قررت غرفة المشورة بجنائية الرباط، زوال أول أمس الثلاثاء، تزكية قرار تمتيع قاضي طنجة، نجيب البقاش، بالسراح المؤقت، الذي سبق وأن اتخذه قاضي التحقيق لدى غرفة جرائم الأموال بجنائية الرباط، مع استمرار التحقيق في الملف. وبذلك فغرفة المشورة رفضت الملتمس الذي تقدم به الوكيل العام، يطلب من خلاله رفض منح السراح المؤقت للقاضي المعتقل على خلفية اتهامه بتلقي أموال يشتبه أنها متحصلة من جريمة ارتشاء. ويأتي قرار منح السراح المؤقت لقاضي طنجة بعد التطورات المتسارعة التي عرفها الملف، خاصة بعد تراجع المشتكي، التونسي الجنسية، عن توجيه اتهامه للقاضي المعتقل. وحسب مصادر متطابقة، فإن المشتكي انهار أمام قاضي التحقيق، وانخرط في موجة من البكاء الهستيري وارتمى في أحضان القاضي المعتقل طالبا منه الاعتذار عن كل ما بدر منه، وتشبث المشتكي بسحبه للشكاية، نافيا أن يكون قد اتهم القاضي بتلقي الرشوة. ومن شأن هاته التطورات أن تتسبب في إحراج كبير لوزير العدل على اعتبار أنه استقبل المشتكي في مكتبه، وأعطى أوامره للوكيل العام بجنائية طنجة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، كما استقبل عناصر الفرقة الوطنية بمكتبه أيضا وكلفهم بتتبع وترصد القاضي لعدة أيام ليتم اعتقاله ليلة 19 يناير في سيارة التونسي بتهمة تلقي أموال يشتبه أنها متحصلة من رشوة. وبعد الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق بجنائية طنجة، قرر إحالته على غرفة جرائم الأموال بجناية الرباط لعدم الاختصاص. وتوقعت ذات المصادر أن يتم الكشف عن الملابسات الحقيقية لهذا الملف، الذي فجره وزير العدل أياما بعد تعيينه في الحكومة، وبصفة خاصة السياق والحيثيات التي أحاطت باستقبال وزير العدل للمشتكي التونسي في مكتبه، وتصريحه للصحف بكونه متأكد من توفر عناصر الإدانة، كما أن وزير الاتصال سبق له أن صرح في برنامج تلفزي أنه كان متتبعا لمجريات ترصد قاضي طنجة إلى حين اعتقاله دقيقة بدقيقة، مما يطرح تساؤلات كبرى حول سرية التحقيق واستقلالية القضاء. يذكر أن دفاع القاضي المعتقل كان قد طالب حينها وزير العدل بتقديم اعتذار علني أمام الشعب المغربي وتقديم استقالته من الحكومة بسبب ما اعتبرته هيئة الدفاع أخطاء جسيمة ارتكبها الوزير في تعاطيه مع هذا الملف، خصوصا وأنه تدخل في هذا الملف واستقبل المشتكي في مكتبه مانحا له الدعم المعنوي، كما أشرف شخصيا على عملية اعتقال القاضي. وكان الدفاع أيضا قد انتقد إصرار النيابة العامة على استمرار اعتقال القاضي، تنفيذا لأوامر وزير العدل، في غياب عنصر التلبس بحيازة الأموال على اعتبار أن المبلغ المالي ضبط في سيارة المشتكي، علما بأن القاضي يتوفر على جميع ضمانات الحضور.