الموسم الدراسي الحالي 2013/2014، موسم استثنائي بامتياز.حيث أن الأحداث التي توالت مند بدايته جد غريبة والمعاناة التي عاش التلاميذ على وقعها كثيرة, حتى أن هناك من وصف هذا الموسم بموسم التجارب .وهو ما اثر بشكل سلبي على السير العادي للدراسة. إلا أن الوقائع التي تركت أثارا قوية في نفوس التلاميذ والتلميذات ما وقع في بعض المدن المغربية كالناظور وميدلت وأخيرا بالمحمدية, شيء لايمكن تجاوزه بسهولة .. لكن الجدل الكبير الذي عرفته هذه الأحداث المسترسلة والتي بدأت بقبلة ثم إلى مشاهد ساخنة لفيديو المحمدية, بدأ بحدث بسيط وعابر أثاره نواب من العدالة والتنمية وخلق نوعا من النقاش ولغط كبير حين عرضت الطائرة التي تقلهم من القاهرة إلى الدارالبيضاء فيلم (الرجل العنكبوت) (سبيديرمان) والذي جاءت فيه قبلة, مما دفع الناقد السينمائي موليم العروسي إلى نشر صورة له وهو يقبل زوجته على صفحته الشخصية على الفايسبوك. وتناقلتها كل المواقع الإلكترونية والجرائد الوطنية .من هنا انطلقت الشرارة الأولى ,حيث استحسنت شريحة مهمة من الشباب بجنسيه هذا التصرف واعتبرته سلوكا حداثيا عصريا يتماشى والحياة الشابة وينسجم مع جنسهم وعمرهم ،فسرعان ما نقلت تلك الصورة على العديد من المواقع والهواتف الذكية بل تطرقت للحدثين معا .حدث ماوقع مع نواب الحزب الإسلامي ،وتصدر الناقد السينمائي جل المنابر الإعلامية المكتوبة .وشيء طبيعي أن يتأثر بهذا الوضع شبابنا وعلى الخصوص تلاميذنا وتلميذاتنا في المستوى الثانوي الإعدادي والتأهيلي مادامت الغالبية منهم قد تأثرت بالحادث وانساقت مع تصرفات الزوجين حين قبل بعضهما البعض. وهكذا سار على هذا الدرب العديد منهم وأصبح القبلات تتوزع بين التلاميذ كلما وجدوا مكانا ووقتا لذلك, بل الغريب هو تصويرها جماعيا ووضعها على المواقع الإلكترونية وعبر الفايسبوك. لمعرفة مدى تأثير الواقعتين معا على التلاميذ في مناطق بعيدة عن المواقع التي عرفتها هذه الحادثة. التقت الجريدة مع مجموعة من التلميذات والتلاميذ وفعاليات تربوية لمعرفة آرائهم و أفكارهم فيما وقع .ومن الطبيعي أن نبدأ بمعرفة ما يدور في ذهن التلاميذ والتلميذات ،وقبل البداية لابد من البوح أننا تفاجأنا للتفاعل الإيجابي مع العديد من التلاميذ أيضا للعديد من الآراء ،فكانت البداية مع مجموعة من تلميذات السنة الثانية علوم الحياة والأرض بنيابة الحي الحسني.حيث أعطت المجموعة تفسيرا مقبولا عن القبلة حيث أكدنا أن القبلة تعبير صادق لنوع العلاقة المبنية بين الطرفين تخبئ وراءها قوة الرابط بينهما المبني على المحبة الصادقة, ثم بالإضافة إلى كل هذا فإن القبلة وجدت مع وجود الإنسان وتستخدم في أسعد اللحظات وأحلاها وتعبر عن قمة السعادة.إلا أنها ولما تحمله من معاني عميقة في الحب والإخلاص لايمكن أن توزع يمينا وشمالا وأمام الملأ وفي الأماكن العمومية خاصة المؤسسات التعليمية.فيستحسن أن تؤجل- تضيف المتحدثات -إلى حين توفر كل الظروف المناسبة زمانا ومكانا, خصوصا وأن جل الأسر المغربية مازالت تحتفظ بالتقاليد المحافظة .ولو أن جيل اليوم يحاول القطع مع العديد من الظواهر التي يعتبرها تقادمت، لكن في مثل هذه الأمور لازلنا محافظين.بعض التلاميذ بنفس المستوى الدراسي: السنة الثانية بكالوريا من نيابة الحي المحمدي عين السبع والقاطنين بأحياء شعبية صرحوا أن القبلة شيء جميل وتصرف صادق بين الجنسين, لكن أن يكون ذلك داخل علاقة شرعية وبأماكن خاصة ومحترمة.أما بالنسبة للتلميذ والتلميذة فإن أولى الأولويات هي الاهتمام بالدراسة ولا شيء غير الدراسة فنحن في بلد ملتزم محافظ لايمكن لأبنائه أن يتصرفوا بكل تلقائية تجلبهم غرائزهم وشهواتهم الذاتية كما وقع بالناظور وميدلت, فذلك شيء غير مقبول نهائيا ولايمكن التوافق عليه. أما الزوج وزوجته فهذا شيء آخر.لايمكننا استغلال مثل هذه المشاهد إن وقعت أمامنا في لحظة من اللحظات أو خلال مشهد سينمائي أو مسرحي ونركب على الحدث أو نستغله في أمور قد تكون سياسية أو دينية كما وقع لحادثة الطائرة القادمة من القاهرة, حين عارض بعض النواب المغاربة من العدالة والتنمية على قبلة بالشريط السينمائي . هذا مالا نقبله تماما. أستاذ مادة التربية الإسلامية (ج- أ) يدرس بإحدى الثانويات التأهيلية بأنفا أكد للجريدة أن العلم له ارتباط وطيد بالتربية والآداب والأخلاق, وقد لاحظ أن هذه العلاقة الرابطة بين هذه المكونات قد تلاشت وفقدت روابطها, وذلك حين فرض التلاميذ على أولياء أمورهم الاستقرار الذاتي لتصرفاتهم وأظهروا رغبتهم في الخلاص في العديد من المناسبات من هذه الروابط المتماسكة مع بعضها . فماذا حصل بعد هذا التفكك؟ وقع الفصل بين التعليم والتربية والأخلاق, لقد أصبح التلميذ يقصد مؤسسته التعليمية من أجل التعلم فقط ، وتسبب ذلك في انتكاسة أخلاقية نتجت عنها بعض الممارسات القبيحة ومع الأسف الشديد ساد هذا والوضع حتى بالنسبة للعديد من الأساتذة والأستاذات فسادت بين هذه الأوساط بعض العادات السيئة المشينة كالقبلات داخل المؤسسات التعليمية.وأحيانا داخل حجرات الدراسة.وأصبحنا نلاحظ أن العديد يستغل فترات الاستراحة كمناسبات سانحة للتقبيل،واشتد التنافس والتسابق بين التلاميذ لحجز ركن أو موقع من أركان ومواقع المؤسسة التعليمية في انتهاك فظيع لحريات المؤسسة التعليمية في الوقت الذي يعتبر فيه الآخرون أن هذا يدل على التقدم والانفتاح. وأكد أحد الآباء بجهة الدارالبيضاء أن الوسائل الحديثة إليكترونيا والمواقع والهواتف الذكية والشبكات العنكبوتية والقنوات الفضائية عجلوا بنقل عدة سلوكات غير صائبة إلى المجتمع المغربي, خاصة تلك التي تحمل العديد من المشاهد والوقائع الغريبة .فقديما كانت أمور غريبة تقع ولن تصل أخبارها إلى أي كان .اليوم بمجرد أن تقع حركة غير عادية في نقطة من هذا العالم تنتشر كالبرق في جميع أنحاء المعمور, علما أنه دائما الممنوع محبوب عند شريحة من الناس فيتم تقليده ،وهكذا سادت أخلاقيات أفسدت المجتمع وخرجت عن نطاق المألوف ففسد المجتمع وفسدت شرائح مهمة منه فالأشرطة السينمائية التي تعرض عبر شاشات القنوات الأجنبية أو العالمية تحمل مشاهد كثيرة تخل بالحياء ومع ذلك تجد بعض الأسر بجميع مكوناتها تتابع هذا الشريط،وحين يتضمن أحد المشاهد قبلات حارة تجد الصغار يلتفتون إلى الكبار لمعرفة ردة فعلهم . بعض الحراس العامون بالتأهيلي صرحوا للجريدة أنهم أصبحوا مجبرين في فترة الإستراحة وعلى رأس كل ساعة تفتيش العديد من النقط, خاصة تلك التي تكون مختفية عن الأنظار .وفي العديد من المناسبات تم ضبط بعض الحالات في وضعية تثير الشك, نضطر يضيف المتحدثون إلى إبعاد كل من وجد بهذه النقط . أما حكاية فيديو المحمدية, فإن هناك شبه إجماع على استنكار ماحصل رغم أن هناك مجموعة مهمة دافعت عن التلميذة الموجوة بالشريط لسبب وحيد هو تخديرها قبل الممارسة وهو ماانتبه العديد من الذين شاهدوا الشريط وأعادوا رأيته, بل اعتبروا أنها تم النصب عليها بعد الجز بها في عالم الخيال حين أوهمها ذلك الشخص بالعيش بأمريكا وتحت سقف واحد و حياة زوجية سعيدة . تصرفات بعض التلميذات والتلاميذ التي تترك خلفها ضجة كبيرة هي راجعة لعدة عوامل يؤكد مدير إحدى الثانويات التأهيلية بجهة الدارالبيضاء,لايمكن فصلها عن الأوضاع الاجتماعية التي تعرفها العديد من الأسر المغربية, أضف إلى ذلك التفكك العائلي والعلاقة بين الزوج والزوجة والخلافات التي تنشب بينهما بسبب أو بدونه في كل الأوقات وأمام الأبناء.عدم اهتمام الأسر بالمراقبة ومتابعة سير الدراسة لأبنائها .فالتربية والتعليم ليستا حكرا على المدرسة لوحدها وقد جاء ذلك مفسرا وموضحا بكل من الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي المخطط ألاستعجالي. فالأسرة لها دور كبير ولجمعيات الأمهات والآباء وأولياء الأمور دور مهم, بل هي الوسيط الحقيقي بين المدرسة والأسرة إنها تعتبر الشريك الأول للمدرسة فهل الجميع يقوم بمهامه وفق إستراتيجية علمية عملية تربوية ؟ لا أعتقد ذلك،لهذا نرى اليوم ونشاهد ونسمع عن سلوكات كانت إلى حدود السنوات الأخيرة بعيدة كل البعد عن مدارسنا .وأي شيء تغير؟ نعم نحن مع حقوق الإنسان وحقوق الأطفال ومع الحق في التعليم وهو شرط أساسي ولكن ليس معنى ذلك أننا نتساهل مع أي تصرف خاطئ وطائش بهذه المبررات ،إنها مكتسبات قوية وداعمة للحق في الحصول على حياة كريمة, لكن ليس معنى ذلك التخلي عن المكتسبات الأولى بحجة أنها تقادمت ولم تعد تساير التطورات اليومية وعلى العكس من ذلك تبقى الأخلاق والتربية الحسنة من أهم أسس المراجع والإستراتيجيات التي تسير على نهجها الدول الرائدة في هذا المجال.فلماذا نحن في هذا البلد السعيد كلما انفتحنا كلما انجرفنا نحو الهاوية وكلما حاولنا تقليد بلد نرى فيه قدوة, كلما تمسكنا بأمور قد تزيغنا على الهدف المنشود . لو اطلعتم على ما نتوصل إليه يوميا في الإدارة لخجلتم ،فحين يصادر بعض الحراس بعض الهواتف لاتتصوروا ماذا في تلك الهواتف ,فأحيانا يتخيل لنا أننا لسنا في مؤسسة تعليمية .فالصور التي نعثر عليها في ذاكرة تلك الهواتف لايمكن وصفها وغالبا مانضطر إلى مسحها وإعادة الهواتف لأصحابها مع التهديد باتخاذ إجراءات تأديبية في حق أصحابها, لكن غالبا مايتعرض بعض الإداريين إلى مشاكل مع التلاميذ في هذا الموضوع و تلفيق بعض التهم لسنا في حاجة إليها وبعيدة كل البعد عن المجال التربوي. إنها معاناة يومية قد تغيب كليا أو جزئيا عن الأمهات والأباء .وطبعا لايمكننا الجزم اليوم أن المدرسة المغربية هي روضة من رياض الجنة وأن الأساتذة ملائكة, بل للمدرسة دور في هذه الحصيلة السلبية ولبعض الأساتذة نصيب من خلال العديد من الهفوات العفوية أو المقصودة وبعض الأمور التي تتطلب الصرامة في اتخاذ العديد من القرارت حتى يستقيم الوضع. لنا نحن في الإدارة التربوية أيضا مسؤولية من خلال سلك طرق غير مدروسة في علاج العديد من الإختلالات, حين نصغر مشكلا كبيرا ونكبر مشكلا صغيرا وحين نقوم بطمس بعض الظواهر واخماد بعض الوقائع إما خوفا من تشويه سمعة المؤسسة أو الإدارة أو بعض هيئة التدريس أو التلميذات والتلاميذ أو خوفا من ردة فعل من المسؤولين أو العائلات فتكون العواقب أخطر .إن هناك من السلوكات ما هو أخطر من القبلة بكثير كانتشار المخدرات, فالتلميذ المخدر لايشعر بما يفعله وكل تصرف من هذا القبيل شيء عادي بالنسبة إليه ويظهر ذلك من خلال اللباس والحلاقة والنطق وحتى المشي. إذن إذا أردنا محاربة هذه السلوكات والقضاء عليها بمحيط المؤسسات التعليمية وداخل أسوارها لابد من تكاتف الجهود بين جميع المتداخلين في العملية التعلمية بما في ذلك السلطات المحلية والمنتخبون ووضع إستراتيجية مدروسة تشارك فيها جميع الفعاليات والأحزاب السياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. بالنسبة لواقعة المحمدية يجب نسيانها ,لأنها مست تلميذة في بداية مشوارها وأدخلتها عالما غريبا عليها, عالم الخطوبة في سن مبكرة, أضف إليها الإغراءات التي نزلت من ذلك الشخص الذي نصب عليها, لا يهمه سوى استغلال جسدها وبراءتها. فالمجتمع لا يرحم و لا يبحث عن المبررات ولكن يحكم على الواقع حتى وإن كان مرا .لكل هذا أوجه عبر هذا المنبر الإعلامي الفريد نداء إلى كل تلميذة ,خصوصا تلك التي في سن الزهور أن تركز على دراستها وأن تترك جانب العاطفة وربط العلاقات وماشابه ذلك إلى أن تنضجج وأن لايتم الغرور بملذات الحياة ومظاهرها, فالزاد الوحيد الذي سينير طريقك هو العلم والمعرفة والشواهد العليا وبعد ذلك الاستقرار النفسي والمهني. إنه موضوع كبير وشائك و لايسع المجال إلى سرد خباياه المتعددة والمتنوعة, فما خفي كان أعظم.