عاشت مدينة طنجة مساء أول أمس أوقاتا عصيبة، كادت فيها الأمور أن تخرج عن السيطرة، بعد أن نظم المئات من المهاجرين من جنوب الصحراء مسيرة احتجاجية انطلقت من منطقة بوخالف، قرب كلية الحقوق، في اتجاه وسط المدينة، حاملين جثة زميل لهم من جنسية كاميرونية، لقي مصرعه بعد سقوطه من الطابق الرابع بالإقامة التي يقطنها. المسيرة الاحتجاجية سرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة، نتج عنها إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف عناصر القوات العمومية وتكسير بعض السيارات، بسبب إصرار المحتجين على الدخول إلى وسط المدينة في موكب جنائزي، مدججين بالعصي و السكاكين، متوعدين بالقصاص من رجال الأمن الذين يتهمونهم بالوقوف وراء الحادث على إثر تدخل أمني بحي بوخالف لإيقاف المهاجرين المتواجدين بالمدينة في وضعية غير قانونية. المواجهات استمرت لأزيد من ثلاث ساعات ولم تتوقف إلا بعد أن حل وفد مكون من نائب الوكيل العام باستئنافية طنجة، ورئيسة اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والطبيب المسؤول عن المكتب البلدي للصحة وبعض المسؤولين الحقوقيين، حيث تم الدخول في مفاوضات مع المحتجين أسفرت عن قبولهم تسليم الجثة للسلطات العمومية قصد إخضاعها للتشريح، على أن يرافقها بعض من زملاء الهالك، كما تم الالتزام بفتح تحقيق قضائي لتحديد ملابسات الحادث. وفيما يتمسك المهاجرون الأفارقة برواية تورط رجال الأمن في الحادث، عممت وكالة المغرب العربي للأنباء تصريحا لمصدر مسؤول بولاية طنجة يفيد فيه أن الأحداث اندلعت بعد أن اعترض المهاجرون غير الشرعيين عملية نقل جثة كانت ملقاة على قارعة الطريق، حيث حاول المحتجون استغلال هذا الحادث من أجل تنظيم مسيرة على شكل موكب جنائزي. مصادر متطابقة أكدت في تصريح للجريدة أن رواية المهاجرين الأفارقة لا تستند إلى أي دلائل دامغة، وأنها لا تعدو أن تكون محاولات للركوب على الحادث بهدف إرغام السلطات العمومية على إيقاف عمليات إيقافهم وترحيلهم إلى خارج الحدود المغربية، مضيفة أن القوات العمومية تحرص في جميع تدخلاتها على الاحترام التام للقانون الجاري به العمل والتقيد بجميع المواثيق الدولية المعمول بها في مجال الهجرة غير الشرعية، مرجحة أن يكون السبب الحقيقي وراء مصرع الهالك محاولة هربه من شقته الواقعة في الطابق الرابع بعد ورود معلومات تفيد بقرب وصول القوات العمومية للقيام بحملة تمشيطية بحثا عن المهاجرين غير الشرعيين، مشددة على أن مثل هاته الأحداث ستتكرر في غياب استراتيجية واضحة لمعالجة هذا المشكل الذي أصبح يشكل ضغطا قويا على معنويات المسؤولين الأمنيين. وختمت المصادر تصريحها بضرورة انتظار نتائج التحقيق القضائي الذي يجري تحت إشراف مباشر للوكيل العام باستئنافية طنجة.