حين ابتكرت فكرة إنشاء أسواق نموذجية كوسيلة للحد والقضاء على الباعة الجائلين، اعتقد المتتبعون للشأن المحلي بمدينة الدار البيضاء أنها فكرة متميزة، وأن مبتكرها ذو أفكار «عبقرية» إلى أبعد الحدود، ومع مرور الشهور والسنوات تأكد للجميع وبما لا يدع مجالا للشك، أنها فعلا فكرة «واعرة» ، لكن في الاتجاه المعاكس ، لأنها أفضت إلى نتيجة معاكسة للحد من الظاهرة، حيث ساهمت إلى تفريخ باعة جائلين جدد. الأمثلة كثيرة ومتعددة منتشرة عبر تراب مقاطعات الدارالبيضاء. وتبقى مقاطعة عين الشق نموذجا في هذا الإطار. فقد تم استغلال هذا المشروع من طرف الشركة التي رسا عليها ، والتي رسخت نتائج سلبية بشأن هذه التجربة، حيث كانت هي الوحيدة المستفيدة من مداخيل هذه الأسواق، لأن الباعة الجائلين تزايدوا وتكاثروا رغم وجود ثلاثة أسواق من هذا النوع : إثنان منها يعيشان على وقع المشاكل المتراكمة (سوق ياسمينة سوق شريفة) وآخر منعته المشاكل حتى من فتح أبوابه وقطع شريط انطلاقته، نتيجة ما اتصف به مسؤولو الشركة وبعض المنتخبين آنذاك من «حكامة رشيدة» في الاتجاه المعاكس، أدت إلى توفير توصيل محل تجاري واحد لأكثر من مستفيد ومستفيدة. هذا ناهيك عن «الخروقات» التي يعرفها السوقان الآخران ( ياسمينة شريفة) عن طريق تكرار «التنازلات» خاصة في سوق ياسمينة بشارع أمكالة قبالة مقر استوديوهات الإذاعة والتلفزة بعين الشق ، يقول بعض القريبين من الملف. ونظرا لخطورة الأوضاع التي باتت تهدد التجار والحرفيين بهذين السوقين، فقد استطاع التجار بكل سوق منهما تكوين جمعية والدخول في معارك كبيرة مع المسؤولين بالشركة لوقف نزيف الإختلالات والتحايلات على العديد من التجار، أغلبهم كان ضحية تلاعبات ظاهرة للعيان أصبح معرضا للضياع، بل منهم من أعادته هذه السلوكات إلى عربته ودابته وركنها في زاوية أو وسط طريق أو قرب مسجد أو مؤسسة عمومية .وهي حالات ليست بالقليلة . والغريب في الأمر أن بعض المسؤولين عن هذه السوق يستغلون عملية التنازل السهلة المنال ليبيعون عبرها المحل التجاري لأكثر من مستفيد ويطعنون في أحدها بأنه مزور ! بعض هذه الحالات وصلت إلى القضاء، كما أحيل بعضها على الشرطة القضائية التابعة للمنطقة الأمنية عين الشق لتعميق البحث في النازلة المعروضة أمامها. إلا أن ما يدعو إلى الاستغراب، يقول بعض التجار المتضررين ، هو أن يتحول مرفق عمومي بهذا السوق ( إدارته) إلى محل للجزارة فوت بسومة كرائية جد مرتفعة سبق للجريدة أن تطرقت لهذا الموضوع في حينه وامتنعت المصالح الاقتصادية بمقاطعة عين الشق عن تسليم هذه الرخصة ليأتي صاحب هذا المحل وبمساعدة الشركة في شخص أحد مسؤوليها ، برخصة من دار الخدمات موقعة من طرف نائب الرئيس لتتدخل جمعية تجار وحرفيي السوق النموذجي ياسمينة وتراسل السلطات المحلية الإقليمية في شخص عامل المقاطعة وقائد الملحقة الإدارية شريفة ورئيس الجماعة الحضرية بالدار البيضاء ورئيس مقاطعة عين الشق تعترض على هذا الخرق السافر للقانون وتطعن في الرخصة التي منحت لأحد الجزارين ، لتتحول إدارة السوق إلى محل للجزارة، وهو ما اعتبرته الجمعية، خرقا للقانون متسائلة بأي حق أو سند قانوني منحت له هذه الرخصة من أجل استغلال الإدارة كمحل تجاري إذ هي مرفق عمومي بهذا السوق ؟! وقد سبق للعاملة السابقة لعين الشق « فوزية أمنصار » أن أغلقتها بتاريخ 20/09/2009 . كما تم ترقيم هذه الإدارة برقم غير موجود ومخالف للترقيم العادي للسوق، والتمست الجمعية سحب هذه الرخصة وإرجاع الإدارة للسوق ، لكن لاشيء تغير، رغم توصل الجمعية من نائب رئيس الجماعة الحضرية بالدار البيضاء بمراسلة حول إلغاء هذا الترخيص ،وجاء في هذه المراسلة تتوفر الجريدة على نسخة منها ، « يؤسفني أن أخبركم بأنه تم إلغاء التصريح بالنشاط التجاري الذي يحمل الرقم 131-2012 ، والذي يخص المحل التجاري الكائن بالسوق النموذجي ياسمينة لمهنة الجزارة حيث أن المحل المذكور يحتضن أحد المرافق الإدارية المتعلقة بتدبير هذا السوق النموذجي ». إلغاء هذا الترخيص لم يحرك شيئا في الواقع المعيش ، فالمحل مازال مفتوحا يمارس الجزارة أحب من أحب وكره من كره، وباقي الأمور مجرد فصل من فصول مسرحية عنوانها « مهزلة التسيير»! أغرب من هذا وذاك راسلت الجماعة الحضرية بالدار البيضاء ممثل الشركةالمعنية في إرسالية تحت عدد 256-2012 مرجع إرساليتي 3272 بتاريخ 07 يونيو 2006 - تؤكد أنه بناء على مقتضيات الاتفاقيات المبرمة بين الشركة وبين الجماعة الحضرية لعين الشق سابقا والتي حلت محلها الجماعة الحضرية للدارالبيضاء والمتعلقة باستغلال بقع أرضية ( أملاك جماعية أو للدولة) من أجل إقامة أسواق نموذجية وخاصة الفصل العاشر منها وتشعره أن هاته الاتفاقيات سينتهي بها العمل بتاريخ 29/05/2012 . بالنسبة للأسواق ياسمينة وشريفة وبتاريخ 18/08/2012 ، بالنسبة لسوق بغداد، وهو السوق الذي لم يكتب له أن يفتح أبوابه إلى الآن. كما طالبته الجماعة الحضرية للدار البيضاء بتسوية وضعية الشركة الجبائية إزاء الجماعة ورغم مرور هذا التاريخ وانتهاء آجال الاتفاقية مازال ممثلو هذه الشركة مستمرين في تصرفاتهم وسلوكاتهم المعروفة ، حسب ما صرح به رئيس جمعية تجار وحرفيي السوق النموذجي ياسمينة، ضاربين عرض الحائط بكل القوانين وفي غياب تام لأي مراقبة من مسؤولي السلطات المحلية والمنتخبين، مضيفا أنه راسل رئيس الجماعة الحضرية للدار البيضاء في إرسالية عدد 572/2012 ، يطلب منه عدم تجديد العقدة مع أي شركة أو مؤسسة سوى الجماعة نفسها ،وذلك نظرا للخروقات التي تسببت فيها شركة مما جعل السوق في حلة مزرية لعدم احترامها الاتفاقيات السابقة ولأنها أصبحت غير مؤهلة للتسيير، حيث انعدام الماء الصالح للشرب وغياب شبه تام للإنارة وانعدام الأمن وتدهور المرافق الصحية بشكل كبير وانتشار الأسلاك بطريقة عشوائية أصبح يشكل خطرا على التجار والمتسوقين، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية والتي لا تتلاءم، مع التهديد قبل الإصلاح بغرامة مالية قدرها 7000 درهم، وطالبت الجمعية الوالي الجديد لجهة الدار البيضاء، بالالتفات إلى ملفات الأسواق النموذجية وتعيين لجان محاسباتية للوقوف على حجم الأموال الطائلة التي تمت الاستفادة منها دون الوصول إلى أسواق نموذجية بالمعنى الحقيقي للكلمة.