تحتضن عاصمة البوغاز، من 7 إلى 11 ماي المقبل، الدورة 18 لمعرض طنجة الدولي للكتاب والفنون. وقد اختارت إدارة المعرض تنظيم دورة هذه السنة تحت شعار «إفريقيات» لتشكل فرصة لتعميق النقاش وتبادل الآراء حول البعد الإفريقي للمغرب وهويات البلدان الأفريقية، مع استحضار كون المغرب «يشكل جنوبا لأوربا وبلدا ناشئا في عمق التنمية، وكذلك بلدا شماليا بالنسبة لمجاوريه من دول جنوب الصحراء»، وذلك بالإضافة إلى طرح قضايا المستقبل وتنمية القارة بصيغة الجمع. حملنا الأسئلة المرتبطة بدورة المعرض المقبلة، وكذا بمدى انغراسه في التربة الثقافية والفنية للمدينة التي تحتضنه وللمغرب عموما، إلى السيد ألكسندر باجون بوصفه مديرا للمعهد الفرنسي بطنجة وللمعرض، فكانت أجوبته كالتالي: « إفريقيات»، هو ذا الشعار المركزي للدورة 18 لمعرض طنجة الدولي للكتاب والفنون، المزمع تنظيمه من 7 إلى 11 ماي المقبل. لماذا هذا الاختيار؟ معرض الكتاب والفنون بطنجة ليس مجرد صالون أدبي. إنه منتدى فعلي للنقاش حول القضايا الأساسية التي تخترق مجتمعنا: التنمية المستدامة، آثار العولمة، بروز العصر الرقمي، حقوق الإنسان. اخترنا هذه السنة أن نقوم بتأمل الانتماء الإفريقي للمغرب. إن المملكة تتوفر على علاقات عريقة، تجارية وثقافية، مع جيرانها في إفريقيا الوسطى والغربية. وتعتبر الزيارة الأخيرة للعاهل المغربي إلى إفريقيا جنوب الصحراء، ومعها أنشطة كبريات البنوك والمقاولات المغربية، دليلا على أهمية هذه المبادلات. يقودنا هذا المعطى إلى سؤال جوهري: سؤال التعدد الثقافي واللغوي للقارة. إذا كان المغرب يشكل إفريقيا في حد ذاته، فهناك إفريقيات أخرى كثيرة. وستبرز الفعاليات الفنية والنقاشات الفكرية للمعرض هذا التعدد. وقد برمجنا خلاله، من ضمن فقرات أخرى، طاولة مستديرة حول التعدد اللغوي، وسهرة موسيقية كبرى بمشاركة بقاس ودرامي ورولان، وهو الثلاثي الذي سيؤدي مزيجا من الإيقاعات الإفريقية والمغربية والأوربية. ومن جهة أخرى، فإفريقيا هي قارة المستقبل، ذلك أنها تعرف نموا اقتصاديا لافتا وتجلب استثمارات أجنبية مهمة. وقد أصبح المغرب، نظرا لكونه دولة تعيش تطورا شاملا، يشكل شمالا منبثقا ودينامكيا بالنسبة لجيرانه الجنوبيين. ستسلط الدورة 18 من المعرض إذن الأضواء حول المستقبل، مركزة على النمو الاقتصادي، وعلاقات التضامن الجهوية وإشعاع الفنون والآداب الإفريقية. من هم الكتاب الأفارقة، ومن بينهم المغاربة، اللذين سيمثلون «الإفريقيات» في المعرض للنقاش مع جمهوره؟ هل سيقتصر الأمر على الكتاب الفرانكفونيين، وهل تم استدعاء كتاب ينتمون لجغرافيات أخرى؟ بما أن التيمة الأساسية لدورة هذه السنة تتمحور حول «إفريقيات»، فقد عملنا على تفادي النظرة الفرنسية المحضة للقارة وإعطاء الكلمة لكبار الفلاسفة والكتاب والمؤرخين والصحفيين والاقتصاديين والدبلوماسيين الأفارقة، كما حرصنا على تمثيلية التعدد الثقافي للمكونات الإفريقية. سيأتي ضيوفنا من جمهورية الكونغووالسنغالوبورونديوالكاميرون، أما عدد الكتاب الفرنسيين المبرمجين فإنه قليل. أغلبية الضيوف فرانكفونيون، لكن الناطقين بالعربية حاضرون أيضا. وعلى غرار السنوات السالفة، سنقترح قراءات بكل اللغات المستعملة في طنجة - العربية، الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية - وهي جميعها لغات إفريقيا. أذكر من بين ضيوف الدورة المغاربة: نجيب أقصبي (باحث اقتصادي)، كبير مصطفى عمي (كاتب)، عبد الله بيضة (كاتب)، علي بنمخلوف (فيلسوف)، موليم لعروسي (ناقد فني) وإدريس كسيكس (صحفي وكاتب). ومن بين الأفارقة: أشيل امبيميبي (مؤرخ، الكاميرون)، ألان مابونشكو (روائي، جمهورية الكونغو)، أوجين إيبودي (روائي، الكاميرون)، ليونورا ميانو (روائية، الكاميرون)، هنري لوبيز (روائي ودبلوماسي، جمهورية الكونغو) / جوفينال نغوروانوبوزا (أستاذ جامعي، بوروندي)، وفُلوين سار (باحث اقتصادي وكاتب، السنغال). تتمثل إحدى لحظات المعرض القوية في الاحتفاء بذاكرة الكاتب والإنسي الكبير إدمون عمران المالح، الذي كان، كما سبق لك القول: «يضع دائما حب بلده فوق الديانة، ويمجد الانصهار الثقافي بين العنصر العربي واليهودي والأمازيغي». ما أسباب نزول هذا الاحتفاء؟ كان إدمون عمران المالح أحد كبار الكتاب المغاربة. ولقد خلف، بفعل شعريته واشتغاله على اللغة والتزامه المتعدد، آثارا غير قابلة للمحو في الأدب المغربي المعاصر. لكنه، وباستثناء الفعاليات التي احتضنتها المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، فإنه لم يتم، حسب علمي، أي تكريم وطني لهذه الشخصية التي وشحت بالوسام العلوي نظرا لمجموع عطائها للمغرب. ونحن ننظم هذه التظاهرة الجديدة ذات البعد الوطني منذ وفاته، فإننا نريد المساعدة على إعادة طبع نصوصه والمساهمة في إشعاع منجزه. لماذا إدماج أجناس فنية أخرى (المسرح، الموسيقى، الفنون التشكيلية والسينما) في برنامج المعرض، علما أن وظيفته الأولى أدبية حسب ما يبدو لي؟ إنه تقليد يعود إلى دورة 2009، حين أصبح معرض طنجة للكتاب موسوما ب «معرض طنجة للكتاب والفنون». يعيش المغرب طفرة رائعة في جميع المجالات الفنية، في حقول السينما والتصوير الفوتوغرافي والرقص والمسرح، ومعرض طنجة للكتاب والفنون ملتزم بدعم التطور الفني، مثلما هو منخرط في توفير شروط اللقاء بين الفنانين والجمهور. سنقوم هذه السنة، على سبيل المثال لا الحصر، بتنظيم معرض للصور الفوتوغرافية الفنية لحسن حجاج إلى جانب الأعمال التشكيلية لفريد بلكاهية، بالإضافة إلى عرض أشرطة فيديو لفنانة مغربية شابة جد واعدة ليلى العلوي. ما يميز معرض طنجة هو إرادته في أن لا يكون مجرد تظاهرة أدبية، وسعيه إلى فتح حوار حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، علما أن الفنون قد قدمت دائما منظورية متفردة لقراءة قضايا من هذا القبيل. يعتقد بعض الفاعلين الثقافيين المغاربة أن معرض طنجة ليس سوى وسيلة للتعريف بإصدارات دور النشر الفرنسية وترويجها. وهو إدراك يدعمه الإقبال المحدود للجمهور من جهة، كما يسنده، من جهة أخرى، إقرارك شخصيا بالإشعاع المتواضع للمعرض في المدينة. كيف ترد على هذا الاعتقاد؟ وما هي الأنشطة المبرمجة في إطار الدورة القادمة يضمان إشعاع أكبر للمعرض؟ يسعى معرض طنجة إلى أن يكون نموذجا للتعاون بين المعهد الفرنسي والفاعلين الثقافيين المغاربة. نحن نشتغل أولا، وقبل أي طرف آخر، مع «جمعية طنجة الجهة للعمل الثقافي» التي تعتبر شريكنا الأساسي، بالإضافة إلى جمعيات ومؤسسات أخرى والجماعات المحلية، ومنها على سبيل المثال: الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة - تطوان وجامعة عبد المالك السعدي. دور النشر الفرنسية التي تشارك في المعرض تعد على رؤوس الأصابع. هدفنا هو إبراز الإصدارات الجديدة لدور النشر المغربية، مع مشاركة جميع الفاعلين في مجال الكتاب بالمغرب. ولذا، فنحن نستقبل في طنجة دور النشر المغربية التي تصدر مؤلفاتها بالفرنسية كما بالعربية (الفنك، ملتقى الطرق، مرسم، ينبوع الكتاب...)، مثلما نتعاون بشكل وثيق مع أصحاب المكتبات بطنجة. إذا كانت بعض الإكراهات اللوجيستيكية تمنعنا من تنظيم أنشطة أكثر في وسط المدينة، فإننا تجميع كل الفعاليات في مكان واحد يوفر لنا إمكانية تنظيم معرض ذي جودة عالية وحجم إنساني. وهكذا، فإنه باستطاعة الجمهور أن يحصل على المعلومة بسهولة وأن يستفيد من مجموع الأنشطة بدون حاجة إلى التنقل. وبفضل عدد زواره السنوي الذي يتجاوز 1500 زائر، فإن معرض طنجة للكتاب والفنون أصبح من بين التظاهرات الثقافية الأساسية في المغرب وضمن الموسم الثقافي فرنسا - المغرب. إننا نقترح تظاهرات لجميع أصناف الجمهور، بما في ذلك الحكايات والورشات الفنية الموجهة للأطفال، والقراءات بالعربية والإنجليزية والإسبانية، بالإضافة إلى مسابقة للقراءة لتلاميذ الثانويات. علما أن كل هذه الأنشطة مجانية. ومن أجل استقطاب عدد أكبر من الجمهور هذه السنة وجعل المعرض في قلب المدينة، فإننا سننظم «حلقة» يوميا في السوق الكبير ينشطها حكواتي من جامع الفنا. كما أن معرضا حول تاريخ الجلود سيقام في رواق دولاكروا الواقع في وسط طنجة. ومنذ ست سنوات والمعهد الفرنسي و»جمعية طنجة الجهة للعمل الثقافي» ينظمان مسابقة للقراءة العمومية: «لذة القراءة»، وهو نشاط يشارك فيه أزيد من ألفي تلميذ يدرسون في حوالي مائة مؤسسة (إعداديات وثانويات) تابعة لأكاديمية طنجة - تطوان. إنها مبادرة توفر للشباب إمكانية المشاركة في لقاءات مع ضيوف المعرض، والتكوين في مجال البرهنة والاستئناس بعشق القراءة. ولأول مرة هذه السنة، سنتعاون مع جمعيات تربوية محلية لتنظيم سلسلة من الحكايات لفائدة الأطفال في أحياء المدينة الفقيرة.