عديدون لا يعرفون المدرسة الحسنية الحرة بعين بني مطهر و بخاصة الجيل الجديد ، هذا الصرح التعليمي الذي تتقاذفه اليوم رياح الإهمال و النسيان بعد الإغلاق المفاجئ لها يتحول اليوم ، و في ظل هذا الواقع الشاذ، إلى مجرد ذكرى نستعيد بعضا من تفاصيلها من خلال شهادات بعض أبناء المدينة ممن اتصلنا بهم و حاولنا معهم قدر المستطاع و بما سمحت به ذاكرتهم، استقراء التاريخ التعليمي بالمدينة سنوات الاستعمار و ما بعد الاستقلال من خلال ذاكرة المدرسة الحسنية الحرة. فعلى امتداد عقود من الزمن تخطت الثمانين سنة، شكلت هذه المدرسة ذاكرة حية لأبناء بركنت و روادها ممن مازالوا يحملون بعضا من ذكرياتها رغم ما أصابها من تلف و إهمال هو عنوان صارخ للعديد من المنشآت التاريخية التي تحولت إلى أطلال و ملاذا للمتسكعين ( مركز الجمارك بوسط المدينة ، الكنيسة ، مركز السكة الحديدية و غيرها) ، لقد شكلت المدرسة الحسنية الحرة النواة الأولى للتعليم الحر بالبلدة حيث جاءت كرد فعل قوي من الحركة الوطنية على الاحتكار الذي كانت تمارسه السلطات الاستعمارية آنذاك على مؤسسات التعليم ، و الذي لم ينجح في تقويض عزيمة المؤسسين من أمثال أحمد بن الصغير ، اعلي بنطاهر و التهامي بنعدي، الذين استطاعوا الحصول على ترخيص لبناء المدرسة فكان لهم ذلك سنة 1937 لتأخذ طريقها كأول منشأة تعليمية بالمدينة تولت إدارتها وجوه بارزة من أبناء الحركة الوطنية من أمثال محمد العربي بن الصغير الذي كان أول مدير لها . بعض الشهادات التي استقيناها من قدماء المدينة أفادت بأن الترخيص الذي سلمته سلطات الحماية الفرنسية آنذاك جاء باسم المرحوم محمد التسولي الذي تم نفيه ليتم إغلاقها سنة 1952 ، و تستمر في أداء وظيفتها بعد الاستقلال و تفتح أبوابها أمام التلاميذ قبل أن تتحول إلى مجرد ذكرى، هي اليوم بناية فارغة تندب حظها بعد أن كانت مقرا لتعليم الفتيات الصناعة التقليدية ( الفصالة و الخياطة) تحت إشراف إدارة التعاون الوطني و تغلق أبوابها بصفة نهائية لتبقى شاهدة على مدى قدرتنا جميعا و دون استثناء، على إنتاج العبث من خلال الإهمال الصارخ الذي يطال العديد من المنشآت التي تمثل ذاكرة مدينة بأكملها.