أعلن عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن الهيئة بصدد إطلاق بحث وطني بالتعاون مع المندوبية السامية للتخطيط للاقتراب أكثر من واقع الرشوة والفساد في المغرب والوقوف عند مكامن القصور في الجهود التي بذلها المغرب حتى الآن في هذا المجال ، ولرصد الانعكاسات الإيجابية لبعض الإجراءات التي تم اتخاذها. وقال أبودرار ، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن جهود محاربة الفساد تحتاج إلى وقت لتعطي نتائج ملموسة، واعتبر أن « قياس هذه الفعالية من عدمها غير ممكن في ظل غياب استراتيجية واضحة الأهداف والوسائل ومبرمجة وفق جدولة زمنية واضحة هي الأخرى». وأضاف أن تفعيل مثل هذه الاستراتيجية سيستفيد بالتأكيد من الإرادة السياسية المتوفرة لدى للدولة، والتي تعكسها عدد من خطب جلالة الملك ، وكذلك مجموعة من التصريحات الحكومية. غير أنه أشار إلى أن هذه الاستراتيجية تبقى رهينة أيضا بانخراط مختلف الأطراف في هذا الورش، موضحا أن مكافحة الفساد عمل جماعي لكل الهيئات والمؤسسات مع التأكيد بشكل خاص على دور القضاء ودور المجتمع المدني في هذا المجال. كما أشار إلى الدور الهام للمواطن في رفض الرشوة واستنكارها والتبليغ عنها، مؤكدا أنه بدون مساهمته (المواطن) لا يمكن لأي خطة في هذا المجال أن تنجح. وردا عن سؤال حول مساهمة الهيئة في هذا الورش المجتمعي المفتوح، اعتبر أبودرار أنه رغم أن الإطار القانوني الحالي للهيئة يكرس محدودية اختصاصاتها ومهامها، فإنها « قامت بتفعيل أهم المهام التي أنيطت بها وبمبادرات أخرى لم ينص عليها المرسوم بشكل صريح»، مشيرا إلى العديد من التوصيات والمقترحات والإجراءات التي تقدمت بها الهيئة إلى الحكومة وإلى مختلف القطاعات والقطاع الخاص والأحزاب السياسية، والتي همت مختلف جوانب مكافحة الفساد والوقاية منه. كما صاغت الهيئة، يضيف أبودرار، عددا من الأرضيات القانونية تتعلق بحماية الشهود والمبلغين وبالولوج إلى المعلومات، ومنع تضارب المصالح، وقدمت آراء وتصورات بخصوص مرسوم الصفقات العمومية، وإصلاح العدالة، والجهوية المتقدمة، وميثاقا أخلاقيا للممارسة السياسية بعد تشخيص وتقييم المشهد السياسي والانتخابي بالمغرب، فضلا عن إحالتها لعدة شكايات على السلطات القضائية و السلطات الإدارية المعنية. من جهة أخرى، قال أبودرار إن هناك تأخرا من قبل الحكومة بخصوص إخراج القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مذكرا بأنه تم إعداد مشروع متكامل في هذا الشأن منذ بداية سنة 2011 انطلاقا من استشعار محدودية المرسوم الحالي، قبل صدور دستور 2011 الذي كرس هذا التوجه وأعطى الهيئة دفعة قوية للعمل على تعزيز فعاليتها. واعتبر أن هذا المشروع كان محط نقاش عمومي واسع بعد المصادقة عليه في الجمع العام للهيئة، بمساهمة فاعلين من المجتمع المدني وخبراء مغاربة ودوليين في مجال مكافحة الفساد، وكذا مواطنين من خلال البوابة الإلكترونية للأمانة العامة للحكومة، وقال إن هذا « المشروع لا يزال بين يدي الحكومة، وننتظر أن تحيله على المؤسسة التشريعية من أجل إخراجه». وأكد عبد السلام أبو درار أن المغرب قطع خطوات هامة في مكافحة الفساد، وأن تجربته أصبحت محل تقدير من المجتمع الدولي وأهم المؤسسات الدولية المعنية بهذه القضية، مشيرا إلى أن المؤتمر الخامس للدول الأطراف (من 24 إلى 29 نونبر الماضي ببنما) شكل مناسبة للإشادة الدولية بهذه الجهود. ويرى أبودرار أن «انخراط المغرب في الدينامية الدولية لمكافحة الفساد أمر لا يمكن التراجع عنه في ظل الإرادة السياسية المعلنة من أعلى سلطة في البلاد».