تشكل السوق الدولية للأسفاروالسياحة»تي تي فارسوفيا»موعدا سنويا لتقصي مقياس حرارة أسواق أروبا الشرقية وأحوالها المالية وكذا تقصي البرمجة السياحية للسنة القادمة في ظل الأزمة الإقتصادية،خاصة أن المعرض الدولي للسياحة بفارسوفيا يعد من أكبرالمعارض ببولونيا وأروبا الشرقية،حيث شاركت فيه أزيد من 64 دولة تتنافس لإنتزاع حصتها من هذه السوق. وقد حضرهذا المعرض الدولي المنظم بفارسوفيا ما بين 28و30نونبر2013،العديد من المهنيين من الفنادق وكالات الأسفار و المآوي السياحية ومنتجي الأسفار من مختلف الدول الرائدة في مجال السياحة. وتتجلى أهمية هذا المعرض الدولي في مشاركة جميع الوجهات السياحية،ومنها الوجهة المغربية التي تراهن على السوق البولونية خاصة وعلى أسواق أروبا الشرقية:التشيك والنمسا وهنغاريا ورومانيا وسلوفينيا وبلغاريا وبلدان البلقان. لذلك عزز المكتب الوطني المغربي للسياحة سياسة التسويق والدعاية للمنتوج السياحي بقوة في هذه الأسواق من خلال مشاركته المكثفة في المعارض المقامة ببولونيا من جهة وفتح مندوبية جديدة للسياحة بفارسوفيا من جهة ثانية يشرف عليها المندوب السياحي خالد ميمي،بعد قناعته بكون هذه السوق واعدة بالنسبة للمغرب عامة ولوجهة أكَادير خاصة التي حطمت هذه السنة رقما قياسيا في عدد السياح البولونين بأزيد من 32 ألف سياح. هذا وتنتظرالوجهة السياحية المغربية،بعد توقيع إتفاقيات عديدة مع وكالات الأسفار البولونية من بينها»إيتاكا»توافد السياح البولونيين من عدة مدن في الفصول الباردة على أكَاديرومدن أخرى علما أن الوجهة المغربية تتميزعن غيرها بخصائص ثقافية غنية وبمجالات مختلفة وفضاءات متنوعة:الشواطئ،الجبال،الصحاري وغيرها من المؤهلات التي تمكن السياحة المغربية من تلبية حاجيات السياح البولونيين بعروض مناسبة. ولا أدل على ذلك هو أن وتيرة توافد السياح البولونيين على المغرب في السنوات الأخيرة إيجابية جدا،حيث سجلت الإحصائيات لتسعة الأشهر الأخيرة من سنة 2013،زيادة بنسبة 09 في المائة،وهذا ما جعلنا نراهن على هذه السوق لكي ننال منها حصة أكبرمن عدد السياح في المستقبل،يصرح مسؤول بالمكتب الوطني المغربي للسياحة. ولهذا السبب خاض المهنيون المغاربة مشاورات مع ممثلي كبريات وكالات الأسفار ببولونيا وباقي دول أروبا الشرقية لبرمجة رحلات سياحية مباشرة من بولونيا إلى المغرب عبر»شارتر»كحل مؤقت لمعضلة انعدام وجود خطوط جوية قارة وثابتة ومباشرة بين البلدين،في انتظارأن يوفرالمغرب أسطولا جويا مباشرا لنقل السياح من مدن دول أروبا الشرقية وروسيا من موسكو وسانت بترسبورغ إلى الوجهات السياحية المغربية. لكن وبالرغم من هذه المجهودات المبذولة فسياسة المكتب الوطني المغربي للسياحة نحو لربح رهان هذه الأسواق لن تعطي أكلها بالشكل المنتظر،مالم يتم دعم مندوبية السياحة المغربية بفارسوفيا بالموارد المالية والبشرية الكافية لأنه يصعب عليها تغطية سبع دول لوحدها بعد إغلاق المندوبية السابقة بفيينا تحت مبررات قلة توافد السياح النمساويين على المغرب في السنوات الأخيرة،خلافا للسياحة البولونية التي سجلت ارتفاعا في عدد الوافدين على وجهة أكَادير. كما أن العمل لن يعطي ثماره أكثر،مالم تدعم الدولة الخطوط الملكية المغربية الجوية بتوفيرطائرات إضافية لكي حتى تكثف من رحلاتها المباشرة لنقل السياح من عواصم ومدن دول أروبا الشرقية إلى المغرب،لتقليص تعب الرحلة بربح الزمن بأربع أو خمس ساعات عوض عشرساعات وأكثرمن جهة وتشجيع السياح على الإقبال على الوجهات السياحية المغربية عبرتقديم تذاكرالطائرة والخدمات الفندقية بأثمنة مناسبة من جهة ثانية. فلابد إذن لربح رهان انتزاع حصة كبيرة من سياح هذه البلدان بالإعتماد طبعا على التسويق المكثف للمنتوج السياحي المغربي عبر المشاركة في المعارض الدولية والدعاية الإعلامية المختلفة،وإقامة خطوط جوية مباشرة،وتقديم المنتوج في جودة عالية،ومنح عروض تفضيلية لوكلاء ومبرمجي الأسفاربدول أروبا الشرقية... وهذا ما تفعله العديد من الدول المنافسة لنا والمهيمنة على السوق البولونية مثلا،حيث تسجل الإحصائيات أن مصرتحتل المرتبة الأولى كوجهة سياحية للبولونيين ب450 ألف سائح في السنة متبوعة بتركيا ب300 ألف سائح وتونس ب160 ألف سائح،في الوقت الذي بقي المغرب بعيدا عن الوصول إلى ثلث هذه الأرقام الأمرالذي يتطلب منه في ظل التنافسية الشديدة بذل مجهودات كبيرة على مستوى التسويق والدعاية والطيران. من جهة أخرى بصمت وكالات الأسفاروالوحدات الفندقية بأكَاديرعلى حضورقوي في المعرض الدولي للسياحة المنظم بعاصمة بولونيا»فارسوفيا»في الفترة الممتدة ما بين 28 و30 نونبر 2013،هذا في الوقت الذي غابت فيها عدة جهات سياحية بالمملكة برواق المغرب الذي نظمته مندوبية المكتب الوطني المغربي للسياحة ببولونيا والمجلس الجهوي للسياحة بأكَاديروجهة سوس ماسة درعة. ومرد هذا الحضوربالمعرض الدولي،هو كون مدينة أكَادير تعتبرمن بين الوجهات السياحية لدول الشمال وأروبا الشرقية وخاصة في فصل الخريف والشتاء المتسمين عادة بالبرودة والصقيع في هذه الدول،لذلك يختار السياح البولونيون كغيرهم من سياح دول الشمال التوجه إلى أكَادير لما تتميزبمناخها المعتدل وبحرارتها التي تتراوح ما بين 22 و23 درجة،لهذه الأسباب تتهافت وكالات الأسفارالبولونية على رواق المغرب لإبرام عقود واتفاقيات بينها وبين المهنيين المغاربة سواء في هذا المعرض الدولي أوقبله. لكن المهم من كل هذا،يقول صلاح الدين بنحمان رئيس المجلس الجهوي للسياحة بأكَاديروجهة سوس ماسة درعة،هوعلينا أن نوفرلهذه الأسواق السياحية سواء من ببولونيا أو التشيك أوروسيا المنتوج السياحي الذي يبحثون عنه ويتماشى مع رغباتهم طوال السنة،ونعتقد أنه موجود بأكَادير،من خلال طقسها المعتدل والجميل ومنتوجها السياحي ذي الجودة العالية. وإذا كانت جهتنا حاضرة بقوة في رواق المغرب بالمعرض الدولي،يضيف بنحمان، فلأننا ركزنا على هذه السوق وبقية أسواق أروبا الشرقية التي عرفت نقلة نوعية في مجال التسويق بفعل الإنفتاح الإقتصادي الذي تميزت في العشرين سنة الأخيرة بعد انهيار جدار برلين،وتفكك الإتحاد السوفياتي وهيمنة النظام الليبرالي والرأسمالي على اقتصادها مما جعلها اليوم أكثرانفتاحا على المستوى السياسي والإقتصادي والثقافي أيضا،الأمر الذي جعل سكانها متعطشين للسفر والسياحة ببلدان عديدة ومنها المغرب مثلا،لهذا نشارك اليوم في هذا المعرض لإنتزاع حصتنا من هذه السوق الواعدة. والدليل على ذلك هوأن عدة دول سياحية رائدة وفتية في الصناعة السياحية تتهافت على هذه السوق لإنتزاع حصتها وإبرام اتفاقيات على مع وكالات الأسفارالبولونية،لهذا بادرنا منذ شهرتقريبا إلى إبرام اتفاقية بأكَاديرمع كبريات وكالات الأسفار البولونية»إيتاكا»من أجل مضاعفة عدد السياح المتجهين إلى أكَاديروجهة سوس ماسة درعة. خاصة أننا عانينا منذ سنوات من تراجع ملحوظ في عدد السياح وهذا مرده إلى العياء الذي أصاب الأسواق التقليدية بأروبا الغربية بسبب الأزمة الإقتصادية التي عصفت بها ومع ذلك فقد استطعنا بشكل تدريجي استرجاع هذه الأسواق مما جعلنا نحقق في اكتوبر الماضي تطورا بنسبة 10 في المائة،وهذا مؤشر إيجابي يحثنا على مضاعفة العمل والجهود للظفربعدة أسواق أخرى منها أسواق أروبا الشرقية التي تعرف اليوم منافسة شديدة من قبل الدول الرائدة في المجال السياحي . بيد أن مضاعفة الجهود تقتضي،يؤكد بنحمان،تستلزم توفر شروط أساسية منها على الخصوص الرفع من درجة التسويق والدعاية والإشهار للسياحة المغربية بالخارج، وتوفيرأسطول جوي ذي خطوط مباشرة تربط بين أكَاديرومدن الدول الإسكندنافية ودول أروبا الشرقية،خاصة أننا نعتمد في البداية على عمل النقل الجوي ل»شارتر»لكن عندما يعرف سياح أروبا الشرقية جودة المنتوج المغربي علينا أن نعمل على المحافظة على هذه السوق حتى لاتضيع منا بتوفيرنقل جوي مباشر. وأعطى مثالا بالسوق الألمانية التي كدنا نضيعها لكون السائح الألماني يتوفرعلى قدرة شرائية عالية وعلى ثقافة السفر،ولديه إمكانيات عديدة للبحث عن الجودة في كل شيء بالعديد من البلدان المنافسة التي لانستطيع اليوم مجاراتها سواء في الثمن أوفي الجودة العالية ومنها على سبيل المثال إسبانيا وتركيا مما جعلنا اليوم غيرقادرين على المنافسة من ناحية الجودة العالية التي يبحث عنها السائح الألماني. هذا زيادة على كون أكَادير،فقدت رتبتها كوجهة أولى للسياح الألمان بالمغرب بعد أن ظهرت في العقد الأخيروجهات سياحية أخرى منافسة لأكَاديرفي هذه السوق بالضبط كمراكش وورزازات وزاكَورة. هذا ومن جهة أخرى اعتبرعمر بوتهراي»مديرفندق الأمويين بأكَادير»حضورالمهنيين المغاربة في هذا المعرض هومن أجل ترتيب المواعيد مع شركائنا من وكالات الأسفار البولونية ومناقشة السنة السياحية لسنة 2014،لمعرفة ما إذا كان هناك تأثير للأزمة المالية العالمية على هذه السوق،وبالتالي فالمعرض الدولي للسياحة ببولونيا بمثابة فحص حقيقي لحرارة السوق السياحية ومقياس لمدى تأثير الأزمة المالية على أسواق أروبا الشرقية. وتبقى أهم الملاحظات التي سجلناها في هذا المعرض،هوأن تغييرموعد تنظيمه أثركثيرا على العديد من البلدان الرائدة في مجال السياحة كالولايات المتحدةالأمريكية والدول الإفريقية التي بقيت أروقتها فارغة عكس المعارض الدولية للسياحة المنظمة ببرلين ولندن وموسكو،زيادة على اشتداد المنافسة على أسواق أوربا الشرقية من قبل عدة دول رائدة في المجال السياحي كتركيا ومصروإيطاليا إضافة إلى المغرب... كما سجل المعرض الدولي للسياحة المنظم بفارسوفيا حضورإيران والجزائر في هذا المعرض الدولي يؤشرعلى أن الصناعة السياحية أصبحت من صلب اهتمام هاتين الدولتين بالرغم من كون هذا الإهتمام جاءت متأخرا ويحتاج إلى عقود من الزمن،اللهم إذا كان هناك تعاون في مجال التجربة السياحية والمهنية في الفندقة والطبخ والتسيير من طرف دول أخرى،فمثلا الجزائرتطورها السياحي رهين بالإنفتاح على المغرب على كافة المستويات للإستفادة من تجربته الطويلة في هذا المجال. وتميزالرواق المغربي بفارسوفيا والمجاور للرواق الجزائري ولرواق إسرائيل عرف على امتداد أيام المعرض إقبالا شديدا من طرف وكالات الأسفارالبولونية بفعل دينامية مندوب المكتب الوطني المغربي للسياحة ببولونيا خالد ميمي وأعضاء وفد المجلس الجهوي للسياحة بأكَاديروالجهة»بنحمان،بوتهراي،الماعوني وسلمى ودليلة،وممثلي وكالات الأسفاربأكَادير. وكذلك بفضل الدعاية المستمرة من خلال تقديم الشروحات لوكالات الأسفارالبولونية وتوزيع المطبوعات والكتب والمجلات السياحية والأقراص المدمجة التي تتضمن جميعها أهم مكونات المنتوج السياحي بالمدينة والجهة كالمنتوجات المحلية(الزعفران،زيت الأركَان)اللباس والحلي وفضاءات الفنادق وفضاء مختلف الرياضات المائية والفن والموسيقى(الفولكلور)والمآثرالتاريخية والطبخ المغربي والشواطئ والمناظرالطبيعية...