أصدر المجلس الأعلى للقضاء، مساء السبت، قرارا بعزل قاضي طنجة، محمد نجيب البقاش، على خلفية الاشتباه في تورطه في قضية ارتشاء بمدينة طنجة مباشرة بعد تحمل مصطفى الرميد مسؤولية وزارة العدل والحريات، وهي القضية التي أثارت الكثير من المداد بسبب التطورات المتناقضة التي عرفها الملف منذ توقيف القاضي في كمين نصبته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على استقبال وزير العدل في مكتبه لمواطن تونسي ادعى تعرضه للابتزاز من طرف القاضي، حيث أعطى أوامره للوكيل العام بجنائية طنجة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، كما استقبل عناصر الفرقة الوطنية بمكتبه أيضا وكلفهم بتتبع وترصد القاضي لعدة أيام ليتم اعتقاله ليلة 19 يناير 2012 في سيارة التونسي، بتهمة تلقي أموال يشتبه أنها متحصلة من رشوة، وهي المعطيات التي أكدها مصطفى الخلفي في لقاء تلفزي حين صرح أنه كان يتابع مجريات ترصد قاضي طنجة إلى حين اعتقاله دقيقة بدقيقة، تصريحات الخلفي أثارت حينها العديد من التساؤلات حول سرية التحقيق واستقلالية القضاء. غير أن الملف سيعرف تطورات مثيرة بعد أن تراجع المشتكي عن توجيه اتهامه للقاضي المعتقل وتشبث بسحب شكايته، نافيا أمام قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال بجنائية الرباط ليتم تمتيعه بالسراح المؤقت. وحينها طالب الدفاع وزير العدل بتقديم اعتذار علني أمام الشعب المغربي وتقديم استقالته من الحكومة بسبب ما اعتبرته هيئة الدفاع أخطاء جسيمة ارتكبها الوزير في تعاطيه مع هذا الملف، وأيضا بسبب انتفاء عنصر التلبس لكون الأموال لم يتم ضبطها مع القاضي بل كانت تحت مقعد سيارة التونسي حسب ما هو مدون في محاضر الفرقة الوطنية. وفيما كانت القضية مدرجة أمام جنائية الرباط، أعلن بنكيران من قبة البرلمان عن غضبه من احتفال القضاة بالإفراج عن زميل لهم متورط في جريمة ارتشاء، وهو ما اعتبره الدفاع حينها تدخلا غير مقبول في سير القضاء وإصدار حكم مسبق بالإدانة في قضية لاتزال مدرجة أمام المحكمة. بعد تصريحات بنكيران سيقرر وزير العدل بشكل مفاجئ إحالة ملف القاضي على أنظار المجلس الأعلى للقضاء، حيث تم الاستماع إليه في عدة جلسات قبل أن يصدر حكمه بالعزل، ليسدل الستار عن هاته القضية التي لاتزال في حاجة إلى الكشف عن جميع الملابسات المحيطة بها.