شكلت ندوة «الكتابة ووسائط الاتصال الجديدة»، واحدة من من حلقات النقاش ضمن البرنامج الثقافي للدورة العشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب المنظمة من 13 إلى 23 فبراير الجاري، مناسبة استعرض خلالها باحثون في اللسانيات والأدب الرقمي والهندسة المعلوماتية، «التطورالذي عرفته وسائط الاتصال الحديثة الذي دفع إلى بروز حاجة ملحة فردية وجماعية لإيجاد موقع قلم في ساحة الكتابة والابداع على الصعيد العالمي». فقد توقف كل من الباحث محمد الداهي، الاستاذة الجامعية، زهور كرام والمهندسة فدوى أطاع الله، والباحث سعيد بنكراد خلال هذا اللقاء الذي أطره الباحث محمد أسليم على ملامح العلاقة ما بين «الكتابة» و«وسائط الاتصال الحديثة» ورصد انشغالات العديد من الخبراء والمهتمين من أجل «توسيع دائرة الاشعاع بما بدعم مكانة الكتابة و الكتاب في الحياة اليومية، وكذكك مساءلة «آفاق الكتابة والكتاب في ظل التطور الكبير الذي تعرفه وسائل التواصل الحديثة». وسلط الباحث محمد الداهي في عرضه «الشعر المتحرك» الضوء على العلاقة ما بين النص الشعري الثابث والتطور الرقمي في كل تجلياته التكنولوجية والغرافيكية، التي والحركية، التي تنتج في نهاية المطاف نصا شعريا متحركا وصفه الباحث ب«القصيدة المتحركة» بفضل من كل التطورات التقنية للتكنلوجيا الحديثة ومؤشراتها استعمالها وكذا البرمجيات والوسيط الخطي التي يجعل منها بالإضافة التفاعلية والبرمجة «قصيدة بصرية». كما تحدث عن أصل «الشعر المتحرك»، الذي عرف بداياته بفرنسا، يعتمد على «الكرافيك، التحريك، التركيب، القصيدة» مشيرا إلى علاقة الأدب الرقمي وشعر الفيديو بالعالم العربي، من خلال تجربة للشاعر اللبناني هنري زغيب قدمها في أبو ظبي، وكذا قصيدة «لاعب النرد» للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش التي زودها طلاب جامعة مصرية بشفرات لغوية وموسيقية. وفي عرضها تحت عنوان «الأدب الرقمي: مداخل مفاهيمية وثقافية»، أبرزت الأستاذة زهور گرام العلاقة التفاعلية مابين الوسيط التكنلوجي والمتلقي والمنتج، مشيرة إلى التأليف «لم يعد يتعلق بالفرد اتجاه الفرد، بل أيضا الجماعة أصبحت تخاطب الجماعة» من خلال وسائط جدية وشبكات التواصل الاجماعية التي أصبحت لها مقايسس محددة، وقالت «إن الموضوع مرتبط بضرورة إنتاج وعي للمنتج والمتفاعل والممارس للعملية التكنولوجية من خلال دعامة الوسائط المساعدة». وأضافت الأستاذة زهور گرام أن التفاعل معنى وثقافة وسلوك ذهني وممارسة وأيضا أسلوب إنتاجي لأن المتلقي يساهم بدوره في إنتاج النص مشيرة إلى أنه كلما تغيرت الوسائط يتم الحديث عن تغير طبيعة الفرد. وميزت كرام بين مفهومي الاتصال والتواصل باعتبار الجميع كائنات اتصالية وباعتبار التواصل فعل وثقافة ولا بد من وجود التفاعل مؤكدة على ضرورة الرهان على الذات الأخرى التي عليها تفجير النص وليس توليده فقط. أما فدوى أطاع الله المهندسة المتخصصة في مركز الدراسات المعلوماتية وأنظمة الإعلام والاتصال بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فقد تناولت في مداخلة لها مفهوم الكتابة باعتبارها إعادة ترميز اللغة المنطوقة في شكل خطي وفق نظام متعارف عليه في زمن معين ، ومفهوم وسائط التواصل الجديدة. وقدمت المهندسة فدوى أطاع الله نبذة عن أصول الكتابة الأمازيغية بحروف تيفيناغ التي تعود حسب البحث الأركيولوجي إلى ألف سنة قبل الميلاد ، مستعرضة أصولها من خلال نقائش الفن الصخري والنقائش المزدوجة (حرف تيفيناغ والخط البونيقي القرطاجي) وتطور الكتابة الأمازيغية على ضوء البحث اللساني. وأبرزت تأثر الأمازيغية باللغات التي تعايشت معها خاصة العربية والعبرية واللاتينية، مضيفة انها تعرضت للإقصاء لفترة طويلة بسبب التفاعل مع هذه اللغات الأخرى ومشيرة إلى إدماج الكتابة الأمازيغية في أنظمة تشغيل الحواسيب وفي الحواسيب اللوحية والهواتف الذكية وغيرها. وتحت عنوان «الجماليات المستحيلة»، تحدث الأستاذ سعيد بنكراد المتخصص في اللسانيات عن الفرق بين الوجود المادي واللفظي، وعن الفصل بين الإدراك والتمثل، وعن الشاعرية الحقة في مقابل الكتابة الرقمية.