تعرض دار توبقال للنشر في رواقها بالمعرض الدولي للكتاب آخر ترجمات الشاعر محمد بنيس: «كتاب النسيان» للشاعر الفرنسي «برنار نويل». ويقع في 82 صفحة من القطع المتوسط. مع مقدمة كتبها المترجم لإضاءة أهم قضايا هذا الكتاب الشعري الذي ألفه الشاعر الفرنسي حول موضوعة فلسفية هي النسيان. والكتاب كُتب عبر مراحل كثيرة ومتفرقة. فمنذ سنة 1979 ونويل يخطّ ملاحظات وإشراقات حول النسيان ونقيضه التذكر. ولم ينشر الكتاب مجموعا إلا سنة 2012. وقد سبق لمحمد بنيس أن ترجم قصائد منه منذ عدة عقود ونشرها بمجلة مواقف، أيام كان بنيس المغربي الوحيد ضمن هيئة تحرير المجلة التي كان يترأسها ويديرها الشاعر أدونيس، رفقة كتاب وشعراء وروائيين من بلدان المشرق العربي. للكتاب ذاكرة ممتدة، وموضوعه هو النسيان. لكنه عهندما خرج مجموعا أصبح شبيها بتوزيع موسيقي يعزف التكوين العضوي للنسيان. وقد اعتبر بنيس في مقدمته للكتاب أن «كتابة برنار نويل عن النسيان في زمننا، بهذه القوة الفكرية والمقاربة المفتوحة، تدلنا على الممكن، المفاجئ والحر، في زمن يُصرّ على تشويه النسيان». ومع الاستمرار في القراءة والتوغل في المناطق الفكرية، المقرونة بالمناطق الشعرية المتحركة والرطبة التي للشعر، نجد أ الكتاب يضع مصطلحية فلسفية خاصة: الذاكرة، الحاضر، الحركة، اللغة، الكتابة، التحويل، الصورة، الذهن، القطيعة، السلطة، الصيرورة... وهذه المصطلحية هي ما جعل من «كتاب النسيان» جنسا على تخوم الكتابة النثرية والكتابة الشعرية. وهي أيضا ما تجعل برنار نويل يصنف نفسه ضمن الكتّاب لا الشعراء فقط. الكتاب أيضا صراع مع اللغة، رغم ان الشاعر لا يملك غيرها. يستعملها حينا ويرفض استعمالها أحايين كثيرة، حسب مفهوم سارتر لاستعمال الشعراء للغة: «الشعراء لا يستعملون اللغة»، أو يرفضون استعمالها كما هي مطروحة:»عليّ أن أعرف لغتي لأملكها، لكن أليس عليّ أن أنساها كي تملكني؟». النسيان في كتاب النسيان أقوى من الموت، ف»الموت هو نسيان النسيان»، و»لا يفنى النسيان، وعندما نلتفت إلى المستقبل ندخل في الفاني»، و»في محاجر رأس الميّت تكون النظرة الخاصة منسية: نرى النهار..». كل هذه الشواهد تدل على أن «كتاب النسيان» نهر متدفق من المشاعر والشعر والفكر والكتابة.