«مسكون» ، «مقيوس»، «محسود»، «مسحور» ... وغيرها من التعابير، تغيرت الأسماء والتوصيف واحد، الغاية منه إظهار أن هذا الشخص أو ذاك ، الذي يعاني من مرض نفسي أو عقلي، والذي يحتاج إلى متابعة طبية من متخصصين، قوامها الإنصات والتواصل بشكل أساسي قبل المرور إلى أي علاج دوائي، ليس سوى مصاب بمسّ من الجن، أوتدهورت حالته الصحية نتيجة لعين شريرة، في تبخيس واختزال لمعاناة، قد يكون السبيل واضحا لرفعها، فإذا بالوجهة التي يختارها البعض تضاعفها أضعافا مضاعفة، وتزيد من حدة وقعها وتداعياتها؟ إنها حال أسر مغربية عديدة ليست بالضرورة تعاني الفقر والهشاشة وغيرها من التمظهرات الطبقية والاجتماعة، بل يمكن أن يكون المعنيون ميسورين وذوي حظوة علمية ومكانة ثقافية، وعلى الرغم من كل هذه المحفزات الايجابية فهم يتوجهون بمرضاهم صوب أضرحة، بحثا عن كرامات «السادات» و«الأولياء» الذين هم في أمسّ الحاجة إلى من يترحّم عليهم ويدعو لهم بالمغفرة، ففاقد الشيء لايعطيه، لكن الواقع المريض لهؤلاء المعنيين بالأمر يغمض أعينهم ويصم آذانهم، ولايرون لغير هاته «الزوايا» بديلا! ثقافة تسود في المجتمع المغربي وترخي بظلالها على يوميات المغاربة، تتقوى يوما عن يوم، في ظل ترك أبواب هاته الأضرحة مشرّعة على مصراعيها، فاتحة أحضانها لاستقبال أفواج المترددين عليها، الذين يرتضون لأقاربهم أن يعيشوا لحظات عبودية بامتياز، يؤطرها الجهل الذي يتقوى على حساب العلم، بحيث يصبح رأي الطبيب مجرد كلام عابر لاتتم إعارته أي اهتمام، بينما ترتفع أسهم كلمة الدجال والمشعوذ التي تستطيع النفاذ إلى أفئدة المعنيين وإلى عقولهم المغلفة والموصدة في وجه كل تحليل علمي حتى إشعار آخر!