتي وزيري الخارجية الأميركي جون كيري، والأسباني خوزيه مانويل غارسيا، سأل بوتفليقة عن ملابسات هزيمة فريق «أف سي برشلونة» أمام «أتليتيكو مدريد» في منافسات دوري أبطال أوروبا. وتعبيرا عن استعادته لقدراته الصحيّة واستعداده لإدارة ولاية رئاسية رابعة، قال بوتفليقة لوزير الخارجية الأسباني، خلال استقباله أمس الأول، «لقد شاهدنا الأتلتيكو يعود، هل فوزه على برشلونة يمثل حدثا؟». وردّ رئيس الدبلوماسية الأسباني بالقول، حسب مقاطع بثّها التلفزيون الحكومي، «إنّه حدث وطني.. المواجهة بين برشلونة ومدريد هي أكثر من مباراة في كرة القدم». وعلى صعيد متّصل، استغل الرئيس المرشح زيارة غارسيا للجزائر، عشية الانتخابات الرئاسية، لإطلاق أولى سهامه نحو أبرز منافسيه، علي بن فليس، مُندّدا بما نعته ب«التهديدات الممارسة ضد أنصاره» ب«الإرهاب»، ومؤكّدا أنّ الحملة الانتخابية التي انتهت نهار أمس الأحد «افتقدت للأناقة وكانت صعبة». وقال بوتفليقة «في بعض الأحيان افتقدت الحملة الانتخابية للأناقة، وهناك دعوات إلى العنف وسلوكيّات غير تقليدية ومناوئة للديمقراطية»، مُعترفا: أنّ الحملة «كانت صعبة، وهناك قاعدة سلوك لا يجب أن نحيد عنها، فهناك مرشح يوجّه تهديدات إلى المحافظين والمسؤولين بالحذر على أبنائهم وعائلاتهم في حالة التزوير.. ماذا يعني هذا، إنه الإرهاب عن طريق التلفزيون». من جانبه، ردّد المرشح المستقل علي بن فليس، في أكثر من مناسبة في لقاءاته بأنصاره، أنّ أنصار الرئيس المرشح «يلجؤون إلى الأكاذيب والافتراءات كوسيلة لمواجهة التجمعات الانتخابية التي نشطها»، لافتا إلى أنّ مشواره السياسي يشهد على نضاله من أجل الحفاظ على السلم والأمن في البلاد. وأكّد بن فليس أنّ «الديمقراطية واحترام الحريّات هما الضمان لانتخابات ديمقراطية وشفافة وهو الطريق الوحيد في رأيه نحو استقرار البلاد». وجاء التصريح الأوّل لبوتفليقة حول أطوار الحملة الانتخابية في أعقاب بيان أصدرته، أمس الأوّل، إدارة حملته الانتخابية واتهامها في اليوم نفسه علي بن فليس بالوقوف وراء ما أسمته ب«الاعتداءات» التي استهدفت حملة الرئيس المترشح بعدد من المحافظات. وقال البيان «نحذّر من الانزلاق والاعتداءات التي تستهدف حملة الرئيس، ونندّد بالعنف المنظم»، مشيرا إلى أنّ «هذه الاعتداءات تضاف إلى أحداث خطيرة من ممثلي المرشح علي بن فليس، مثل حرق مداومات انتخابية والاعتداءات بالسلاح الأبيض وتهديد المناضلين الشباب والصحفيين». يُذكر أن عدة تجمعات انتخابية لممثلين للرئيس المترشح كانت قد تعرّضت لأعمال عنف وتضييق من قبل أنصار المقاطعة أو المنضوين تحت لواء رفض ترشّح بوتفليقة، وأدّت إلى إلغاء بعضها بعدد من المحافظات، وكذلك في عدد من المدن الفرنسية التي زارها ممثلو بوتفليقة على اعتبار أنّها تحتضن جالية جزائرية كبرى. على صعيد آخر توعدّت حركة «بركات» الجزائرية المعارضة بمواصلة حراكها الاحتجاجي ضدّ تولي عبدالعزيز بوتفليقة رئاسة البلاد لمدّة رابعة، حتى بعد الانتخابات المقرّرة لأواسط الشهر الجاري والتي تتجّه السلطات إلى فرض نتيجتها المعروفة سلفا كأمر واقع. ويحمل موقف الحركة التي بدأت تكتسب زخما متناميا بالشارع الجزائري نُذر صيف ساخن لن تجعل بوتفليقة الذي يعاني آثار جلطة دماغية حادّة يهنأ بمواصلة الإقامة في القصر الرئاسي بحي المرادية. وقالت «بركات» إن مظاهراتها ستستمر بالعاصمة وفي مختلف المحافظات حتى إذا ما تمكن بوتفليقة من الفوز ب«عُهدة» (مدّة) رئاسية رابعة عبر الانتخابات. وقالت العضو المؤسس للحركة أميرة بوراوي لوكالة الأنباء الألمانية «مظاهراتنا ستستمر قبل السابع عشر من أبريل وبعده، فالأمر لا ينحصر في معارضتنا ورفضنا للعهدة الرابعة، وتلك العهدة هي مجرد رمز لنظام فاسد لا يحترم الشعب ونحن ضد استمراره». وتزامن نشر تصريحات بوراوي أمس مع محاصرة عشرات المتظاهرين، تجمّعا انتخابيا حاول مدير حملة بوتفليقة عبدالمالك سلال إقامته بمحافظة بجاية، مرددين شعار «نظام قاتل»، ما دفع سلال إلى إلغائه فيما أقدم مجهولون على حرق مقر لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة شرفيا، ببلدة أزفون بمحافظة تيزي وزو. ورفضت بوراوي، الطبيبة والناشطة الحقوقية، الاتهامات التي توجّه لحركتها من حيث قلة عدد المؤيدين لها بالشارع الجزائري، موضّحة «حركة بركات لها أعضاء كثيرون خارج العاصمة وقد نظمنا وقفات في محافظاتبجاية وعنابة والبيّض، ولكن العاصمة الجزائر بها مشكل خاص لأنه تمنع بها التجمعات، كما أن الوقفات الأولى للحركة بالعاصمة شهدت اعتقالات كثيرة وهو الأمر الذي لم يتكرر في المحافظات الأخرى». يشار إلى أن حركة «بركات» ليست تنظيما سياسيا بالصورة المتعارف عليها وتتشكل من مجموعة حقوقيين وإعلاميين وأطباء ومهن أخرى بالمجتمع وقد بدأت نشاطاتها قبل الإعلان الرسمي للرئيس بوتفليقة عن ترشحه لولاية رابعة في الانتخابات في الثالث من مارس الماضي بأيام قليلة، ويعتمد هؤلاء على التقنيات الحديثة وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك) في الترويج لأفكارهم.