على هامش الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها الهيئة الوطنية للموثقين يوم 21 نونبر 2013، التقينا بالتهامي الوزاني رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين ليطلعنا على أسباب وملابسات هذه الوقفة، مثلما أخذنا رأي خبير قانوني حول مشروع قانون 88-12 الذي سيخول لوكلاء الأعمال إبرام العقود الثابتة التاريخ, بالإضافة إلى رأي كاتب عمومي، ومستثمرة فرنسية لها مشاريع استثمارية في المغرب وفرنسا. لماذا هذه الوقفة الاحتجاجية والإضراب؟ الوقفة جاءت احتجاجاً على تمرير مشروع قانون 88/12 إلى غرفتي البرلمان,ونحن عارضنا المشروع في كل مراحله ولم نشرك في صياغة أي من جزئياته في مس جائر لدستور 2011 الذي يؤكد على مبدأ الحوار والتشارك. وبعد تعنت الوزارة الوصية وعدم تلبية الوزارة لأي من طلبات الهيئتين: هيئة العدول وهيئة الموثقين أو القبول بالجلوس إلى مائدة الحوار، بعد الوقفة الاحتجاجية الأولى والإضراب الأول في تاريخ الموثقين بالمغرب، فإننا لا نقبل بدخلاء على الأمن التعاقدي ليست لهم لا خبرة ولا مهنية ولا ينتمون إلى النسيج القانوني بالمغرب، إذ لا يتوفرون لا على شهادات عليا في القانون أو تدريب وليسوا حتى من المهن المنظمة، ليتم منحهم الصفة القانونية استناداً فقط على سجلاتهم التجارية، عكس الموثق الملزوم بالحصول على شهادة جامعية في القانون واجتياز سنوات طويلة من التدريب تتخللها امتحانات دورية، وهذا يشكل تمييعاً لمهنة الموثق وضرباً للأمن التعاقدي بالمغرب. والآن هناك إحباط كبير في صفوف الموثقين المتدربين وضياع لحقوقهم، إذ هناك 1200 متدرب ومتدربة ينتظرون اجتياز الامتحان الأخير للحصول على صفة موثق بعد مسار في الدراسات القانونية وسنوات طويلة وشاقة في التدريب الميداني ضمن مكاتب التوثيق واجتيازهم لاختبارات دورية جد صعبة. مثلما هناك عدم تجديد دم المهنة بولوج متدربين جدد مما سيقبر مهنة التوثيق, مع المساس مباشرة بمداخيل مكاتب التوثيق التي تعرف المئات منها أزمة مالية خانقة وخلق أزمة اجتماعية.فهل يعقل لأي طالب أن يسلك اليوم سنينا في الدراسة العليا وسنين أطول في التدريب في التوثيق واجتياز امتحانات، في حين يخول له القانون 88-12 الحصول على جميع امتيازات الموثق وكاتب العدل دون عناء أو شهادات أو مسؤولية أو مراقبة وهو ملزم بالتسجيل التجاري فقط؟ إن في المشروع خلق وضياع لمجهود هيئة الموثقين وعنصر الثقة لدى المواطن للجهة القانونية المخول لها الحفاظ على حقوقه التعاقدية بالخلط بين ذوي الخبرة والمسؤولية مع الدخلاء، كما أنه يشكل رسالة خطيرة من المشرع لإعطاء الشرعية القانونية لمن لا يتوفر على خلفية قانونية، وهو بالتالي مشروع للهدم وليس مشروعاً للإصلاح، وهو ما صرح لي به محامي المفوضية الأوربية في اجتماع بالمغرب، على ضوء ندوة البحر الأبيض المتوسط الذي قال إن: المشرع المغربي خلق قانوناً لخرق القانون، مثلما يشكل المشروع إنهاء للدور الرائد للهيئة الوطنية للموثقين دولياً ومصداقية الأمن التوثيقي بالمغرب خارجياً، ذلك أن المغرب عضو في الهيئة الدولية منذ 1986 ولدينا سمعة محترمة اكتسبها المغرب من دورنا في إقناع الهيئات الدولية العالمية للمستثمرين بقيمة وفعالية نظامنا التوثيقي، ونحظى باعتراف دولي بقيمة وفعالية النظام التوثيقي في المغرب ومضاهاته لأعرق وأفضل النظم كالفرنسي والكندي مثلا، وهو ما جعل كل الجمعيات الدولية تندد بمشروع القانون كالهيئة الدولية للتوثيق والاتحاد الدولي للتوثيق. ومن جهة أخرى، فإن المشروع سيربك عملنا كواجهة قانونية للمغرب ودورنا في الدبلوماسية الموازية وهدم صفة الثقة لدى المستثمر الأجنبي، إيقاف مسلسل الإصلاح وتطوير المهنة، تفعيل مشروع إيداع الموثقين لأموال الزبناء بصندوق الإيداع والتدبير (مع الوزارة الوصية). وكما يعلم الجميع، فإن الغطاء القانوني عامة تسبقه دراية قانونية شاملة، وخاصة بالمجال المهني المعتمد مع المسؤولية المدنية والجنائية، حسب مخاطر المهنة ومزاولتها، حرصاً على السلامة القانونية ومصلحة الجهات المتدخلة. كما أن وزارة المالية ترفضه، لأنه سيسهل التهرب الضريبي والتلاعب وضياع حق الدولة, بالإضافة إلى الخلط بين المتدخلين في تحرير العقود وصعوبة فهم المواطن البسيط لجزئياتها، عدم تكليف وكيل الأعمال بمسوغات التسجيل والتحفيظ ونقل الودائع بين المتعاقدين، مع عدم إرفاقها بالمراقبة الدورية للمنخرطين في نفس القطاع أو مراقبة وزارة المالية، باستثناء مراقبة النيابة العامة. إذن، ما هي الحلول التي تقترحونها؟ منها أولا سحب المشروع نهائياً أو عدم المصادقة عليه تشريعياً مع الاستمرار في مسلسل إصلاح النقط المشار إليها سلفاً، الاستمرار في مسار تشريع قوانين تنظيمية لمهنة التوثيق، القبول بإدماج وكلاء الأعمال مناصفة في هيئتي الموثقين والعدول 60 وكيلا للأعمال، حسب إحصاء وزارة العدل وتصريحات وزير العدل. إننا نود من خلال هذه المبادرة إنهاء الجدل الذي كلف الدولة خسائر مالية كبيرة، جراء إضراب الموثقين والعدول، الإضراب الأول خلف 42 مليون درهم من الخسائر لخزينة الدولة، كما نقترح إعطاء الغطاء القانوني لوكلاء الأعمال، استناداً على نفس المعايير المعتمدة لدى الموثق من تدريب وضرورة حمل شهادات وتحمل المسؤولية المدنية والجنائية تحت مراقبة وزارة المالية والنائب العام وهيئة الموثقين. ما هي الخطوات النضالية التي ستسلكونها في المستقبل؟ التصعيد بالتوقف تماماً وإغلاق المكاتب والتوجه للمحكمة الدستورية، إذ نحن بصدد الدفاع عن حق المواطن وحق الدولة وحق المستثمر الأجنبي، وحقنا الدستوري المكتسب من دستور 2011 الذي ينص على المساواة وعدم الحيف أو التحيز، كما أن القانون جائر بالنسبة للموثقين ويعطي امتيازات لوكلاء الأعمال دون وجه حق أو اتباع مبدأ المساواة. طرق جميع الأبواب وطنية ودولية للحفاظ على مكتسب الأمن التعاقدي بالمغرب. مساندة من طرف جميع الجمعيات والهيئات القضائية بالمغرب وجمعية المنعشين العقاريين بالمغرب.