أودُّ باسم الاتحاد البرلماني الدولي أن أتقدم بصادق التقدير والتهاني النابعة من القلب، للإخوة والزملاء في المجلس الوطني التأسيسي التونسي على نجاحهم في التصديق على الدستور الجديد للجمهورية التونسية، وذلك يوم 27 يناير 2014، ومن خلالهم أهنئ وأحيي الشعب التونسي بكل قواه الحية. أهنؤكم على دستورٍ تم التصديق عليه والتوافق حوله، والذي أخذ بالاعتبار توجهات مختلف الأطراف وتمثل اقتناعات المجتمع التونسي، وهو ما يمثل إنجازا هائلا. وبالتالي دعوني أهنئكم، أنتم أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي وبالخصوص السيد الرئيس الأستاذ مصطفى بنجعفر، إذ عرفتم كيف تستجيبون بحيوية وحماسة لانتظارات الشعب التونسي. وكما تعرفون جيدا، فإن دستورا يضمن الحقوق والحريات التأسيسية، الفردية والجماعية كان لابد منه لتوطيد الأسس المتينة للديمقراطية في بلدكم الكريم. وسيظل يوم 27 يناير 2014 في السجل التاريخي التونسي يوما مطبوعا بإرساء قاعدة متراصة راسخة لبناء دولة حديثة وديمقراطية. إن ضمانة حرية الضمير، والمساواة بين الرجال والنساء، وإرساء دولة مسؤولة عن حماية المستضعفين، لهي من الركائز الديمقراطية المتينة. هذه المبادئ التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من القيم والاقتناعات والتطلعات التي تتبناها منظمتنا، الاتحاد البرلماني الدولي، التي تعتبر تونس أحد أعضائها. ويقتضي المقام أيضا أن أهنأكم بالخصوص لأنكم استطعتم أن تضمنوا في دستوركم الجديد بندا يضمن التمثيلية المتساوية بين الرجال والنساء في البرلمان وفي المؤسسات المنتخبة الأخرى. و لا يسع الاتحاد البرلماني الدولي إلا أن يعبر عن استعداده الكامل لكي يرافقكم بكل الدعم المنشود الذي تعتبرونه ضروريا ومفيدا وأنتم تمضون على طريق تجسيد روح ومقتضيات هذا الدستور ليصبح واقعا ملموسا بالنسبة لجميع المواطنات والمواطنين التونسيين. إن المثال التونسي، سواء على مستوى عمق الأشياء أو على المستوى المنهجي، يمكن أن يكون مفيدا لآخرين. ولهذا أدعو السيد الرئيس مصطفى بنجعفر لكي يقدم، في الدورة 130 للجمعية العمومية للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف خلال شهر مارس المقبل، تجربة إقرار الدستور التونسي الجديد، وذلك أمام 162 برلمانا أعضاء في منظمتنا. مرة أخرى، أجدد التهاني معبرا عن سعادتي واعتزازي بهذه الخطة، وبهذا الحدث، وبتونسالجديدة، وبالتونسيين الأحرار الذين يكتبون صفحة جديدة في تاريخهم المتجه إلى المستقبل. إن مسار الانتقال الديمقراطي صعب ومصيري، ولعل أبرز ما علمنا إياه التاريخ هو انه لا يمكن الاصطدام بإرادة الشعوب، فقد علمتنا تونس أنه « إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر «، وإن المناسبة الحالية التي نتشرف جميعا بحضورها لأصدق دليل على ذلك، فالشعب التونسي أراد الحياة، وإن المصادقة على الدستور هي أولى ثمار إرادته. ولذا أتقدم مرة أخرى بصادق أمنياتي باستكمال هذا المسار وإرساء المؤسسات وإجراء الانتخابات لتمثيل الشعب وإرادته، وذلك لتوطيد أسس الديمقراطية التي يطمح إليها الشعب التونسي العظيم. أحييكم وأشكركم.