قبل طرح قضية التربية، التي تصنف على رأس الأولويات،على اعتبار ترتيبها المتميز ضمن هرم كبرى الانشغالات،وقبل الخوض في غمار المسألة التي تعد من الأساسيات باتفاق الجميع، باعتبار كونها صانعة لفكر مميز يشكل الحل الآني لأزمة التفكير قبل الفعل، لابد من الإحاطة علم ابظروف وملابسات الواقع، المرآة العاكس للتربية، الأمر الذي يفرض جملة قضايا، على رأسها موقع انخراط القوة البشرية وإنتاج البدائل والحلول، حيث تحتم المرحلة الراهنة، فكرا للتدخل من نوع خاص، كما تفرض أيضا مبادرة متميزة، مبادرة ترتكز على أعمدة ثلاث: التربية، الممارسة، الفكر . إنها، باتفاق الكل، ليست أزمة تنظير بقدر ما هي أزمةممارسة ميدانية تفرض توحيد الرؤى والتوجهات بصدد أمرعلى درجة كبيرة من الأهمية، إنه جانب لا يقتصر فقط على إجرائية الأهداف، بل يفرض التنزيل الجيد للعامة منها والخاصة، الغايات الكبرى والمرامي، لأجل إنتاج فلسفة الميدان و الممارسة، يتعلق الأمر بالتربية على الممارسة . نقصد بالتربية، تعويد السلوك على التحرك والانخراط في اتجاه خدمة هدف إنساني في شموليته، كما أن التربية كمفهوم واسع يحيط بقوانين تندرج ضمن عنصري الالتزام والتعاقد بين الطفل والراشد، إلى جانب السلوكات و المهارات التي يتم تلقينها وغرسها في الفئة المستهدفة، لتتحول إلى قدرات وكفايات تستثمر في الحياة العامة استثمارا جيدا، ومن تمة يتم تحويلها إلى فكر ممارس، لتتمكن في النهاية من توجيه مصير المجتمعات والشعوب إلى كل ما هو إيجابي، وخدمة قضايا المصير. إن البيداغوجيا الجيدة، والمحدد الناجع لتحقيق رغبات ومتطلبات الواقع قصد الارتقاء به نحو الأفضل، والمساهم الأول في إنتاج القدرة على حسن الانخراط في الحياة العملية، هي الكفيلة بالتأسيس للممارسة الفعلية والجادة في الشأن العام، كما تهدف أساسا إلى خلق إنسان المبادرة، لذا فإنها تمثل تبعة لأطراف مجتمعة : الأسرة، المجتمع، المدرسة، حيث تعمل كلها في خط متواز، وتروم تحقيق مبتغى مشترك، هو صنع تربية على الممارسة . فمن ممارسة التربية، إلى التربية على الممارسة، وهي عملية جدلية تقترن إحداهما بالأخرى، إذ يمثل العنصرالبشري فيها مركز الاهتمام والممارس في نفس الآن، فمن شروط خلق جودة الممارسة : أداء وتفعيل الأدوار التربوية بشكل جيد، من خلال تضافر جهود كل العناصر المساهمة في تربية الكائن البشري، حينذاك ستتحقق التربية على الممارسة، والتي تندرج ضمن بيداغوجيا المبادرة، حيث لازالت هذه الأخيرة في حاجة إلى خلق شروط إنجاح المهمة، وبالتالي تحقيق الغاية الكبرى من الوجود، فبفعل جملة العوامل والأسباب التي تمثل عراقيل أمام تحقيق المبتغى سالف الذكر، نجد : تغييب الهدف والانشغال بالهوامش، تعارض وتنافر العناصر المتدخلة والحاسمة ..