إن اعتماد استراتيجية المشروع ضمن أولويات الشأن العام، وتبني برنامج عمل مسطر سلفا، ومبني على أسس متينة ترتكز على التربية و البيئة الاجتماعية، هو ضرورة و مطلب ملح لكل عمل منظم يندرج ضمن قضايا المجتمع، بل قد تفرض المرحلة أن يكون ضمن مبادئ وأسس العمل الناجح ضرورة توفر برنامج عمل ومشروع مؤسسة، كيفما كان هذا العمل : سياسي، تربوي، ثقافي، اجتماعي.... و للتدقيق أكثر، فإن الحياة المدرسية تتطلب التمييز بين أدوار كل من البرنامج و المشروع، كما تحتم وجود برنامج عمل ومشروع مؤسسة قادر على تحقيق الأهداف المسطرة، كتنمية الجانب المؤسساتي، التعاوني، والاجتماعي، الشيء الذي يفرض إشراك كل مكونات الجسم التربوي، وبإسهام الفاعلين والشركاء . فإذا كان البرنامج هو سلسلة من المكونات التي ترتكز على أسس المبادرة، وتخدم أبعاد العمل التشاركي وتراعي البيئة الاجتماعية كأولوية، بالإضافة إلى الجوانب النفسية والتربوية التكوينية الهادفة إلى تنزيل سليم يتلاءم والاحتياجات الضرورية للفئة المستهدفة، فمن اللازم إذن أن يرتكز البرنامج على المجال البيئي، كما يجب أن يخدم النمو العقلي والجانب المهاراتي والمعرفي للطفل. إن تنفيذ البرنامج، تحيينه وأجرأته باستمرار، يفرض اعتماد المنهاج الذي تسير عليه مختلف المكونات على كافة الأصعدة: الفكرية والثقافية والاجتماعية والتربوية لتحقيق الأهداف المرجوة، الغايات و المرامي، مما يجعله يضم في شموليته مجموعة مبادرات قضايا الشأن العام التي تندرج ضمن مسمى التربية المدنية . وإذا كان المشروع التربوي هو الأداة التي تخدم جوانب شخصية الطفل في جانبها الشمولي: وجداني، حركي، تربوي، تعليمي، فالطابع التكاملي لكل من البرنامج والمشروع هو الكفيل بالتنزيل السليم لمشروع المؤسسة وتسطير الخطة الناجحة، فتتطلب عملية الإنجاز تفعيل الأدوار، وإشراك جميع مكونات الحياة المدرسية، مما يجعل المشروع يندرج ضمن الجانب التعاوني المؤسساتي، فهو مسعى مرتبط بفترة زمنية محددة يروم الوصول إلى نتيجة حتمية مرتبطة بقدرة وإمكانية تحقيق الغايات والأهداف الكبرى، لكن نجاحه يفرض تلاحم وانسجام ثلاث مراحل: الإعداد، التنفيذ، الانتهاء . يتضح جليا الفرق بين المفهومين، فالبرنامج يحتوي مجموعة من العناصر والمكونات، ويتطلب تحقيقه تفعيل القدرات، وتجنيد الكفاءات والمهارات، فالعلاقة تكاملية بين البرنامج و المشروع، وإذا تناولنا موضوع الحياة المدرسية فلابد من التأكيد على ارتباطها بعناصر ثلاثة: التربية، البيئة، المعرفة . بالتأكيد فإن الحياة المدرسية مرحلة بناء وتكوين الطاقات، دعم المعارف و السلوكات والمهارات، وتعبئة الموارد البشرية، بصنع نخب وتأهيلها لأجل الانخراط في البيئة الاجتماعية، والعمل على إعادة بناء مجتمع مدني قادر على المساهمة في تسيير قضايا الشأن العام .