إن تفعيل الحياة المدرسية باعتبارها مجالا حيويا يملك بعدا شموليا يجعله يندرج ضمن معادلة تخدم المنظومة الشاملة للقيم، وترتكز على جملة القضاياالأساسية التي تعتبر التواصل البناء والهادف، وصنع مقومات الحكامة الجيدة، من خصائصها الرئيسية، أما العلاقة بين المجتمع والمدرسة، باعتبارهما فضائين لاستثمار المعارف والقدرات واكتساب المهارات وتوجيه الميول والرغبات، فلا زالت هذه العلاقة علاقة طلاق الشقاق بينهما، فلا شك أن فلسفة التعاقد تقتضي خدمة الغايات المشتركة لأجل بناء شخصية الطفل،وغرس روح الابتكار لديه، وتعويده على المبادرة الذاتية، وإعداده للانخراط في الحياة الاجتماعية وخدمة الجوانب المعرفية والوجدانية لشخصيته. تعد الأسرة فضاء خصبا لإنتاج العادات، وتركيز التمثلات، فهي تصنف ضمن العوامل المساهمة في التنشئة الاجتماعية، لكنها تبقى غير مكتملة، فهي في حاجة إلى مشروع شمولي يندرج ضمن بيداغوجيا التعاقد المرتكزة على الطفل كهدف وكمحور العملية كلها، وإذا كان مضمون التعاقد هو ربط العلاقة بين أطراف من أجل تبادل المنفعة التي تقتضي تحقيق غايات و مرامي مشتركة، فإن هاته العلاقة لا بد أن ترتكز على تعويد الطفل التعلم الذاتي ونشر قيم المبادرة والانفتاح على البيئة والمحيط، وفي إطار التعاقد الثنائي، تبقى المدرسة والأسرة نواة التربية باعتبارهما مؤسستين تعملان على خدمة الأبعاد المعرفية الثقافية والوجدانية، وكذا المساهمة في التنشئة الاجتماعية وتأهيل الفرد، وتيسير اندماجه في المحيط، وتنمية القدرة لديه على إبداء الرأي . إن الحاجة إلى بناء فكر المبادرة، والعمل على تعويد الطفل القدرة على الفهم والتحليل، وغرس روح التربية على الحوار الديمقراطي، هي من تجليات مقاربة الجودة، مما يجعل كل من: الأسرة، المدرسة والمجتمع، كعناصر الحسم ضمن معادلة تهدف بالأساس إلى تكريس السلوك الإيجابي،لكونها فضاءات واسعة تلعب أكبر الأدوار في تأهيل المورد البشري، كماتساهم في بناء جوانب الشخصية السوية، و تبقى المشاركة الفاعلة في جميع الأنشطة المدرسية، وجعل كل من الأسرة والمجتمع مساحة خصبة للإبداع والتنشيط واكتساب المواهب وصقلها، ومجالا فسيحا ومريحا لأجل تنمية الطاقات وإشباع الحاجيات وترسيخ حس المبادرة كسمة من سمات القيادةالفردية. إن تحقيق العلاقة التفاعلية والمتشعبة بين مكونات المجتمع والأسرة والمدرسة كمؤسسات للتربية على القيم، ودعم مبادرات التكوين الذاتي، لا بدلها ...