بمناسبة الذكرى 65 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وكما دأبت على ذلك كل سنة، أصدرت الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة و المعروفة اختصارا ب"ازطا امازيغ" تقريرا صادما عن أوضاع و تطورات الحقوق اللغوية و الثقافية الامازيغية بالمغرب خلال سنة 2013.و للوقوف على الأوضاع العامة و المجالات الكبرى التي شملها تقرير ازطا, أجرينا الحوار التالي مع الاستاذ جمال متوكل, عضو اللجنة الوطنية لازطا. اصدرتم مؤخرا تصريحا سنويا عن الحقوق اللغوية والثقافية خلال سنة 2013، ما مناسبته ؟ و ماهو تقييمكم للوضع العام لامازيغية بالمغرب؟ بمناسبة الذكرى 65 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واستحضارا للدلالة العميقة التي تُجسدها هذه الذكرى التي تعتبر محطة خالدة في تاريخ البشرية التواقة إلى تحقيق حريتها وانعتاقها وتمتعها بكافة حقوقها اللغوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية بدون تمييز بسبب اللغة أو الثقافة أو الجنس أو الدين أو اللون أو العرق أو الانتماء السياسي أو غيره، فإن الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة وكما دأبت على ذلك كل سنة، ترى أن هذه المحطة تشكل مناسبة لاستعراض أوضاع وتطورات الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية خلال سنة 2013. لذلك و من خلال موقعنا كمنظمة مدنية ديموقراطية مستقلة متخصصة في مواكبة السياسات العمومية في مجال الامازيغية ومن خلال متابعتنا لمختلف الأوضاع العامة المرتبطة بها خلال هذه السنة، فنحن غير راضين على واقع الامازيغية لغة و حضارة وهوية بالمغرب، فبالنسبة لنا مازال مسلسل الانتهاكات و التعثرات والتراجعات مستمرا ،وموقع الامازيغية في الدستور دونيا و متسما باللبس و الغموض, بالاضافة الى ارتباط تفعيل الطابع الرسمي بقانون تنظيمي لم تتضح بوادره بعد، و التلكؤ في اخراجه الى حيز التنفيذ لدرجة انه تم مؤخرا سحب مقترح قانون اعدته ازطا وتم إيداعه لدى لجنة التشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الأولى للبرلمان. ما هي اهم المجالات الكبرى التي لها علاقة بادماج الامازيغية والتي لمستم فيها استمرار مسلسل الانتهاكات و التمييز؟ اولا في مجال الحق في التنظيم وحرية الرأي والتعبير والحق في الشخصية القانونية والحق في محاكمة عادلة, فإننا سجلناأنه وضدا على مقتضيات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة ومقتضيات الفصول 12 و 25 و 29 من الدستور المعدل، فإن الحق في التنظيم والتجمع والتظاهر لا زال عرضة للخروقات حيث لاتزال الجمعيات الأمازيغية، ومنها على سبيل المثال فروع الشبكة الأمازيغية بكل من تنالت، والدار البيضاء ومراكش، وجمعية سوس للكرامة وحقوق الإنسان بأكادير، محرومة من وصل الإيداع القانوني الذي يخوله لهم القانون، رغم استنفادهم للطرق القانونية المقررة، بالمادة 5 من القانون رقم 75/00 بشأن الحريات العامة، وهو ما يشكل مخالفة صريحة لمقتضيات البند 9 من الفقرة (د) من المادة 5 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري. كما أن رئيس الحكومة وكما فعل قبله الوزير الأول السابق يتماطل في إصدار مرسوم المنفعة العامة للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة بالرغم من استنفاد الملف مجمل مساراته الإجرائية منذ سنة 2006 وتواجده بالأمانة العامة للحكومة منذ ما يزيد عن ست سنوات. أما على مستوى التجمعات العمومية والحق في التظاهر، فقد تعرضت عدة حركات احتجاجية للقمع، والاعتقالات ومحاكمات غير عادلة، بكل من أسا العرائش، أزيلال، خنيفرة، ولماس، وايميضر، حركة توادا نيمازيغن، 20 فبرابر والمعطلين. ومازالت قوانين الحريات العامة تسمح بتأسيس الجمعيات على أساس عرقي عائلي، كرابطات الشرفاء، كما أن قانون الأحزاب ما زال يمنع تأسيس الأحزاب على أساس جغرافي جهوي، مما يضرب حرية تبني المواقف السياسية والتعبير عليه. اما فيما يتعلق بالترسانة القانونية المغربية فإنها لم تتم ملاءمتها بعد مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب. حيث لا يزال الأمازيغيون يتعرضون لأبشع أنواع التمييز بسب اللغة والانتماء القومي على مستوى التشريع الجنائي والمدني. وعلى مستوى المساطر الجاري بها العمل بمنظومة العدالة، فإن الأمازيغ مازالوا محرومون من التقاضي بلغتهم الأم أمام المحاكم بسبب الفصل الخامس من القانون رقم 3.64 بتاريخ 26 يناير 1965 المتعلق بتوحيد المحاكم والذي يجعل من اللغة العربية لغة وحيدة للتقاضي، وفي ذلك مساس صارخ بمقتضيات المادة 2 إلى 6 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري والمادة 5 من الدستور المعدل. كما انه وخلافا لما كان منتظرا من ميثاق إصلاح منظومة العدالة في شقه المتعلق بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية فقد تم حصر حقوق المواطن/ة الناطق/ة بالأمازيغية في منظومة العدالة في تواصل المحاكم معه كمتقاض وفق إجراءات يشوبها الخلط والعمومية والغموض. انتهاك آخر سجلنها على مستوى منع تسجيل الأسماء الشخصية الأمازيغية بالرغم من التجاوب النسبي مع بعض الطلبات، حيث أن مساطر الإحالة على اللجنة العليا للحالة المدنية لا تزال تمس بحق الأطفال في اكتساب الأسماء الأمازيغية بسرعة وسلاسة على غرار من اختار آباؤهم أسماء عربية، وقد عمل "أزطا أمازيغ" على الاحتجاج على هذه التعقيدات غير ما مرة، بإصدار بيانات ومراسلة الجهات المعنية, حيث رصد خلال هذه السنة فقط عشر حالات انتهاك ومصادرة الحق في الشخصية القانونية برفض ضباط الحالة المدنية تسجيل الأسماء الشخصية الأمازيغيةبعدة مدن مغربية. ثانيا في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية, فإننا في الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة نعبر عن قلقنا إزاء المؤشرات الحالية على مستوي الحقوق الاقتصادية ( التنمية البشرية، الصحة، التعليم، البطالة، الفقر...) التي تكشف أن المغرب يمر بظرفية صعبة وترسم صورة قاتمة لواقع ومستقبل المغاربة.كما نسجل كذالك استمرار رئاسة الحكومة والمندوبية السامية للمياه والغابات ومديرية الشؤون القروية التابعة لوزارة الداخلية، في خرق حقوق الجماعات السُّلالية الأصلية ذات الصلة بحقها في الانتفاع وتملّك الأراضي التي تعيش منها منذ عدة قرون، عبر اعتماد - خلال سنة 2012 - إعلانات من قِبل المندوبية السامية للمياه والغابات ومراسيم لرئاسة الحكومة المغربية ترمي إلى فتح مسطرة تحديد ما سمي بأملاك الدولة بمختلف جهات المغرب. وما هو تقييمكم لواقع الامازيغية في الاعلام و التعليم ؟ في مجال التعليم نسجل بكل اسف توقيف مسار التدريس بالأمازيغية بالمستوى السادس ابتدائي منذ سنة 2010،واستثنائها في البرامج التعليمية المُوجهة لمغاربة الخارج و التي تشرف عليها مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج . واستمرار عملية التدريس بالأمازيغية بشكل اختزالي وفي غياب للحوامل البيداغوجية للازمة, حيث لا تتجاوز نسبة تغطيتها 5 % من مجموع المدارس الابتدائية بالمغرب، وفي حدود بعض الجهات مع غيابها في التعليم الخصوصي ، وفي ذلك مساس بمقتضيات المادة 13 من الاتفاقية الدولية المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و المادتان 12 و13 من اتفاقية حقوق الطفل، ، علاوة على النسب الضعيفة من الوظائف المخصصة لأساتذة للأمازيغية في مناصب وزارة التربية الوطنية، بالإضافة إلى غياب تكوين واضح ومعمق وكاف للمدرسين، و تعثر التدريس الجامعي للغة الأمازيغية حيث تنتظم في شكل مسالك تابعة لشعب أخرى كالفرنسية مثلا، دون أن تخص لها شعبة قائمة الذات. بل في بعض الكليات (محمد الخامس بالرباط نموذجا) يتم تدريس الأمازيغية بدون إدماج الحرف تيفيناغ مما يطرح السؤال حول مصداقية التكوين ومرجعيته. اما فيما مجال الاعلام,فقد لوحظ ان الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قلصت من حصة البت بالأمازيغية بالقنوات العمومية الناطقة بالعربية واللغات الأجنبية من 30% إلى أقل من 20 % مع استمرار حمل مؤسسات الإعلام الحكومية وتداوله للمصطلحات العنصرية والإقصائية, بالاضافة الى ضعف أداء ومردودية وميزانية القناة الثامنة للأمازيغية، واستمرار المساس بحقوق الصحفيين العاملين بها، بالإضافة إلى الإبقاء على ست ساعات للبث يومي، وعدم اتخاذ أية تدابير للرفع من هذه الحصة تطبيقا لمقررات دفتر تحملاتها لسنة 2012. ماهي الشروط والاجراءات العملية التي ترون في ازطا انها كفيلة بان تبوأ الامازيغية مكانتها الطبيعية في مغرب مابعد دستور 2011؟ طبعا ادماج الامازيغية في جميع المجالات يشكل احدى الرهانات الاساسية من اجل استكمال ورش بناء دولة الحق و القانون بالمغرب ،و ذلك لن يتحقق الا بالتفعيل المستعجل لمقتضيات الفقرات الثالثة والرابعة من الفصل الخامس من الدستور، وذلك بمقاربة تشاركية، وانفتاح على كافة التجارب والكفاءات المهتمة بالموضوع، ونذكر هنا بمقترح مشروع القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الذي أعدته واقترحته جمعيتنا على مختلف النسيج الحكومي والمؤسساتي والحزبي والجمعوي. وكذا تفعيل مقتضيات المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي صادق عليها المغرب بتاريخ 18 دجنبر 1970 . والعمل على تفعيل كل التوصيات والملاحظات الموَجّهة للدولة المغربية من طرف الهيئات الأممية، ومطالبة الدولة المغربية للوفاء بالتزاماتها الدولية ذات الصلة بالممارسات الاتفاقية الخاصة بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتوصيات لجانه الأممية ،بالاضافةالى تنقيح الترسانة القانونية المغربية من كل النصوص التي يستشف منه التمييز وعدم الإنصاف لللأمازيغية والناطقين بها، والعمل على استحضار التنوع اللغوي والتعدد الثقافي بالمغرب في كل السياسات العمومية. الكلمة الأخيرة الأستاذ جمال؟ تحياتي لكم ولمنبركم الصحفي جريدة الاتحاد الاشتراكي على الاستضافة، واتمنى لكم مزيدا من التوفيق في مهمتكم النبيلة.