بعد عشرة أعوام على سقوط نظام صدام حسين، اعترفت الحكومة العراقية، أخيراً، بالشاعر العراقي مظفر النواب «معارضاً سياسيّاً» خلال فترة حكم حزب البعث، حين قررت «احتساب فترة نفيه من العراق حتى عام 2003، خدمة مدنية بوصفه مفصولاً سياسياً». وقررت الحكومة، بحسب بيان حصلت، «احتساب خدمة الشاعر مظفر النواب من تاريخ مغادرته العراق إلى 9 أبريل 2003، فترة فصلٍ سياسيٍّ يستحق بموجبها الامتيازات التي نص عليها القانون، وإحالته على التقاعد». ومن المفترض وفق القرار، أن تعاد للنواب حقوقه التقاعدية منذ غادر العراق، ويرى الوسط الثقافي العراقي، إنها خطوة «جيدة»، لكنها متأخرة للغاية، فيما يخشى أن تكون جزءاً من سلسلة إجراءات حكومية تتخذ في مواسم الانتخابات. وطالما دعا الوسط الثقافي العراقي المؤسسة الحكومية إلى تشريعات تهدف إلى حماية المثقفين، ومنذ سنوات يدعو أدباء عراقيون النواب لتكريمه، نظراً إلى المنجز الأدبي والسياسي الذي قدمه للبلاد. ولم يظهر النواب طيلة السنوات الماضية مطالباً أي جهة حكومية بالحقوق التقاعدية، وكان المقربون منه يشددون على أنه »لم يقم بمناشدة أحد لمساعدته، خصوصاً في فترة مرضه العصيبة التي ألمت به قبل فترة«، مشددين على أن »إشارات من هذا النوع تسيء إلى قامة ثقافية بحجم النوّاب». وزار مظفر النواب بغداد، في عام 2011، ولم تقم الحكومة العراقية باستقباله، ولم يحظ سوى بحفاوة لافتة من رئيس الجمهورية جلال طالباني، وعدد من المسؤولين، خصوصاً الذين ينتمون إلى مدينة الكاظمية في بغداد، وهي مسقط رأس الشاعر، والمكان الذي نشأت فيه عائلته. وقالت مصادر حكومية، إن «رئيس الحكومة تعرض لضغوط كبيرة لوقف إهمال الشاعر النواب، حتى أن بعضهم طالبه بالاعتذار إليه». وسبق لعلي الشلاه، وهو قيادي في حزب الدعوة الإسلامية وعضو في لجنة الثقافة البرلمانية، أن نقل عن المالكي إنه «يخص النواب بترحيب في حال قرر العودة إلى البلاد». وغادر النواب بغداد عام 1963 بعد اشتداد التنافس بين الشيوعيين والبعثيين، فكان هروبه إلى الأحواز عن طريق البصرة لكن الاستخبارات الإيرانية آنذاك اعتقلته وسلمته إلى الأمن السياسي العراقي وهو في طريقه إلى روسيا، فحكمت عليه المحكمة العسكرية بالإعدام، ومن ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد، لكنه تمكن من الهرب مجدداً من السجن ليغادر العراق نهائياً عام 1969 إلى بيروت.